بالمباشر … الزلزال الرياضي

عزيز بلبودالي
صدق من قال: «إذا استطعت أن تقنع الذباب أن الزهور أنظف من القمامة، تستطيع أن تقنع الفاسدين أن القيم أفضل من المال».
وصدق أيضا من قال: « المغاربة الوحيدون في العالم الذين عبروا،هذه الأيام، ومباشرة بالتحديد بعد خطاب جلالة الملك في افتتاح البرلمان، عن فرحهم وسعادتهم بقرب حدوث زلزال».
نحتاج فعلا لزلزال، في الطريقة التي تدار بها السياسة والصحة والتعليم والسياحة والاقتصاد.. والرياضة أيضا. وأكيد، لن تختبئ الشمس بالغربال. ومفسدو رياضتنا ومهما تواروا وحاولوا التخفي، روائح « جرائمهم» ستظل تفضحهم. كل الوسائل وكل الحيل والطرق استعملوها من أجل التملص من كل رقابة. كل الخطط استنزفوها، تجدهم اليوم « يبدعون» في خلق أساليب بديلة، ولأنهم يتنفسون ويزاحمون الرياضيين هواء محيطهم، تعلموا منهم أن خير الدفاع الهجوم. لن نستغرب، على هذا الأساس، ونحن نراهم وهم يصطفون في الصفوف الأمامية التي تصفق لكل حركة تطالب بإصلاح أحوال رياضتنا، وب « تسنطيحتهم» ينددون بالاختلالات ويقدمون الاقتراحات. تجدهم يحللون ويشرحون ويثمنون كل الرسائل الملكية الموجهة إلى الرياضة، منذ رسالة 2008 للمناظرة الوطنية حول الرياضة، إلى الرسالة الموجهة إلى مؤتمر ألعاب القوى الافريقية المنعقد في الأسبوع الماضي، وكأنهم غير معنيين، وكأن تلك الرسائل الملكية تخاطب الآخرين و تستثنيهم هم وتضعهم في خانة» إلا من رحم ربي».
بعضهم، ممن لا يختلف اثنان حول ماضيهم السيء وصفحاتهم الفاسدة، فشلوا وأفسدوا كل المواقع التي مروا منها، أعادتهم هذه الأيام، ميكرفونات بعض الإذاعات الباحثة عن «البوز» للتقيؤ على مسامعنا ب»تحليلاتهم» ومحاضراتهم في التشخيص وفي الاقتراح وفي التنظير. منهم من، وبدل أن يعمل في زمن تحمله المسؤولية على تلقين لاعبي فريقه مبادئ الرياضة وقيمها، علمهم كيف « يبيعون» المباريات، وبدل أن يجلب الدفء لصندوق فريقه، حول ذلك الدفء لجيوبه ولحسابه الشخصي.
مصيبة حقيقية أن يسمح لمن لا تزال صفحات التاريخ تحمل آثار بصماتهم الوسخة بالعودة للواجهات، فيما « تعتقل» الأصوات النظيفة وتحاصر بجدارات المنع والتهميش.
نحتاج لزلزال حقيقي في رياضتنا الوطنية، ولن تحجب عنا تلك النتائج التي تحقق بين الفينة والأخرى، عناوين الفساد الذي ينخر جسم الرياضة في بلدنا. من يراقب من؟ من يحاسب من؟ من يوقف المهازل؟ من يحمي ويصون مالنا العام الذي يتم توزيعه بكل الطرق إلا تلك التي تخضع للمنطق وللعدالة والقانون؟
في الرياضة الوطنية، من أين سنبدأ المحاسبة؟ من الوزارة الوصية التي تدبر القطاع «عشوائيا» بدون مخطط ولا توجه واضح؟ أو من اللجنة الوطنية الأولمبية، التي تعطي الانطباع أنها تعيش عالمها الخاص ولا علاقة لها بواقعنا الرياضي، وحتى تلك الهبة الملكية التي دعم بها جلالة الملك برنامج إعداد رياضيي النخبة للألعاب الأولمبية، فشلت في تدبيرها وأزاحتها عن الهدف الذي من أجله قدمت منحة الدعم التي بلغت 33 مليار سنتيم؟ أو من الجامعات الرياضية، التي حولها بعض من رؤسائها إلى ملكيات خاصة أو وكالات أسفار للعائلة وللمقربين؟ أو من الأندية والجمعيات التي زاغت عن طريقها بعد أن حولها رؤساؤها إلى وكالات سمسرة في بيع وشراء اللاعبين والمباريات أيضا؟
لسنا مع رؤية كل الأمور بنظارات سوداء، فالواقع الرياضي يقدم نماذج مشرفة لمسيرين ومتدخلين على قلة عددهم لكنهم يستحقون مكانا في خانة « إلا من رحم ربي»، كما يستحقون منا كل التقدير والاحترام.
للأسف، الجسم الرياضي عندنا جسم مريض، تنخره عناوين عديدة للفساد، والمصيبة أننا جميعا نعرفهم، والمصيبة الأكبر أنهم يعرفون أنهم مفسدون، ومع ذلك تجد أعينهم جاحظة و»تسنطيحتهم» ناصعة، وهم من قال عنهم جلالة الملك:
« أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول، لا يقوم بواجبه، أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعرفون بأنه ليس له ضمير».
الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 16/10/2017