الاتحاد الاشتراكي بيت مفتوح 5/4

عبد السلام المساوي

إن تقوية صفوف الاتحاد الاشتراكي، تصالحه مع ذاته ومع المواطنين والمجتمع، تستدعي فتح الأبواب، فتح العقول والقلوب، أمام كل أبناء وبنات الاتحاد الاشتراكي، أمام كل الاتحاديات والاتحاديين الذين خاصموا حزبهم في لحظة من اللحظات، لأسباب ذاتية آو موضوعية ، والذين غادروه بصيغة أو أخرى وبخلفيات مختلفة….
إن الاتحاد الاشتراكي ليس ملكا لأحد ولا حقا محفظا من طرف أي كان ….إن الاتحاد الاشتراكي في الميلاد والمسار، في الفكرة والحلم، في الرؤية والتوجه، في الفكر والممارسة، في الماضي والحاضر ….حزب كل الاتحاديات والاتحاديين، حزب كل المغاربة، كل المغاربة المؤمنين بالمشروع الاتحادي …إن الاتحاد الاشتراكي بيت مفتوح وحق مشاع لكل المغاربة المؤمنين بقيم الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية….

الاتحاد عائلة

الاتحاديات والاتحاديون، لا يشكلون فقط حزبا؛ إنهم عائلة، بنية نسقية متماسكة ومتناغمة ….قد يتخاصمون، يختلفون، يغضبون، يرحلون، يعتزلون وينعزلون …وهذا حال الأخوة في كل أسرة. ولكن وقت الحسم يلتحمون ويتماهون، يتجاوزون صغائر الأمور،ليتفرغوا، متراصين ومتضامنين لعظائمها ….

الوحدة الاتحادية ؛ أبعاد ودلالات

بناء وحدة الأسرة الاتحادية في اتجاه تعزيز البناء الديمقراطي لبلادنا …إن وحدة الحزب ثقافة وسلوك، قناعة وممارسة، الإيمان بوحدة الحزب تبدأ أولا بالانخراط في بنائه وتقويته، وتقوم ثانيا على القطع مع العقلية التشتيتية التدميرية وأصحابها، وقبل هذا وذاك تقتضي الحسم مع الذات والخروج من دوائر الكسل والتذبذب واللعب على الحبال …إن وحدة الحزب مسؤولية أساسية ملقاة على جميع الاتحاديات والاتحاديين مهما اختلفت مواقعهم، وحدة تحكمها قوانين الحزب وقوانينه، وتؤطرها قيمه الإنسانية التقدمية المناهضة للتمييز والكراهية والحقد، ويحصنها مشروعه المجتمعي الديمقراطي الاشتراكي الحداثي والتضامني. إن وحدة الحزب والحالة هذه، مسؤولية والتزام، تفرض على الجميع الانخراط الأخوي ، الواعي والمسؤول ، في إنجاز المهام التاريخية الملقاة على عاتقه في هذه الظرفية…

وحدة من أجل الحزب والوطن

إن الاتحاديات والاتحاديين عازمون اليوم، أكثر من أي وقت مضى، على الوقوف في وجه كل النزوعات التي تروم إضعاف الاتحاد الاشتراكي، وهي نزوعات أناس لم يسبق لهم أن ناضلوا من أجل الوطن، لكنهم اليوم من متزعمي «القطبية المصطنعة»، وهم الذين تخلفوا عن كل المعارك القاسية التي خاضها الشعب المغربي من أجل امتلاك مصيره ….فأين كان هؤلاء زمن السنوات العجاف …أين كانوا حين كان الاتحاديون يواجهون آلات القمع والتنكيل؟! طبعا، الجواب جاهز لا يحتاج إلى عناء بحث وتفكير؛ إنهم كانوا على هامش الوجود وخارج التاريخ، كانوا في قاعة الانتظار، انتظار جني ثمار نضالات رجال ونساء المغرب الشرفاء…
الاتحاد الاشتراكي هو المنقذ، بالأمس واليوم وغدا، في المحطات المفصلية، في اللحظات الحاسمة؛ الاتحاد الاشتراكي هو الحل …حزب وطني ومواطن، شرعي ومشروع ؛ شرعية تاريخية ووطنية ، نضالية وديمقراطية..

