وإذا أتت المغرب مذمة من التافهين…!!!
عبد السلام المساوي
1_ إن التحرك الاستباقي للمغرب في تعامله مع الوباء كان صائبا، بل هو نموذج يثني عليه العديدون في أقطار المعمور… لقد اختارت الدولة المغربية الإنسان على أي شيء آخر. والسلطة بينت على علو كعبها وجندت كل أطقمها تلبية لنداء الوطن، وجنود المواجهة من أطقم طبية وصحية وأمن ودرك وقوات مساعدة وجيش، كل هؤلاء دخلوا المعركة بإقدام وشجاعة ومسؤولية وطنية عالية.
وما ميزنا عن غيرنا هو تلك الحكامة التي كانت في القمة من خلال اتخاذ مجموعة من القرارات في وقتها وبصمت وبمسؤولية وجرأة، وهذه المنهجية هي التي ساعدت على مواجهة هذا الوباء.
اليوم صدق المغاربة والمغربيات. اليوم تحققت نبوءات من سكنهم المغرب قبل أن يسكنوه. اليوم الكل يقول شكرا جلالة الملك.
اليوم حتى صحافة الأجانب، تلك التي كان يجد عندها بعض «المخالطين» مبررات الكذب علينا ومسوغات إيهامنا تقول: لقد أدهشنا هذا البلد، لقد أبهرنا ملكه وشعبه… عندما نقول هذا الكلام الذي نردده في اليوم الواحد عشرات المرات -قبل وأثناء وبعد كورونا- نقوله لأننا نؤمن به. هو قرارة تفكيرنا. هو عمق إيماننا. هو المغرب الذي يسري في العروق مسرى الدماء. وحين العروق وحين الدماء لا يمكنك أن تكذب أو تنافق أو تكتب تحت الطلب مثلما يدعي الكئيبون، حين الحب الحقيقي لا يمكنك التمثيل، ويشهد الله اليوم أننا جميعا نحس بها هاته الأيام: المغاربة لا يمثلون حين حب المغرب، هم يحبونه وانتهى الكلام.
2_ يشغل المغاربة بالهم هاته الأيام، عن حق، مراقبة ما يقوله الآخرون عنا، ويتبادلون فيما بينهم بافتخار ظاهر إشادة دول كانوا يعتبرونها أفضل منهم وتلقنهم الدروس يوميا بطريقة تعامل المغرب مع أزمة كورونا، وكيفية تدبير بلدنا الحكيمة لهاته الأوقات الصعبة بفضل التعليمات الملكية التي اتضح أنها كانت استباقية وسابقة لجميع الخطوات العالمية التي تمت في هذا المجال.
أفضل نموذج لهاته الإشادة الأجنبية بالمغرب يأتينا من فرنسا وقنواتها التلفزيونية التي لا تتوقف عن كيل المديح للمغرب ولا تتوقف في الوقت ذاته عن انتقاد تخبط مسؤولي دولتها في زمن كورونا. مقاطع فيديو عديدة تغزو مواقع التواصل الاجتماعي تلتقط هذه «الغيرة» الفرنسية المحمودة وترى فيها اعترافا حقيقيا بأن الدرس قد يأتي من الجنوب وإن احتقر الشمال دوما كل ما يأتيه من هذا المكان.
في الوقت ذاته يراقب المغاربة طريقة تعامل بعض أشقائنا العرب، البعيدين عنا ومنا جغرافيا، القريبين إلينا وجدانيا مع طريقة تدبيرنا الحكيمة لهذه الأزمة الصعبة جدا. يرى المغاربة في هذا الاهتمام بنا علامة انشغال دائم، ورغبة في تقليد هذا الاستثناء المغربي الذي أكد نفسه دائما وأبدا، حين أزمات السياسة، وحين أزمات الاحتقان بين أفراد العائلة الواحدة التي صارت دولا، وها هو يؤكد نفسه حين أزمة صحية يرتعش لها العالم أجمع وتتخبط في تدبيرها كبرى الأمم وأقوى الدول العالمية. لذلك لابأس من التذكير بها: اهتمام الشمال والشرق بنا دليل صحة وعافية كيف ما كان نوع هذا الاهتمام، لا أقل ولا أكثر….
لنواصل إذن سيرنا على المنوال ذاته، ففي المواصلة تأكيدنا الدائم على الإيمان بهذا الاستثناء الذي يشكلنا ونشكله.
