تعرف مدينة الرباط، مجددا، إعادة انتخاب عضو بمجلس النواب عن دائرة المحيط، وذلك بعد اتخاذ القرار من الجهات المختصة وتحديد بداية شتنبر لإجراء الاقتراع، وتأتي هذه الانتخابات الجزئية بعد مرور منتصف الولاية التشريعية وهيمنة تحالف ثلاثي على الحياة السياسية ببلادنا، وتوزيعه المؤسسات المنتخبة من حكومة وجماعات محلية وترابية وحتى مهنية حتى لنكاد نؤسس لمنطق طائفي مبني ومؤسس  على حسابات غير واضحة، ورغم ما أنتجه هذا التحالف الطائفي الثلاثي من مآس سارت بذكرها الركبان، بعد أن  أقال القضاء العديد من برلمانييه ومنتخبيه بل ورموزه على صلة بملفات خادشة للحياء السياسي والوطني وماسة بحرمة المؤسسات، ورغم ضخامة الملفات التي اخترقت عبر مافيات منظمة حقول الرياضة والسياسة والحياة الاجتماعية وحتى تقمص دور فاعلي الخير …كل هذا الذي صار في البال لم يدفع هذا التحالف إلى أي مراجعة، ورغم البراكين أسفل قدميه، لم يغير من طريقة اختيار منتخبيه ولا حتى إصدار بيان من جملة واحدة قصد تغيير مسار وطرق العمل، لأن حقلا سياسيا مغربيا يؤسس وينشد مستقبلا آخر خارج وتيرة عمل الحكومة وتصوراتها !
سيكون الاستحقاق القادم مادة دسمة وبليغة في طريقة تدبير  العملية الانتخابية، وهي تقنيا من اختصاص وزارة الداخلية، ولكن الجزء السياسي وحتى البعد الأخلاقي هو من اختصاص الأحزاب التي ستكون معنية باختيار المرشحين للفوز بالمقعد، رجالا ونساء، وستكون أيضا فرصة للوقوف على مدى وجود خطاب سياسي للأغلبية، وهل سيكون لها مرجع وسند أم الاعتماد على الأساليب البالية وحتى غير المقبولة تكريسا لغياب أي تصور حقيقي يجمع أغلبية خارج منطق «قسم» !؟
أهمية هذه الانتخابات الجزئية تأتي أيضا من كونها تجرى في العاصمة الإدارية للمملكة التي عرفت حربا ضروسا بين مكونات نفس الأغلبية وصلت حد توقيف شرايين العاصمة عن العمل، ولمدة طويلة، فرضت تدخل الجهات الوصية للخروج من حالة «بلوكاج» حقيقي .
المنتظر هو سلوك الأغلبية ترشيحا وممارسة انتخابية وسماع برنامج أغلبي «تتطاوس» به الحكومة في الإعلام وفي البرلمان وعبر قرارات تفقير المغاربة، وهنا الشجاعة أن تدافع الحكومة عن قراراتها وبرامجها وحصيلتها لا أن تلجأ إلى أساليب أخرى .
فعلا، هي مناسبة جيدة جدا للباحثين والمحللين والمراقبين وحتى حماية المستهلك لمعرفة مدى انسجام خطاب الحكومة مع ممارستها !