الشبيبة الاتحادية ربحت رهان عقد مؤتمرين اقليميين ناجحين بوجدة وكرسيف

عبد السلام المساوي

في 22 فبراير 2025 بفضاء النسيج الجمعوي ، انعقد المؤتمر الإقليمي للشبيبة الاتحادية بوجدة تحت شعار « من أجل شبيبة اتحادية فاعلة لبناء المستقبل « ؛
وفي 23 فبراير بدار الشباب ، انعقد المؤتمر الإقليمي للشبيبة الاتحادية بإقليم كرسيف تحت شعار « شباب كرسيف التزام متواصل من أجل التغيير « .
وكانا مؤتمرين ناجحين بإبداع سياسي وتنظيمي .
إن حزب الاتحاد الاشتراكي من بين الأحزاب القليلة جدا ، التي تعرف تجديدا لنخبها ، وقياداتها ، عبر التدرج في الأجهزة الحزبية ، التي هي بمثابة حاضنات لصناعة القيادات والنخب ، ليس للحزب فقط ، ولكن للوطن أولا وأخيرا .
إن الشبيبة الاتحادية ساهمت ولا تزال ، في ضمان الاستمرارية للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، عبر ضخ دماء في مختلف هياكله ، متشبعة بقيم الاتحاد الأصيلة ، ومنفتحة على أسئلة الراهن وتحولاته ومتغيراته .
خلال افتتاح البرلمان لسنة 2018 دعا الملك محمد السادس الأحزاب السياسية إلى الاعتناء بالكفاءات ، وذلك من خلال رفع الدعم العمومي المخصص للأحزاب ، وتخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار . لقد كان الهدف هو دفع الهيئات السياسية إلى المساهمة في خلق نخب شابة باستطاعتها فهم وتحليل الواقع الحالي لسكان قاعدة الهرم الديموغرافي المغربي المتكون من الشباب ، وبالتالي المساهمة في ابتكار حلول لمشاكله وقضاياه ودعمه اجتماعيا واقتصاديا وسياسية.
إن الجواب الأساسي عن إشكالية الشباب هو وضعه في قلب التنمية ، وهذا لا يعني فقط انجاز برامج لفائدته تهتم بمختلف أوضاعه وقضاياه ، وتحويله الى مجرد مستهلك لهذه البرامج التي لا تصل الى مختلف الفئات ، بل المبدأ الأساسي الذي يجب أن تقوم عليه السياسة الموجهة للشباب هي تلك التي تجعله منتجا في السياسة والاقتصاد وتحفزه على ابتكار الحلول ليس لمشاكله فقط بل لمصلحة الوطن .
النظرة السياسية الكلاسيكية لمشاكل الشباب أصبحت متجاوزة لأنها تشكل عبئا على السياسة العامة ، وتحرم البلاد من سواعد وعقول شبابها ولا تتطلع إلى المستقبل ، بل أكثر من ذلك تتسم بقصر النظر ، لذلك فإن وضع الثقة في الكفاءات الشابة وتحميلها المسؤولية في المناصب السياسية والاقتصادية والتربوية سيفيد البلاد أكثر من الاقتصار على تحويلها إلى مستهلك للسياسات العمومية ومجتر لخطاب التيئيس عوض أن تكون حاملة لمشعل المستقبل والأمل .
إن الشباب هو عنصر أساس في تقوية بناء المجتمعات ، كما أن أهميته في عملية التنمية تتجلى من خلال ما يتميز به من مقدرة عالية على الابداع والقيادة رغم الظروف الصعبة التي يعيشها ، فضلا على أن فترة الشباب بلا شك من أخصب وأجمل مراحل العمر عند الانسان ، وهي أهم الفترات حيوية ونشاطا وحركة وتطلعا .
ان تحقيق التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنشدها بلداننا يرتبط ، بشكل أساسي ، بالرهان على الشباب واشراكه الفعلي في الدينامية التنموية .
من هنا وجب التركيز على التربية والتكوين ، باعتبارهما المؤهل الأساس لولوج مجتمع المعرفة ، وبالتالي تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة ، لا سيما على مستوى اعداد الكفاءات المؤهلة للاسهام في بناء الوطن .
ان البنية الديموغرافية الشابة لبلادنا ، ينبغي أن تشكل نقطة قوة ، بالنظر إلى انخراط هذه الفئات الشابة في عالم التكنولوجيات وتحليها بروح المغامرة ، الأمر الذي يساعدها على تحقيق التحولات العميقة التي تطمح اليها بلداننا ، من اجل الانضمام الى دائرة الدول المتقدمة .
ان التغيير الحقيقي يمر عبر التربية والتكوين ، وهو ما يفرض على المؤسسات التعليمية ، بما فيها الجامعة ، تقاسم نفس القيم والأفكار من أجل تكوين مواطن قادر على التحكم في مستقبله بنفسه ، دون أن يلجأ إلى الدولة من أجل تشغيله . في 13 غشت 2017 ، قال جلالته « أكدنا أكثر من مرة ، سيما في خطاب 20 غشت 2012 بأن الشباب هو ثروتنا الحقيقية ، ويجب اعتباره محركا للتنمية وليس عائقا أمام تحقيقها « ، داعيا إلى إصلاح منظومة التربية والتكوين ، ومعالجة أوضاعهم التي تحتاج الى ابتكار مبادرات ، ومشاريع ملموسة تحرر طاقاتهم ، وتوفر لهم الشغل ، والدخل القار ، وتضمن لهم الاستقرار ، وتمكنهم من المساهمة البناءة في تنمية الوطن .