3_ من يخرج قليلا من البراح الإعلامي الشاسع الذي تتيحه القنوات التلفزيونية الأمريكية والأوروبية، ويفرض على نفسه قسرا مشاهدة القنوات الإخبارية العربية في زمن كورونا سيخرج بالخلاصة الواحدة ذاتها: هذه القنوات رسبت في الامتحان الإنساني الذي يواجهه العالم، وتلفعت في مواقفها المسبقة من بعضها البعض بل وتمترست فيها، مؤكدة أنها لم تفهم أي شيء من كل الذي يجري اليوم في عالمنا.
القنوات المساندة لقطر تواصل الهجوم على الإمارات والسعودية، قنوات السعودية تتفنن في قصف قطر وقس على ذلك ما تشاء من عدم فهم للتطور الإعلامي الحديث رغم المال الكثير الذي ينفق على كل هاته القنوات ورغم الاستعانة بكل جنسيات الأرض في هاته الحرب الغبية بامتياز قاتل…
طيب لماذا نشغل بالنا اليوم بالحديث عن هذا الهراء الذي لا يستحق حتى القليل من الانتباه في لحظة الشدة العالمية هاته؟
نفعل ذلك لأن من بيننا ومن بين جلدتنا من يهتمون بهاته التفاهات الإعلامية ومن يعتبرونها دلالات على ما يجري عندنا خصوصا إذا ذكرت هاته التفاهات اسم بلدنا في تقرير من تقاريرها اللاداعي لها.
يهمنا هنا أن نشرح لبني وطننا، لا الآخرين، أن المعركة اليوم هي المعركة لأجل الحياة ولأجل الحفاظ على الحياة في مواجهة الفيروس اللعين.
المغرب بقيادة ملكه الحكيم واستنادا على تجربة القرون الماضية في الحكم، واستماعا لصوت العقل قرر أن يجعل هاته المعركة لأجل صحة وحياة شعبه أولوية الأولويات.
الآخرون اختاروا أمورا أخرى لا تعنينا ولا نعرفها ولا نريد أن نهتم بها أصلا.
لذلك نهمس في أذن بني جلدتنا ممن يشكل لهم الأجنبي محور كل الانتباه، تجاهلوا أو على الأقل مثلوا دور المتجاهلين، وقلدوا الشعب والملك اليوم في الاهتمام بالأهم: صحة هذا البلد العظيم المسمى المغرب.
بقية التفاصيل الأخرى مجرد تفاصيل أي أنها لا تهم.
4_ كتب المناضل الأستاذ حسن السوسي، يقول «تبرز من حين لآخر بثور بشرية للتطاول على المغرب غير أن مالها ملازم لها في تفاهتها.
المغرب يتعامل مع الدول من موقعه، ومن إدراكه لمصالحه الاستراتيجية، ولا يقبل لنفسه النزول إلى مستوى من يدركون، في عمق أعماقهم، أنهم لا وزن لهم في ميزان التاريخ والحضارة والشهامة، فيخيل لهم وضعهم هذا أن التطاول على المغرب، قد يمنحهم بعضا من القيمة التي يفتقدونها (….)
المغرب يحترم كل الشعوب والثقافات، ويربأ بنفسه عن كل سلوك يمكن أن يمس كل الشعوب، مهما كانت خلافاته مع هذه الجهة الرسمية أو تلك، لأنه يدرك تماما أن التحامل على الشعوب تحت أي ذريعة كانت تفضح تفاهة المتحامل قبل غيره (….)
فليعلم هؤلاء أن بيت المملكة المغربية متين بقيادتها وشعبها، والأجدى بالمتطاولين، على شعبنا وقيادتنا، أن يكنسوا أمام بيوتهم، ويتأملوا في هشاشة بنيانهم، لأن ناطحات السحاب لا تجدي نفعا ما دامت أعمدتها على رمال متحركة تذروها الرياح».
سنجتاز جميعا هذه الأزمة أكثر قوة لأننا أكثر اتحادا اليوم، فخورين بهويتنا الوطنية وانتمائنا لشعب عظيم بقيادة ملك عظيم….
درس مغربي متواصل على امتداد الأزمنة والأمكنة يجدد نفسه دوما وأبدا ويمنح إمكانية الاستفادة منه لمن كان ذا عقل سليم.
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 24/04/2020