هـدف الـغـرب مـن حـرب أوكـرانـيـا

مصطفى خلال
لا يمكن تصديق أن كل هذا الدعم الذي يقدمه الغرب من أجل تأجيج الحرب بين روسيا وأوكرانيا هو فقط من أجل أن تكون هذه الأخيرة عضوا في الحلف العسكري الأطلسي الأمريكي الأوروبي.
فنحن اليوم في بداية العقد الثالث من الألفية الحالية ومع ذلك نسمع رئيس دولة عظمى، هي روسيا، العضو في مجلس الأمن وتتمتع بما يسمى حق الفيتو، يتحدث عن مجرد عملية عسكرية من بين أهدافها الثلاثة المعلنة: إزاحة النازية الجديدة من حكم الدولة الأوكرانية الجارة المباشرة التي تشكل امتدادا لروسيا .
إن هذا التناقض بين التصورين المتحاربين، تصور الغرب وتصور روسيا، يخلق فعلا حيرة وتشوشا في الفهم.
لقد نتج عن تلك العملية العسكرية نزوح مواطنين أبرياء، وتحطم ملايين الأسر الأوكرانية، مثلما راح ضحية هذا العمل العسكري ضحايا آخرين كثيرين من بينهم طلبة محليون وآلاف الطلبة الأجانب، إنه ثمن جد باهظ يدفعه أبرياء من المدنيين لا دخل لهم في الصراع بين الغرب وروسيا، وإذا كان قد أضحى واضحا أن هذه الحرب التي لم تعد عسكرية وحسب، بقدر ما أضحت اقتصادية وتجارية ومالية، هي من صنع أمريكا الولايات المتحدة تحديدا، صنعتها صنعا وعلى نار هادئة، فإنه من المستغرب أن تدعم هذه الولايات المتحدة ومعها باقي الغرب توجها سياسيا نازيا له صلات قربى بنظام الحكم في أوكرانيا. كيف يمكن فهم هذه السياسة والحال أن أمريكا تصم آذان البشرية بأن كل سلوكها إنما هو من أجل الدفاع عن (الحرية) و (الديمقراطية)، والحال أن نظام أوكرانيا يمنع قنوات تلفزية فقط لأنها غير موافقة لسياسته، بل ويزج بكل معارض في السجن. فهل خنق التعبير، حرية؟ وهل أسر المعارضين السلميين يسمى أيضا ديمقراطية؟ وكيف يصمت الغرب عن هذا بل ويدعمه؟
نحن هنا أمام أطروحتين هما من التعارض والعداء بل ومن الغرابة بحيث يقف العقل حائرا تجاههما. يقول الغرب إنه يدين التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا لكن هذا الغرب يتدخل فيها بمنحها السلاح والمال وكل ما تحتاجه كي تحارب وتستمر في الحرب، أي أن الغرب لا يجد أي حل آخر لإيقاف الحرب سوى بالتشجيع عليها دون أن يقدم هو جنديا واحدا لا من الاتحاد الأوروبي ولا من أمريكا. وهو ما يوضح أن الغرب لا تعنيه أوكرانيا إلا لكي تكون حطب حربه هو مع روسيا، وينبغي الاعتراف بأنه نجح في هذا نجاحا كبيرا، دون أن يعنيه ما تؤديه الشعوب من أثمنة في حياتها اليومية بمن فيها الشعوب الغربية.
وعلى النقيض تقول روسيا إنها فخورة بما يقوم به الحرس الروسي لضمان القانون والنظام وحماية حقوق المواطنين الروس أينما وجدوا، في روسيا كما في أوكرانيا. بل تقول إن الحرس الروسي يقدم مساهمة كبيرة في مكافحة الإرهاب في أوكرانيا والتطرف – وتقصد هنا النازيين الجدد في أوكرانيا – ، والجريمة المنظمة فيها، بل إن الرئيس الروسي يعلن أن بلاده (فخورة بالحرس الروسي الذي يؤدي واجبه بشجاعة في العملية الخاصة في أوكرانيا) طبقا لتعبيره في آخر تصريح له يوم السبت الماضي.
نستنتج من هذين الموقفين المتعارضين كل التعارض وطبقا لما تصرح به أمريكا والاتحاد الأوروبي من جانب، وما تصرح به روسيا من جانب آخر، فإن الصراع القائم هو حول توجه سياسي في أوكرانيا، توجه يصفه الروس بالنازية الجديدة، ويصفه الغرب بالتوجه الديمقراطي المنتصر للحرية.
ندع مسألة الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي من طرف أوكرانيا، ومسألة عضويتها في حلف الناتو، فهما مسألتان واضحتان، لكننا نحار في فهم دعم الغرب للنازية والتطرف والجريمة المنظمة بكل أصنافها في أوكرانيا، مهد أعتى المتطرفين من كل أصناف التطرف.
الكاتب : مصطفى خلال - بتاريخ : 29/03/2022