66 سنة على الاستقلال.. 66 من البناء
نوفل البعمري
لم يكن غريبا على احتفالات هذه السنة أن تطغى عليها روح الانتصارات التي حققها المغرب سياسيا، دبلوماسيا، انتصارات تعكس مسيرة ملك وشعب للبناء الديموقراطي والمؤسساتي وصلت لحيث انتهينا هذه السنة، ولما سننتهي إليه في المستقبل من صناعة مجد هذا الوطن، و لقدرة المغرب على الوقوف منتصب الهامة والقامة من خلال خطاب عاهل البلاد في أن يكون خطابه للخارج فيه نفحة عبق المغرب المستقل، وشموخ تاريخ هذا البلد الممتد لأكثر من 12 قرنا من الوجود و بناء حضارة ضاربة جذورها في تاريخ هذا الشعب الكبير.
66 سنة على استقلال المغرب، هذا الاستقلال الذي تحقق بتحالف طبيعي وانصهار كامل بين أب الأمة المغفور له محمد الخامس والحركة الوطنية من القائدين علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد وجيل من شباب تلك المرحلة يقودهم المهدي بن بركة وعبد الرحمن اليوسفي، هذه الوحدة أدت بعودة قوية للعائلة الملكية من منفاها وهي مستندة على شرعية شعبية، بعد سلسلة عمليات قامت بها المقاومة الوطنية، ومفاوضات عسيرة خاضها الجناح السياسي آنذاك بقيادة الحركة الوطنية، وهي عودة مهدت لبناء الدولة المغربية الحديثة التي كان قد بدأ التأسيس لها قبل قدوم الاستعمار من خلال مشروع دستور 1908.
66 سنة على الاستقلال عاش فيها المغرب مراحل من تطوره الطبيعي، من نضال ديموقراطي قوي ومن حركية سياسية واجتماعية كبيرة ساهمت في صنع تاريخ مجيد لهذا الشعب ولقواه الحية، عاش من خلالها محنا كبيرة وتمظهرات وُضعت بين قوسين انتهى في النهاية بعودة تحالف الملكية والحركة الوطنية قائدها المرحوم عبد الرحمن اليوسفي من أجل تجديد دماء المغرب، ووضعه على سكة البناء الديموقراطي والانتقال السلس الذي ميَّز المغرب، وجعله الاستثناء في منطقة عاشت و تعيش على وقع اضطرابات اجتماعية ومؤسساتية تهدد هذه الدول وتدفعها لحافة الإفلاس.
66 سنة على الاستقلال، تجدد روحه بتقلد العاهل المغربي محمد السادس للعرش، طوى المغرب معه جراحات الماضي، وتصالح مع ندوب التاريخ وفتح القصر أبوابه للضحايا ليعانق محمد السادس الأمهات والضحايا في صور عكست صورة الملك الإنسان، ليتم تضميد الجراح، استُمع فيها للضحايا بدون مركب نقص، ليتصالح المغرب مع تاريخه بشجاعة ويتجه نحو بناء المغرب الجديد، مغرب الحقوق والملكية المواطنة.
66 سنة على الاستقلال، استطاع فيها المغرب من خلال تجديد روح ثورة الملك والشعب أن يجيب فيها بشجاعة عن سؤال الإصلاح، فكان المغرب نقطة ضوء في المنطقة أخرجته من خطر الانسياق وراء بريق اتضح أنه زائف لما سمي ب»الربيع العربي» بوعي شعبه الذي حدد بذكاء وطني مكامن الخلل، وبملكية إصلاحية قوية استطاعت أن تجيب عن سؤال التغيير بشجاعة في خطاب 9 مارس الذي فتح الباب أمام مراجعة شاملة للدستور كانت فيها الملكية في قلب التغيير وقائدة له جنبا إلى جنب مع الشعب المغربي الذي جدد ارتباطه بها وبكل مؤسساته، في دستور فاتح يوليوز.
66 سنة من الإصلاح استطاع فيها المغرب أن يعيد بناء مؤسساته ويجعلها تلعب أدوارها الكاملة في حفظ الأمن، ومواجهة التحديات داخليا وخارجيا،
وعمدت فيه مؤسساته الأمنية أن تلعب دورا وطنيا كبيرا في حماية المغرب والحفاظ على أمن الشعب المغربي، وصد أي عدوان إرهابي داخليا وخارجيا بتفاني رجالاته ونسائه.
66 سنة من الاستقلال قدم فيها المغرب نموذجا نموذجيا في كيفية عمل وتحرك مؤسسة الجيش، ففي الوقت الذي تشتكي فيه عدة بلدان من تدخل الجيش في السياسة وفي التحكم في مفاصل الدول حتى تحولت هذه الدول من جيش الدولة إلى دولة الجيش، كان بالمقابل الجيش المغربي يقوم بمهامه الوطنية في الدفاع عن حوزة الوطن، وحماية ترابه، وتأمين حدوده، آخرها القيام بعملية أمنية في الكركرات اعتبرت واحدة من ملاحم هذا الشعب ومؤسسته العسكرية، المجسدة لروح التضحية، وروح هذا الوطن.
66 سنة من الاستقلال، استطاع المغرب أن يخاطب الخارج ندا لند، وأن يقف شامخا كشموخ جبال الأطلس لمواجهة أي محاولة لابتزاز المغرب، وأن يحافظ على استقلالية قراره الدبلوماسي والسياسي في المنطقة ليكون المغرب الاستثناء في دبلوماسيته بفضل حنكة قائده وواضع استراتيجيته.
66 سنة من الاستقلال،استطاع المغرب أن يبني تاريخه، ويصنع مجده بفضل ملكيته الإصلاحية وشعبه الباني..إنها 66 سنة من الاستقلال والبناء.
الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 22/11/2021