أضحوكة العالم
خليل الهاشمي الإدريسي / ترجمة: المهدي المقدمي
يرمي جيراننا الجزائريون (نقصد قادة الدولة العسكريون)، منذ فترة من الزمن وكنتيجة لموجة الحيرة والطيش التي أصابتهم (إزدادت شدتها بعد القرار الأممي الاخير)، بقرع طبول الحرب مع المغرب، عبر افتعال كل مناوشة أو مشكل ممكن يوليهم الحق في الهجوم عسكريا على المغرب. هنا، تتبادر إلى أذهاننا عدة أسئلة، منها: هل يعتبر سعيهم لإشعال فتيل الحرب مع المغرب حقيقة، أم أشبه بنباح الكلاب المربوطة على المارة؟ وهل يملكون القدرة فعلا على شن هجوم حربي على المغرب؟ وهل سيكون لهذه الحرب أدنى فائدة مرجوة على دولتهم؟ وأخيرا، ما الذي سيجنيه الشعب الجزائري من أرباح فيما قبل وبعد الحرب؟ أسئلة سنحاول الإجابة عليها في الأسطر المقبلة.
منذ فترة لا بأس بها من الزمن، آمن وبشدة القادة العسكريون الجزائريون بأن الحرب على المغرب تعتبر السبيل الوحيد لتأمين اعتراف الشعب الجزائري بمنجزاتهم وسياساتهم، بالرغم من كون المقصودين بهذه المساعي الحثيثة لم يعودوا يلقون بالا لأكاذيبهم الواهنة، مدركين بعقولهم النيرة بأن الحرب لن توصلهم إلى بر الأمان، سواء السياسي او الاقتصادي الداخلي، وأنها ستهلكهم وتقضي على دولتهم لا محالة، غير أن الشعب الجزائري لا يمتلك حرية اتخاذ القرارات والتصويت عليها كما نعلم، ولتكون له هذه الحرية يجب على القادة العسكريين إخلاء المكان لقادة مدنيين من ذوي الهمم، بيد أن العدو الحقيقي ليس جارهم الحدودي الذي يقتسم عدة سمات معهم، بل يكمن العدو الحقيقي في أوجه عدة منها : «سوء الإدارة»، «الحرمان الاجتماعي»، «الفساد»، «الحكامة الفاسدة»، «السرقة و الاختلاس»، وهذا ما نعلمه جميعا.
يسعى القادة العسكريون الجزائريون المسنون، إلى تبرير مقاعدهم الحالية بسعيهم إلى تحقيق العدالة التي يطمح إليها الجزائريون كافة، عدالة تنعكس على المستوى الدولي وفي المحاكم الدولية، تحديدا ما يرتبط بالحروب الأهلية التي وقع الشعب الجزائري ضحية لها في السابق، حتى وإن استلزم الأمر (من وجهة نظرهم الحقودة) إشعال فتيل الحرب في المنطقة، وإغراقها في دوامة من الفوضى لا لشيء سوى لـ»تبييض» وجوههم الشاحبة أصلا، ودون أن يلاحظ المجتمع الدولي ما يبتغونه من نار الفتنة؟ لاشك أن الامر لن يمر مرور الكرام دوليا.
إستنادا الى الوقائع الحالية، تاركين إياها على حالتها الأصلية، أي على شكل مواقف وتحركات للتباهي أمام الشعب الجزائري، وإبعاد أنظاره عن المشاكل الحقيقية والأزمات الصعبة الداخلية التي تستصعب البلاد الخروج منها دون جراح، لاسيما النظام السياسي- العسكري ذو الطبيعة الخبيثة والوريث الشرعي للانحطاط السياسي على العموم، إذ بات الشعب المقدام يعيش تبعات حيلة ماكرة ومخزية إلى أبعد الحدود وقع فيها، لا يزال يكتشف خباياها ونتائجها في كل يوم، منها قرع طبول الحرب مع جاره المغاربي، طبول لن تتمكن من أصواتهم المزمجرة المنادية ب»الكرامة»، «الحرية»، «العدالة»، «المساواة»، «الديمقراطية»، «العيش الكريم» و «الحرية»، و على وجه التحديد «حقه الأبدي بتقرير مصيره بشكل ذاتي»، أصوات تتعالى ولن تسعها مخازن «البطاطا»، حاويات «الزيت»، «القمح»، «الحليب»…
لن يصدق عاقل، من هذا الزمن أو أي زمن كان، بأن الجزائر الآن تتخد من المغرب تهديدا مباشرا على أمنها، وتبريرا جادا (من وجهة نظر قادتها العسكريين) من أجل بدء الحرب بالمنطقة. فكما قلنا لا أحد عاقل سيصدق هذه «الادعاءات» و»التبريرات» و»فبركة الحقائق» و»تزييف الوقائع التاريخية» ولا «المسرحيات و التمثيليات الرديئة» من قبيل تلك في «بئر لحلو» وغيرها.. على أنها ذات طابع مغربي محض و لا تنسب الى الجار المغاربي و فقط.
إن الطفولية في الاتهمامات المنسوبة إلى المغرب، دون وجه حق و لا دليل دامغ، تبعث على السخرية والضحك قاريا ودوليا، ولا تعكس سوى قرب أجل القادة المكلفين بالجزائر، بيد أن المراقبين الدوليين لا يرون فيها سوى انعكاس للرخص الذي وصل إليه قادة الجزائر العسكريون، كونهم مسؤولون أهدروا بطيشهم كل فرصة أتيحت لهذا البلد من أجل التقدم والازدهار والنجاح، وحولته إلى محل للسخرية لدى المجتمع الدولي ليس إلا.
الكاتب : خليل الهاشمي الإدريسي / ترجمة: المهدي المقدمي - بتاريخ : 12/11/2021