الدخول‭ ‬المدرسي،‭ ‬مساهمة‭ ‬في‭ ‬النقاش‭.. ‬

عبد السلام الرجواني

أثار‭ ‬بلاغ‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬الوطنية‭ ‬حول‭ ‬الموسم‭ ‬الدراسي‭ ‬المقبل‭ ‬زوبعة‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬يطبعها‭ ‬التسرع‭ ‬والرفض‭ ‬والاختزال‭ ‬وسوء‭ ‬النية،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬سوى‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬زوبعات‭ ‬فيسبوكية‭ ‬مرت‭ ‬وانتهت‭ ‬ولم‭ ‬يبق‭ ‬من‭ ‬آثارها‭ ‬سوى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬التشكيك‭ ‬واليأس‭ ‬والتشاؤم‭. ‬نعم،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأزمات‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬أزمة‭ «‬كوفيد‭ ‬19‭»‬،‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬اليسير‭ ‬تضليل‭ ‬الناس‭ ‬وشحنهم‭ ‬وتأليبهم‭ ‬على‭ «‬الحاكمين‭» ‬والمسؤولين‭… ‬ألم‭ ‬تكن‭ ‬مواسم‭ ‬الجفاف‭ ‬والأوبئة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬فرصا‭ « ‬تاريخية‭» ‬لأحداث‭ ‬سياسية‭ ‬كبرى‭ ‬غيرت‭ ‬مسار‭ ‬التاريخ؟‭ ‬هكذا‭ ‬يفكر‭ ‬يساريو‭ ‬الهامش‭(‬اللامنتمون‭ ‬لأي‭ ‬حزب‭) ‬و‭»‬ثوار‭» ‬الفيسبوك،‭ ‬وقد‭ ‬تهيأ‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬تدوينات‭ ‬نارية‭ ‬كافية‭ ‬لزعزعة‭ ‬أركان‭ ‬الدولة‭. ‬
انطلقت‭ ‬الحملة‭ ‬الجديدة‭ ‬ضد‭ ‬بلاغ‭ ‬الوزارة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكلف‭ ‬أصحابها‭ ‬أنفسهم‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬المقرر‭ ‬السنوي‭ ‬في‭ ‬تفاصيله،‭ ‬ودون‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الخطة‭ ‬الإجرائية‭ ‬للوزارة،‭ ‬ودون‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬تصور‭ ‬بديل‭ ‬قابل‭ ‬للتنفيذ‭…‬
بغية‭ ‬تغيير‭ ‬اتجاه‭» ‬النقاش‭« ‬إن‭ ‬جاز‭ ‬اعتبار‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬نقاشا،‭ ‬أود‭ ‬تقديم‭ ‬اقتراحات‭ ‬عملية‭ ‬أراها‭ ‬كفيلة‭ ‬بالمساعدة‭ ‬على‭ ‬إنقاذ‭ ‬الموسم‭ ‬الدراسي‭ ‬المقبل‭. ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارات‭ ‬التالية‭:‬
-1 ‬لعل‭ ‬إنقاذ‭ ‬المدرسة‭ ‬والجامعة‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬العطالة‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬إنقاذ‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وعليه‭ ‬وجب‭ ‬أن‭ ‬نسخر‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬لانطلاق‭ ‬الدراسة‭ ‬واستمرارها‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬الثمن،‭ ‬فالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬تأجيل‭ ‬انطلاق‭ ‬الموسم‭ ‬دعوة‭ ‬عدمية‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬الآثار‭ ‬المدمرة‭ ‬لذلك‭ ‬على‭ ‬الأجيال‭ ‬الناشئة‭ ‬وعلى‭ ‬الوطن‭.‬
-2 ‬التحدي‭ ‬كبير‭ …‬كبير‭… ‬كبير‭. ‬يتطلب‭ ‬ربح‭ ‬التحدي‭ ‬تعبئة‭ ‬وطنية‭ ‬شاملة‭ ‬تهم‭ ‬أطر‭ ‬الوزارة‭ ‬من‭ ‬الوزيرإلى‭ ‬حارس‭ ‬المؤسسة‭ ‬وأعوان‭ ‬النظافة،‭ ‬والأسر‭ ‬المغربية‭ ‬والتلاميذ‭ ‬والطلاب،‭ ‬وأرباب‭ ‬المؤسسات‭ ‬التابعة‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭. ‬
-3 ‬خلق‭ ‬مناخ‭ ‬إيجابي‭ ‬يشجع‭ ‬التلاميذ‭ ‬والطلاب‭ ‬على‭ ‬المساهمة‭ ‬الواعية‭ ‬في‭ ‬تيسير‭ ‬حياة‭ ‬مدرسية‭ ‬ملائمة‭ ‬تراعي‭ ‬الوضعية‭ ‬الصعبة‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬تفشي‭ ‬الوباء‭.‬
-4 ‬إن‭ ‬الأخذ‭ ‬بأي‭ ‬نمط‭ ‬للتعليم‭ ‬والتعلم‭ ( ‬تعليم‭ ‬حضوري،‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬تناوب‭) ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تذليلها‭ ‬دون‭ ‬مشاركة‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬خطط‭ ‬تطبيقية‭ ‬تراعي‭ ‬الشروط‭ ‬الموضوعية،‭ ‬جهويا‭ ‬ومحليا،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لكل‭ ‬مؤسسة‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نبدع‭ ‬ونجتهد‭ ‬بدل‭ ‬احتراف‭ ‬النقد‭ ‬المبدئي‭ ‬والمنهجي‭.‬

