من العاصمة.. «شناقة» الصيف
محمد الطالبي talbipress@gmail.com
كشف فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة القياسي تهجيرا قسريا لعشرات الآلاف من المغاربة نحو المناطق الساحلية هربا من لهيبه الحارق منضافا إلى قائمة المناسبات التي تلهب بسياطها المواطن المغربي بسبب الغلاء الكبير في المناطق المرغوب فيها، خاصة الشواطئ، فرغم مئات الكيلومترات منها بين المتوسط والمحيط الأطلسي، إلا أن أغلبها يفتقر للتهيئة، فلا استثمارات فيها ولا فنادق ولا بنية تحتية، بل إن بعضها بعيد حتى عن طرق المواصلات بكل أنواعها، ولتبقى المناطق القليلة سواء في الجنوب أو الشمال تحت رحمة «شناقة» الصيف، وتنطلق الحكاية من كراء الشقق، والتي تصل أرقاما تتجاوز أثمنة بعض الفنادق في عدد من المناطق، والعرض والطلب سيد الموقف، في غياب وزارة السياحة وفي غياب الحكومة رغم مئات الملايير التي وضعت رهن إشارة القطاع وتفويتات الأراضي والتسهيلات الضريبية، بل حتى الدعم المخصص لكورونا لم يشفع للمغاربة ليكونوا ركنا من أركان السياحة الداخلية وأضحوا يعتبرونها أغلى من دول أوروبا وأقل جودة منها.
بعد السكن تنطلق عمليات رفع أسعار المواد الموجهة للتغذية ومضاعفة الأسعار في المحلات الخاصة بتوفير وجبات الطعام، وجميع الخدمات، بالإضافة إلى الازدحام الشديد مما يجعل العطلة جحيما حتى لمن استطاع إليها سبيلا .
ولأن ما قلناه تحصيل حاصل ويعرفه الجميع فهذا التهجير القسري للمغاربة منبعه وأصله يعود إلى أن أغلب المدن وحتى خارج الإجهاد المائي لم توفر لا مسبح ولا منتجع ولا تسهيلات ولا أي شيء لملايين الشباب الذين لا يوجدون داخل أية استراتيجية بما يعني، مرة أخرى، أن قطاع السياحة وجب أن يخضع للمحاسبة، فحجم الملايير والاستثمارات التي نسمع عنها كأرقام مخيفة ربما تكفي لإسكان ملايين المغاربة، ويبقى السؤال العريض: لماذا لا تتسع المشاريع السياحية للمغاربة سواء المقيمين هنا أو مغاربة العالم، والفنادق الفخمة التي تمتص المال العام لا نعرف لمن توجه ومن هم الزبناء الذين يصرف عليهم فقراء المغاربة أموالهم ؟
إننا أمام معادلة صعبة، فأموال دافعي الضرائب تصرف في مجالات لا تعود بالنفع على العموم أو على الأقل أغلب العموم .
أتحدى كل القطاعات الحكومية أن تعلن في الناس أي مجهود بذلت وأي فرصة خصصت للشباب والشابات من أجل الترفيه بشروط معقولة وممكنة لأن لا مجال للحديث هنا عن التناسب .
ونحن هنا لا بد من أن نذكر الولاة والعمال الذين يسيرون السواحل بأن مخيمات كانت يوما تشمل سعتها عشرات الآلاف من المواطنين وكانت فضاءات مؤقتة للترفيه وموردا ماليا للجماعات لكنها صارت اليوم في حكم الماضي الجميل، ولم يعد لها ذكر ولا أثر.
إن الوضع اليوم يتطلب الحديث عن مقتضيات الدستور الذي جاء بالمساواة والعدالة، فأي عدالة تقدمها الحكومة وهي تقصي ملايين المغاربة من الحق في لحظات من الشمس ورش أجسادهم بقطرات ماء أضحت صعبة خارج المياه المالحة !
الكاتب : محمد الطالبي talbipress@gmail.com - بتاريخ : 17/08/2024