نصف قرن من النضال.. وشباب متجدد من أجل الديمقراطية والكرامة
فادي وكيلي عسراوي (*)
قبل خمسين سنة، وُلدت الشبيبة الاتحادية من رحم الحركة الاتحادية التقدمية، كحلمٍ جماعي لجيلٍ من المناضلين الذين آمنوا بأن لا مستقبل لوطنٍ بدون شبابٍ واعٍ ومشارك. لم تكن مجرد منظمة شبابية، بل كانت فكرًا وموقفًا ومسؤولية. كانت الفضاء الذي تشكّلت فيه أولى ملامح الوعي الديمقراطي في المغرب الحديث، والمشتل الذي أنبت أجيالًا من المثقفين والمناضلين والمبدعين والسياسيين الذين بصموا التاريخ الوطني بأيديهم وفكرهم وإيمانهم بالمشروع الاتحادي.
منذ تأسيسها، اختارت الشبيبة الاتحادية أن تكون ضميرًا حيًا داخل المجتمع، تحمل هموم الشباب وتعبّر عن تطلعاتهم في الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة. كانت في قلب المعارك الطلابية، والنقاشات الفكرية، والمبادرات المدنية التي ربطت النضال السياسي بالفعل الثقافي والاجتماعي.
لم تكن يومًا تابعة للريح أو للموجة، بل كانت وفية لهويتها التقدمية المستقلة، منفتحة على التطور ومتشبثة بجذورها الاتحادية الأصيلة.
خلال خمسة عقود من المسار، عاشت الشبيبة الاتحادية مراحل مختلفة من النضال والصمود:
من زمن التضييق والملاحقات إلى فترات الانفتاح الديمقراطي، ومن المعارك الفكرية ضد الرجعية والانغلاق إلى الدفاع المستميت عن دولة المؤسسات والحداثة السياسية. ومع كل محطة، كانت تُجدّد دماءها وتستقبل جيلاً جديدًا من الاتحاديات والاتحاديين الذين يؤمنون أن العمل السياسي ليس مغنمًا بل التزامًا أخلاقيًا تجاه الوطن.
واليوم، ونحن نحتفل بنصف قرن للشبيبة الاتحادية، نستحضر باعتزاز تضحيات الأجيال التي مهدت الطريق، ونوجّه التحية إلى كل المناضلات والمناضلين الذين حملوا شعلة الاتحاد في مختلف المراحل في الجامعات، وفي الشوارع، وفي المؤسسات، وفي كل فضاء يؤمن بقوة الفكرة الاتحادية.
لكل أولئك الذين ضحوا بوقتهم وراحتهم دفاعًا عن قيم الديمقراطية والكرامة، نقول: أنتم الأصل، وأنتم الذاكرة الحية، ومنكم نستمد الإصرار والعزيمة.
وفي الوقت نفسه، فإن روح الاتحاد المتجددة تدعو اليوم كل الشباب المغربي إلى أن يكتبوا فصلهم الخاص في هذه المسيرة الممتدة.
جيل جديد يواجه تحديات مختلفة: أزمة الثقة في السياسة، العزوف عن المشاركة، التحولات الرقمية والاجتماعية السريعة. ولكن رغم كل ذلك، يظل الأمل ممكنًا، والنضال واجبًا. فالوطن لا يتقدم باللامبالاة، بل بالمبادرة والانخراط والعمل الميداني.
إن الشبيبة الاتحادية وهي تدخل عقدها السادس، تُجدّد التزامها الثابت بمبادئ الديمقراطية، والمواطنة الفاعلة، والمساواة بين الجنسين، والعدالة الاجتماعية. وتفتح أبوابها لكل من يريد أن يشارك في بناء مغربٍ صاعدٍ بقيمه وطاقاته، مغربٍ لا يُقصي شبابه بل يمنحهم الثقة والمسؤولية.
إننا ندعو جميع الأجيال التي مرّت من الشبيبة الاتحادية الرواد والمؤسسون الأوفياء ، والفاعلون في مختلف المحطات، والجيل الحالي إلى احتفال رمزي حول قيم الاتحاد التي جمعتنا دائمًا: الإخلاص، التضحية، والالتزام الجماعي من أجل الوطن.
فلنجعل من ذكرى الخمسين لحظةً للوفاء والتجديد، لحظةً لاستعادة الأمل في الفعل الاتحادي الشبابي، ولتأكيد أن المناضل الاتحادي لا يشيخ، لأنه يحمل في قلبه مشروعًا متجددًا لا يموت.
فلنحوّل هذه الذكرى إلى انطلاقة جديدة نحو مغرب ديمقراطي متوازن وعادل، مغربٍ يؤمن بشبابه ويستثمر في قدراتهم، ويواصل السير على درب النضال الذي رسمته أجيال الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
(*) الكاتب العام للشبيبة الاتحادية
الكاتب : فادي وكيلي عسراوي (*) - بتاريخ : 12/11/2025