فما‭ ‬هي‭ ‬الاقتراحات‭ ‬التي‭ ‬أراها‭ ‬جديرة‭ ‬بالتفكير؟
-1 ‬التنزيل‭ ‬الجهوي‭ ‬والمحلي‭ ‬والمؤسساتي‭ ‬للمقرر،‭ ‬وحث‭ ‬الأكاديميات‭ ‬الجهوية‭ ‬والمديريات‭ ‬الإقليمية‭ ‬ومديري‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭ ‬على‭ ‬الاجتهاد‭ ‬في‭ ‬إبداع‭ ‬الصيغ‭ ‬الملائمة‭ ‬للواقع‭ ‬الجهوي‭ ‬والإقليمي‭ ‬والمحلي،‭ ‬في‭ ‬تفاعل‭ ‬وتشاور‭ ‬وتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الآباء‭.‬
-2 ‬إعداد‭ ‬مخطط‭ ‬للسلامة‭ ‬الصحية‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬بشراكة‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وتنظيم‭ ‬تكوينات‭ ‬للأطر‭ ‬الإدارية‭ ‬وحملات‭ ‬تحسيسية‭ ‬لفائدة‭ ‬التلاميذ،‭ ‬وتجهيز‭ ‬المؤسسات‭ ‬بوسائل‭ ‬الجس‭ ‬وقياس‭ ‬الحرارة‭.‬
-3 ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬البيداغوجية‭ ‬والبنية‭ ‬التربوية‭ ‬من‭ ‬خلال‭:‬
‮- ‬‭ ‬تقليص‭ ‬عدد‭ ‬التلاميذ‭ ‬حسب‭ ‬مساحات‭ ‬الحجرات‭ ‬وشروط‭ ‬التهوية‭ ‬والنظافة‭.‬
‮-‬‭ ‬ تفويج‭ ‬التلاميذ‭.‬
‮- ‬‭ ‬تقليص‭ ‬عدد‭ ‬المواد‭ ‬الدراسية‭ ‬والإبقاء‭ ‬على‭ ‬أربع‭ ‬مواد‭ ‬أساسية‭ ‬حسب‭ ‬الشعب‭ ‬والمسالك‭ ‬ومادتين‭ ‬اختياريتين،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬أنظمة‭ ‬تعليمية‭ ‬رائدة‭.‬
‮- ‬‭ ‬التقليص‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬المدرسي‭ ‬واعتماد‭ ‬التوقيت‭ ‬المستمر‭.‬
‮- ‬‭ ‬التناوب‭ ‬بين‭ ‬تعليم‭ ‬حضوري‭ ‬بنسبة‭ ‬60٪‭ ‬وتعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد40٪‭.‬
‮- ‬‭ ‬توفير‭ ‬شروط‭ ‬تعليم‭ ‬رقمي‭ ‬حقيقي‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬التجارب‭ ‬الواعدة‭ ‬لبعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬نهاية‭ ‬الموسم‭ ‬الدراسي‭ ‬السابق،‭ ‬عدة‭ ‬تكنولوجية‭ ‬رقمية‭ ‬ملائمة،‭ ‬تكوين‭ ‬المدرسين،‭ ‬تزويد‭ ‬أبناء‭ ‬الفئات‭ ‬الفقيرة‭ ‬بأجهزة‭ ‬إلكترونية،‭ ‬الولوج‭ ‬المجاني‭ ‬للتلاميذ‭ ‬المحتاجين‭ ‬ولأطفال‭ ‬البادية‭ ‬للأنترنيت‭…‬
‮- ‬‭ ‬تطوع‭ ‬المدرسين‭ ‬والمدرسات‭ ‬المتقاعدين‭ ‬لتقديم‭ ‬دروس‭ ‬للدعم‭ ‬والتقوية‭ ‬مجانا‭ ‬على‭ ‬الفضائيات‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمواقع‭ ‬الإعلامية‭ ‬الإلكترونية‭.‬
‮- ‬‭ ‬استغلال‭ ‬كل‭ ‬الفضاءات‭ ‬المتاحة‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬للشباب‭ ‬ومركبات‭ ‬ثقافية‭ ‬وخزانات‭ ‬بلدية‭ ‬ومساجد‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬اكتظاظ‭ ‬الفصول‭ ‬الدراسية،‭ ‬بتعاون‭ ‬مع‭ ‬الجماعات‭ ‬المحلية‭.‬
الاختيار‭ ‬اختيارنا،‭ ‬والتحدي‭ ‬حقيقي‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نربح‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬المقدسة‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تجندنا‭ ‬جميعا‭ ‬للعمل‭ ‬والعطاء‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تضامني‭ ‬وفي‭ ‬منأى‭ ‬عن‭ ‬منطق،‭ ‬اذهب‭ ‬أنت‭ ‬وربك‭ ‬فقاتلا‭… ‬ونحن‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬نصر‭ ‬بلا‭ ‬ثمن‭ ‬وهزيمة‭ ‬بلا‭ ‬صمود‭…‬

الكاتب : عبد السلام الرجواني - بتاريخ : 25/08/2020