واذا كانت التنمية تروم الارتقاء بالانسان وازدهاره ، فإن هذا الأمر يمر حتما عبر ارساء تعليم ناجع تتوفر فيه الجودة ويؤسس لمجتمع مواطن تسود فيه العدالة الاجتماعية والمعرفة ، التي تلبي حاجيات المواطن في التطور الشخصي والاجتماعي والوعي بالمشاركة في التنمية على جميع المستويات .
إن الشبيبة الإتحادية كانت دائما مالكة للأفق المستقبلي ومن ثم كانت تستشرف المستقبل وتفعل في الأحداث وكان لها بعد نظر يجعلها تستبق هذه الأحداث وتقود معاركها .
وإن الشبيبة الاتحادية واعية بأن بناء الأفق الإتحادي وتجديده مشروط بسيادة الوعي الجماعي ، وبسيادة الارادة الجماعية لدى الاتحاديات والاتحاديين ؛ وأن هذا الوعي الجماعي يجب أن يكون سائدا وفاعلا مستبقا للأحداث وليس مسايرا لها ويكتفي بالتعليق عليها ؛
إن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني ، المتشبع بهويته التقدمية ، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية ، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية ، حداثية ، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد ، عبر مراهنتها المتبصرة ، السياسية والتنظيمية ، على دور الشباب ، ودور المرأة ، ودور الاطر الوطنية ، ودور القوى المنتجة في البلاد في استيعاب ، التحولات الإنتاجية الجارية ، واستدماج الثورات التكنولوجية .
أكدت الشبيبة الإتحادية بجهة الشرق ، مرة أخرى ، أن الإتحاد الإشتراكي ليس حزبا مناسباتيا..ليس حزبا ميتا ينبعث او يبعث في موسم الانتخابات…حزب حي في التاريخ بل التاريخ حي به…حزب النضال المستمر ..حضور قوي في كل زمان … كان وما زال وسيبقى…يمارس السياسة بأخلاق …بشكل مختلف عن كل الأحزاب…الديموقراطية منهج وهدف وليست مجرد إنتخابات خصوصا عندما تكون مغربية ؛
الإتحاد الاشتراكي حي …الإتحاد الاشتراكي صامد…حزب الممارسة التي تفكر ..يبادر ..يبدع …يطرح الأسئلة ويدعو إلى التفكير فيها…الحقيقة نطلبها ولا نمسك بها…لا جواب نهائي …لن يموت الإتحاد الاشتراكي مادام في المغرب انسان يتساءل ، يفكر ،يناضل …انسان يروم معانقة رفعة المواطنة والقطع خسة الرعية ؛
إن الشباب باعتباره المستقبل السياسي الواعد لبلادنا الذي علينا في مختلف المؤسسات الحزبية ان تفسح له المجال لاندماج اكبر في الفعل السياسي وتأثيره ، سياسيا وثقافيا ، على مستوى الجهات والأقاليم ، من أجل تأهيله لتحمل المسؤولية السياسية والقيادية في المستقبل للدفع بعجلة الاصلاح والتحديث ؛
مهام ورهانات الشبيبة الاتحادية على المستوى الفكري والسياسي ؛
-مواكبة التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم المعاصر ومجتمع اليوم ، والاطلاع على التجارب الانسانية الرائدة في مختلف المجالات بدل التحجر والانغلاق على الذات ؛
– مسايرة التحولات العميقة التي ساهمت فيها الثورة الرقمية من خلال امتلاك الوسائل التكنولوجية واتقان التعامل مع وسائط التواصل الاجتماعي ؛
– ان المتغيرات والتطورات المتسارعة تدعو الشبيبة الاتحادية لاقرار التحول الذي ننشده خاصة وان الفرد اليوم أصبح يتحرك كمؤسسة جماعية بفضل العالم الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي ، وهذه معادلة صعبة لكنها ليست مستحيلة تواجهنا من أجل سيادة العقل الجماعي بهدف توحيد الأفق والمشروع التنموي والمجتمعي الذي نسعى اليه ؛
– الانخراط في التوجهات الحديثة للتربية والتكوين بالانفتاح على التخصصات والمناهج المتقدمة التي ستفرز مهنا جديدة ستتطلب جيلا من الكفاءات ؛
– الاستعانة بالتطورات والاختراعات العلمية في مجال الابتكار والذكاء الاصطناعي لامتلاك الوعي الحقيقي بالتحول الذي ستعرفه البشرية مستقبلا ؛
-صيانة وتطوير التوجه التقدمي الحداثي بالدفاع عن مبادئ الحرية والمساواة والتضامن ومواجهة الفكر الرجعي والمحافظ ، وكل أشكال التعصب والتطرف …

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 27/02/2025