من العاصمة .. هي الرباط 

محمد الطالبي

قبل ما يزيد عن إحدى عشرة سنة أدرجت اليونسكو الرباط، وبالضبط في سنة 2011، ضمن العواصم الحديثة والتاريخية، وكتراث مشترك على قائمة التراث العالمي، مما يؤكد القيمة العالمية الاستثنائية لعاصمة المملكة المغربية.
يمكن لهذا الموقع المثالي، المطل على المحيط الأطلسي من جهة، وعلى الضفة اليسرى من مصب نهر أبي رقراق، أن يتباهى بأن تاريخ الوجود البشري يعود إلى ما قبل التاريخ بماض غني ووافر، وقد حافظت المدينة على آثاره حتى يومنا هذا، صممت الرباط الحديثة في بداية القرن العشرين، وهي تمثل واحدة من أكبر وأكثر المشاريع الحضرية التي نفذت في إفريقيا في القرن الماضي، طموحا و ربما الأكثر اكتمالا حتى الآن، ومن حسن الحظ أنه تم الحرص على الحفاظ على التراث القائم. وهكذا، فإن الألف ومئتي هكتار التي تغطي الموقع المصنف من قبل اليونسكو ومنطقته العازلة تحتفظ بآثار من جميع حقب تاريخ الساحل الأطلسي، وعلى نطاق أوسع من المغرب، منذ العصور القديمة (الفينيقيون، الموريتانيون، الرومان) حتى القرن العشرين (الحماية الفرنسية، المغرب المستقل) مرورا بمختلف حقب العصور الوسطى (بيرغواتا، المرابطون ، الموحدون، المرينيون، السعديون) والعصر الحديث والمعاصر (العلويون). وهكذا فإن المشهد الحضري للرباط هو نتاج حوار مثمر وفريد بين الثقافات والقرون.
إن مدينة بهذا الزخم التاريخي تستحق ليس فقط الحفاظ عليها بل إنعاشها الدائم وإغناء فضاءاتها بالإبداع المستمر وبالجدية المطلوبة، وليس بمثل ممارسات مشينة لمنتخبين أدت إلى تأخر إنجاز عدد من المشاريع بالمدينة القديمة نموذجا، حتى تطلب الأمر تدخل سلطات الوصاية…
إن عاصمة بكل هذا الزخم تحتاج مسيرين لشأنها المحلي يعرفون قبل كل شيء أنهم أمام تراث إنساني عالمي لا تكفي المقاربات التقنية الجوفاء لصيانته والحفاظ عليه.

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 12/08/2023

التعليقات مغلقة.