اتفاق تاريخي بعد قمة أوربية ماراثونية

باريس يوسف لهلالي

توصل قادة الاتحاد الأوروبي لاتفاق تاريخي بشأن خطة للنهوض الاقتصادي ما بعد جائحة كورونا، وذلك في ختام قمة ماراثونية استمرت أربعة أيام في بروكسل، وهي أطول قمة في تاريخ هذا التكتل، وهو اتفاق على خطة تاريخية للنهوض الاقتصادي لمرحلة ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بحسب ما أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال.
و كتب رئيس المجلس الأوربي شارل ميشال في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي /تويتر/ «اتفاق»، معلنا بذلك انتهاء المعركة الشرسة التي دارت بين الدول «المقتصدة» من جهة وفرنسا وألمانيا من جهة ثانية حول هذه الخطة البالغة قيمتها 750 مليار يورو.
من جانبه، رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتوصل إلى الاتفاق معلنا في تغريدة أنه «يوم تاريخي لأوروبا».
ولأول مرة في تاريخ التكتل، سيتم تمويل الخطة بواسطة قرض جماعي، تضاف إليها ميزانية طويلة الأمد للاتحاد الأوروبي تمتد لست سنوات (2021-2027).
الجدير بالذكر أن الاتفاق خرج في ختام قمة ماراثونية استمرت أربعة أيام في بروكسل، حيث كان يتركز الخلاف حول خطة الإنعاش البالغة قيمتها 750 مليار يورو (860 مليار دولار)، يمولها قرض مشترك، وهي فكرة مستوحاة من اقتراح تقدم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتتألف هذه الخطة في صيغتها الأولى من قروض بقيمة 250 مليار يورو، وإعانات بقيمة 500 مليار .
بعد أزمة كورنا طرحت نفس الخلافات بين الشمال والجنوب، خاصة ان ايطاليا المثقلة بالديون تعتبر الرجل المريض لأوربا، وإنقاذها من الإفلاس يتطلب مئات الملايير وتم الاتفاق على خطة إنقاذ ضخمة لمساعدة الدول الأعضاء الأكثر تضررا جراء تفشي وباء فيروس كورونا المستجد. ولم يتم الاتفاق حول إصدار سندات «كورونا بوند» لتشارك الديون بين دول الاتحاد لمجابهة الأزمة..
وحصل تراض على استعمال أموال صندوق خطة إنقاذ لمنطقة اليورو بقيمة 500 مليارات يورو، وذلك من خلال استعمال آلية الاستقرار المالي الأوروبية والتي تم وضعها في عام 2012 خلال أزمة الديون في منطقة اليورو، بهدف مساعدة الدول التي تفقد القدرة على الاقتراض من الأسواق العالمية. خاصة ايطاليا التي كانت لها مشاكل اقتصادية بسبب ارتفاع ديونها وهو الوضع الذي تفاقم مع انتشار جائحة كورونا التي تسببت في عدد كبير من الضحايا بايطاليا كما كان لها وقع جد سيئ على الاقتصاد الايطالي..
وتبدو الاستجابة الموحدة للأزمة ضرورية أكثر من أي وقت مضى للاقتصاد الأوروبي الذي يتجه في 2020 نحو ركود عميق. ويعتبر صندوق النقد الدولي أن أزمة فيروس كورونا قد تؤدي على المستوى العالمي إلى «نتائج اقتصادية أسوأ من نتائج الكساد الكبير» في عام .1929
وهذا الخلاف التقني حول عمليات التمويل والقروض بين الأعضاء الأوربيين، استغله المتطرفون والمحافظون من أجل شن حملة قوية في ايطاليا والعالم حول جدوى أوربا وجدوى الاتحاد. وهي الحملة التي لقت صدى عالمي، خاصة من طرف القوى التي يزعجها الاتحاد الأوربي وينافسها.
الاتحاد الأوربي يضمن كذلك أزيد من 20 مليار يورو لمساعدة شركائه عبر العالم في مكافحة فيروس كورونا، وفي هذا الإطار قالت رئيسة المفوضية الاوربية فون دير لا ين فإن هذا الفيروس «الذي كان لانتشاره السريع وقع عميق على النظم الصحية والمجتمعات والاقتصاديات في جميع أنحاء العالم»، لا يمكن التغلب عليه إلا «من خلال الوحدة ومساعدة بعضنا البعض.»
وتسفيد افريقيا من هذا الدعم الأوربي الذي وصل إلى مليار ونصف. المغرب يعتبر من البلدان الأكثر استفادة من هذا الدعم أيضا، فقد حصل صندوق مواجهة جائحة كورونا على 150 مليون يور، وفي اتفاق بين الجانبين سوف توجه 300 مليون المتبقية للمغرب نحو مجهود مواجهة مخلفات وباء كورنا.
الاتحاد الأوربي تعرض لانتقادات كثيرة ولكن دائما من نفس الأطراف كما انه رغم المساعدات المهمة التي يقدمها لشركائه وبلدان الجوار، فانه لا يرافق ذلك بالدعاية الإعلامية الكبيرة ولا يستغل المساعدات الإنسانية أو الاقتصادية للقيام بذلك، كما فعلت قوى ودول أخرى التي قامت بتوزيع الآلاف الكمامات الواقية وبعض المعدات الصحية والتي لا تبلغ قيمتها حتى مليون يورو، وما صرفته من ميزانية عليها من اجل الدعاية الإعلامية كان اكبر أحيانا من المساعدات المقدمة.

 

 

الكاتب : باريس يوسف لهلالي - بتاريخ : 23/07/2020