نقدر عاليا الدعوة الملكية الثابتة والمنتظمة إلى تحديث المجتمع المغربي وإشراك النساء في كل مسارات التطور

خدوج السلاسي

استقبلنا في المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات الخطاب السامي لجلالة الملك بالكثير من الارتياح وبعميق الاعتراف، ففي هذه المناسبة الوطنية الفارقة المقرونة بالذكرى الخالدة لعيد العرش المجيد تتصدر القضية النسائية خطاب جلالة الملك .
كعادة جلالة الملك فإن الإطار العام للخطاب الملكي جاء قائما على مقاربة متوازنة يحمل روح التجديد وضرورة رفع التحديات الداخلية والخارجية وذلك بالجمع بين» روح المبادرة ومقومات الصمود»، فكانت الدعوة صريحة إلى التجديد بكل ما يعنيه من إرادة قوية لإبداع الحلول من جهة، ومن «صمود» مقرون بالهدوء والاتزان من جهة ثانية، لأن الغاية من هذه الدينامية التي يدعو إليها جلالة الملك هي الحفاظ على «الاستقرار الاجتماعي» في ظل سياقات هامة وصعبة يصفها جلالته « بالمتقلبة «، أهمها تداعيات وباء كوفيد19 وطنيا وإقليميا ودوليا.
فبوضوح تام يربط خطاب العرش بين ضرورة «توطيد الاستقرار الاجتماعي والنهوض بوضعية المرأة والأسرة وتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني «.
أولويتان اثنتان لا تراتبية بينهما، لما بينهما من علاقات متبادلة ،»فبناء مغرب التقدم والكرامة» يتطلب الاستثمار التام والمعقلن للرأسمال البشري في بلادنا رجالا ونساء، إذ لا يمكن أن تتحقق التنمية بسوء تدبير نصف ثروتنا البشرية وتعطيل نصف ذكائنا الجماعي،»لذا نشدد مرة أخرى على ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية في كل المجالات» يقول جلالة الملك، وهي إشارة واضحة قوية من أعلى مراتب الدولة إلى التفعيل الجدي لمبدأ المناصفة باعتبارها حقا دستوريا ومدخلا لمجتمع التنمية والديمقراطية، الذي أصبحت الدعوة إليه والعمل من أجله إحدى الثوابت الأساسية في الخطب الملكية.
ويتضمن الخطاب الملكي، ارتباطا بمدونة الأسرة، استجابة لنداءات الحركة النسائية المغربية وتطلعات مناضلات المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، وذلك -كما يشدد جلالته – اعتمادا على دستور 2011، وعلى قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات وبقوة الحقوق القانونية والشرعية على اعتبار « أن مغرب اليوم هو مغرب تفعيل المؤسسات الدستورية المعنية بحقوق الأسرة والمرأة «.
وتاكيدا لمفهوم المقاربة المتزنة والمتوازنة، تم التنصيص على:
-مبدأ الاستحقاق للتمتع بالحقوق من منطلق القانون لا من منطلق الامتيازات.
-الإشارة إلى ضرورة تصحيح التمثلات وبناء ثقافة جديدة، فمدونة الأسرة ليست مجالا تشريعيا موجها حصريا للنساء ولا للرجال، بل إنها المدخل لأسرة متوازنة حقوقيا متضامنة فعليا(نساء ورجالا وأطفالا ).
– الدعوة السامية إلى مراجعة وتعديل مدونة الأسر…
ومن شروط الحرص على مبدأي الاتزان والتوازن في التعامل مع تعديل مدونة الأسرة تم التنصيص على المرجعيات من جهة وعلى المبادئ من جهة ثانية، المرجعية الدستورية بما يكفل الحق في المساواة والمناصفة، ومرجعية الشريعة الإسلامية على أساس العمل وفق مبدأ الاجتهاد الذي يترك الباب مفتوحا أمام إعمال العقل والانتصار للقراءات المتنورة المستلهمة من روح النص، التي تقودها مقاصد الشريعة الإسلامية المراعية للمصلحة الفضلى ولما يجد من نوازل وتحولات مجتمعية.
ولعل المبدأ الضمني الثاني هو توفير درجة معقولة من التوافق في التعاطي مع تعديل مدونة الأسرة باعتبار هذا المبدأ ضامنا للاستقرار الاجتماعي والتضامن المجتمعي، وهما مبدآن اثنان يتم إعمالهما في ظل المرجعيتين المذكورتين.
لذا، وبعد 18 سنة من اعتماد المدونة الحالية، وبعد أن كانت خطوة متقدمة في التعاطي مع قانون الأسرة، وبعد ظهور مجموعة من الاختلالات والسلبيات، نعتبر في المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات أن الدعوة السامية للتعديل التي جاء بها خطاب العرش، دعوة جاءت في الزمن المناسب، زمن مغرب اليوم، زمن تفعيل مقتضيات الدستور، زمن المساواة والمناصفة كما شدد عليها جلالة الملك.
إننا في المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات نجدد التعبير عن ارتياحنا واعتزازنا بكل المبادرات الملكية الرامية إلى الارتقاء بحقوق المرأة المغربية وتمتيعها بحس
مواطناتي رفيع وواع يحفزها على القيام بواجباتها كاملة تجاه هذا الوطن الغالي. كما نقدر عاليا هذه الدعوة الملكية الثابتة والمنتظمة إلى تحديث المجتمع المغربي وإشراك النساء في كل مسارات التطور والتقدم من أجل إرساء قواعد الدولة الاجتماعية القوية والمتضامنة التي ارتضاها جلالة الملك لهذا البلد.

الكاتب : خدوج السلاسي - بتاريخ : 03/08/2022

التعليقات مغلقة.