نقبل الأرض تحت أقدام الأسود

إيمان الرازي

نعم سنقبل الأرض تحت أقدام الأسود، سنفاخر بهم الأمم والعالم، سنقول إنهم فرسان مغاربة منا وإلينا، سطروا الملاحم وأهدونا فرحة ستتكرر مرات ومرات، بلغوا نصف نهائي كأس العالم الذي كان محرما على العرب والأفارقة حتى مجرد الحلم به فما بالكم بالوصول إليه. نعم لقد قارعوا وقاوموا وقاتلوا حتى بلغوا نصف النهاية، طريق النهاية يبدأ بخطوتين: أولها ناخب وطني يدعى وليد، وثانيها منتخب وطني عتيد.
من ذا الذي يختلف حول قتالية الدفاع المغربي المحصنة، حول امرابط وروحه المقاومة في الميدان،  يقاتل بشرف ويتزلج فوق العشب الأخضر وكأنه يرتدي حذاء التزلج بدل الكوداص، نعم يمتلك الثقة واليقين والطموح الذي يسكن كل المغاربة الأحرار، ينتزع الكرة من غريمه بقلبه بدل قدميه بواجب وطني دفاعي باهظ التكلفة البدنية، خاصة أن الإرهاق كان خصمنا الأول قبل الفرنسيين.
لقد عشنا ملحمة من ملاحم الوطن، سيذكرها التاريخ بمداد من فخر، ملحمة مليئة بكل الإحصائيات والأرقام، حتى أننا شكلنا ظاهرة حية ومتفردة تستحق الدرس والتحليل والتمحيص، كل محللي القنوات الرياضية اجتمعوا في موائد النقاش المباشر حولنا، أشادوا بدفاعاتنا المتراصة وهجوماتنا المباغتة، وقوة ظهيرنا الأيمن أشرف حكيمي، ذلك الحكيم في كل شيء: في الكرة وصنع الأهداف ومأسسة النجاح، حتى تسابق الجميع في الإشادة بفريقنا بكل لغات الأرض من محللين ومشجعين ومدربين عالميين، قلنا للعالم أجمع ‘ننا فعلا للعلا عنوان وأن لنا من نشيدنا الوطني كل النصيب لأننا أشهدنا العالم أننا سنحيا في كل الميادين.
أوناحي.. آه منك أيها الرجل إن كان للنحل ملكة فأنت الملك أيها النحيل الجميل.. مهندس الفرح وصانع الفرجة والإمتاع الكرويين، لاعب الوسط ومركز كل المباريات، خطف قلوبنا قبل أن يخطف كل الكرات، أثبت للعالم أجمع أنه نجم الكأس بأداء أقل ما يقال عنه أنه خرافي وخيالي يمازج فيه بين الدفاع والوسط والهجوم في مهمة تكاد تكون مستحيلة، لكنه ربط بين كل ذلك تماما كذلك الصانع التقليدي المغربي الذي يبدع فيتفنن في صنعته.
أوناحي والنصيري وعطية الله وداري وبانون والياميق واكرد.. أبناء البطولة المغربية، بل منهم من هو خريج منجم المواهب الكروية  أكاديمية محمد السادس لكرة القدم. هذه المؤسسة التي تعد مشتلا من مشاتل النخب الكروية التي ستكون لها كلمتها في القادم من الأيام.
كل الأسود لفتوا الأنظار واستوطنوا القلوب بلعبهم المتميز، بأسلوبهم المتفرد بدفاعاتهم المتراصة وهجوماتهم المدروسة، نعم لقد بعثوا فينا روح الأمل والتحدي، لقد زرعوا فينا كل القيم والروح القتالية التي برعوا في ترجمتها على أرض الميدان.
لقد ثاروا على كل الأحكام البالية، قاوموا دون انتظار مقابل بكل حب وإخلاص وتفان، نعم لقد أناروا طريق الأمل حتى نتقدم سويا نحو النجاح، وكانوا متنفس الشعب الوحيد بعد كل موجات غلاء الأسعار.
ربطوا مفهوم التغيير والثورة بالتحولات الصعبة والممكنة والتي كانت في زمن من الأزمان تكاد تكون شبه مستحيلة وشيئا خارقا للعادة. نعم إن الأسود أحدثوا تغييرا جذريا بالعزيمة القوية والإيمان الراسخ بقوة الفريق وبحقنا عربا وأمازيغا وأفارقة في الفرح وبلوغ المربع الذهبي مع الكبار عن جدارة واستحقاق.
سنتوجه نحو المستقبل القريب، وسنسلم المشعل للكوتش الركراكي شريف الكرة المغربية وقائدها المغوار ، ولنستثمر في رأسمالنا البشري المغربي بذلك الوعي الثوري في صناعة النجاح ومأسسة التميز الذي يخدم الكل قبل الذات لنسير بالكرة المغربية لتحقيق كل الأمجاد ونمشي سويا في طريق الرفعة والنماء في الكرة والسياسة والاقتصاد.
نعم سنقبل الأرض تحت أقدام الأسود، لأنهم أدوا مهمتهم بنبل ووطنية وأمانة، رفعتم رايتنا عاليا .حلقنا بفضلكم في عنان السماء، شكرا لكم من القلب، نحبكم وسنظل لكم شاكرين أبد الدهر يا من بلغتم القلب والوجدان.

 

الكاتب : إيمان الرازي - بتاريخ : 22/12/2022

التعليقات مغلقة.