الاتحاد الاشتراكي رقم وازن
في أجندة البلاد

 الاتحاد الاشتراكي قاطرة اليسار المغربي ، ومن الخطأ الاعتقاد بأن إضعافه يخدم الديمقراطية والتحديث ، وهذه إحدى الخلاصات التي لن تبرح فصائل اليسار المشتت ان تقر بها على اعتبار أن خيارات التحديث والديمقراطية لا يمكن أن تتحقق بدون حزب من وزنه …
ان حصيلة تطور الحقل السياسي المغربي، من وجهة تشكل العائلات السياسية، واستحضار النضالات والتضحيات والمعارك المجتمعية، تؤكد هذه الخلاصة بجلاء، وتفضي إلى  تأكيد حقيقة مفادها أن الاتحاد الاشتراكي هو ملك لكل اليسار وليس ملك نفسه، وهو بذلك معني، من وجهة نظر التاريخ، ليس بمصيره الخاص فقط ، بل بمصير العائلة اليسارية كلها والعائلة التحديثية بشكل عام، وعلى هذا الأساس ينظر إليه كرقم أساسي في أجندة البلاد، وعلى هذا الأساس أطلق الكاتب الأول ذ ادريس لشكر نداء الوحدة الاتحادية …نداء أقلق صاحب الارتزاق الإعلامي، الموسوم بالرداءة والحقد والتضليل …إنه ومن يستعمله يتفانون في إثارة الحملة ضد الحزب …وكل نداء وحدة والاتحاديات والاتحاديون بألف خير …حزبكم أيها الاتحاديات والاتحاديون … حزبك يا وطني.
جاء في كلمة الكاتب الأول في الاحتفالية الكبرى تخليدا لستينية تأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وتلبية لنداء المصالحة والانفتاح (الذاكرة الاتحادية هي أيضا ذاكرة الوفاء للتاريخ والعمل المشترك. لذلك كنا أكثر حرصا على الاحتفاظ بأفضل العلاقات مع من كنا معهم قبل تأسيس الحزب، لا كما يجري اليوم مع بعض الذين غادرونا مؤسسين لإطارات جديدة، كنا نعتقد أننا سنحتفظ معهم بعلاقات جيدة خدمة للمشروع المشترك.
وهكذا، استمر التنسيق مع الإخوة في حزب الاستقلال، دون عقدة أو تشكك، وحققنا معهم مكتسبات كثيرة لصالح البلاد. ولا أدل على ذلك ما تم من عمل وثيق بخصوص ملتمسي الرقابة في الستينات والتسعينات، أو الترشيح المشترك ، والعمل كحزبين وطنيين ديمقراطيين في الكتلة الوطنية، ثم الكتلة الديمقراطية. ولعل في هذا وحده عبرة للقوى السياسية التقدمية واليسارية.
فالاختلاف في الرأي لا ينبغي أن يوقف التعامل والتفاعل والتنسيق في القضايا المشتركة).

1 – تذكير 

يسجل الكاتب الأول ذ.ادريس لشكر باعتزاز نضالي ووفاء تاريخي، أن الاتحاد الوطني – الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لما غادر حزب الاستقلال لاختلاف في الرأي والرؤية، فإنه لم يرفع هذه المغادرة إلى درجة الانفصال التام والقطيعة المطلقة، بل إنها كانت ميلادا لعلاقة جديدة؛ واعية وهادفة؛ مؤسسة على التفاعل والتنسيق والعمل النضالي المشترك في المحطات المفصلية والمصيرية مما ساهم في تحقيق مكتسبات كبرى لصالح الوطن والمواطنين …وكان للتنسيق النضالي الجاد والصادق بين هذين الحزبين الوطنيين الديمقراطيين دورا كبيرا وطلائعيا في البناء الديمقراطي وإرساء دعائم وأسس دولة المؤسسات ودولة الحق والقانون …
ويسجل الكاتب الأول، ولكن هذه المرة بمرارة ، أن  الذين غادرونا مؤسسين لإطارات جديدة، لم يحتفظوا بعلاقات جيدة معنا، كما كنا نأمل، بل إن بعضهم قاطعنا بل وعادانا…

   2 – عبرة

يؤكد الكاتب الأول، بالرجوع إلى التاريخ القريب، أن التنسيق النضالي المشترك بين حزبي الاستقلال والاتحاد وما حققه من نتائج وضعت المغرب في طريق الانتقال الديمقراطي،  يجب أن يكون عبرة لكل القوى السياسية التقدمية واليسارية…
وهنا يحضرنا  سؤال لا بد أن يجيب عنه بعض الذين غادرونا، أي قيمة إضافية في إعادة تشكيل الخريطة السياسية ، جاءت بها إطاراتهم ؟! والى أي حد ساهموا في إضعاف الاتحاد الاشتراكي دون أن ينجحوا في المقابل في إنشاء أحزاب بديلة ذات شأن أو تقوية اليسار السبعيني ، والأرقام المسجلة دليل على ذلك ولا ضرورة للتذكير  بها….
ونسجل مع الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أن الاختلاف في الرأي لا ينبغي أن يوقف التعامل والتفاعل والتنسيق في القضايا المشتركة…أن التنسيق المشترك  الجاد والممكن هو أن تدرك القوى السياسية التقدمية واليسارية وحدة مصيرها وأهدافها الكبرى، وألا تخطئ في تقديرها لخصومها وأعدائها، وألا تخدمهم ضدا على أسرتها التقدمية اليسارية، وأن تنصرف إلى تأطير المجتمع باسم القيم اليسارية….
إن التنسيق المشترك بين القوى السياسية التقدمية واليسارية هو أن تكون موحدة وجازمة في القضايا الكبرى والمعارك المصيرية ضدا على كل ما هو مناف لقيم اليسار ومبادئه .. .هو تآزر فكري سياسي، عملي دائم ومستمر، حول الجوهر، ولا يمنع بل يشترط استمرار الحوار والجدال والنقد داخل أسرة اليسار…

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 13/03/2020