بالصدى: معتمرون .. خارج رادار وزارة الصحة

وحيد مبارك

جريا على عادة كل شهر رمضان، يهبّ الآلاف من المغاربة للقيام بالعمرة، إذ تشير التقديرات إلى أن عدد المعتمرين في هذا الشهر المبارك لوحده يصل إلى حوالي 50 ألف معتمر، دون احتساب باقي المعتمرين على مدار السنة، وهو مايجعل عددهم يفوق بكثير عدد الحجاج، إلا أن هذه الفئة من المواطنين المغاربة، تجد نفسها تعيش الأمرّين، وتخبط خبط عشواء من أجل تحقيق أمنيتها، في غياب معالجة فعلية لموضوع العمرة، واتخاذ قرار جريء في هذا الصدد، إسوة بالكيفية التي يتم بها تنظيم الحج وتدبيره، من طرف القطاعات المعنية، من أوقاف، صحة، داخلية، وحتى السياحة، التي تتوارى إلى الخلف برمّتها وتترك المعتمرين في تيههم!
مناسبة القول، المعاناة التي يتكبّدها المعتمرون لاقتناء اللقاح ضد داء التهاب السحايا، الذي أضحى من أجل ولوج الديار السعودية لازما الإدلاء بما يفيد تلقيح المعتمر به كما هو الحال بالنسبة للحاج، على إثر النكسة الوبائية التي عاشتها مطلع الألفية الثانية، لكن إذا كانت وزارة الصحة تتكلف بالحجاج، سواء المسجلين عبر وكالات الأسفار أو مصالح الإدارة الترابية، التابعين للأوقاف، ويتم استخلاص الواجبات مباشرة، فإن المعتمرين مدعوون لتدبر أمرهم لوحدهم، والانتقال إلى معهد باستور بالدارالبيضاء من مختلف مناطق المغرب، إذا ما عثروا عليه، لأنه في بعض الأحيان يعرف خصاصا، ويصبح مفقودا في السوق الدوائية المغربية، شأنها في ذلك شأن دول أخرى، بالنظر للإقبال المتزايد على اللقاح الجديد، وهنا يُطرح سؤال آخر، عن الداعي للاحتفاظ بلقاحين اثنين، أحدهما قديم يبلغ سعره 250 درهما، والثاني جديد تم الشروع في استخدامه منذ 2014 بسعر 750 درهما، في الوقت الذي كان يؤدي الحجاج مبلغ 190 درهما عن لقاح «المينانجيت» والأنفلونزا، دون تقديم أجوبة شافية عن حدود فعالية كل واحد منهما، وعن السعر في كلفة التلقيح الجديد الباهظة، خاصة وأنه يتم بيعه من طرف «باستور» بنفس السعر الذي يباع في بعض الصيدليات، عندما يكون متوفرا، وبالتالي يُطرح سؤال عن فلسفة هذه التسعيرة، والجهة التي تحددها؟
خصاص في التلقيح، اقتصار توفره على «باستور» وضرورة انتقال المعنيين إليه للحصول على اللقاح، لأن بعض الصيدليات المعدودة على رؤوس الأصابع لايحضر فيها إلا لماما، وجود لقاحين اثنين ترافق نجاعتهما، على مستوى السن وغيره الكثير من الأسئلة، الكلفة الباهظة، كلها وغيرها، أسئلة في حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أجوبة حقيقية، جادة، لا لبس أو غموض فيها، خاصة وأننا نتحدث عن لقاح هو محور برنامج وطني قائم الذات، ويتعلّق الأمر بالبرنامج الوطني لمحاربة داء التهاب السحايا، المعروف بـ «المينانجيت»، فكيف يسجّل خصاص في هذا الصدد، وكيف يتم تدبير هذا الموضوع بكيفية انتقائية، وليس بنظرة شمولية، وما هو دور اللجنة الوطنية التقنية والعلمية للتمنيع، وأين هو موقف الجمعيات العلمية واقتراحاتها بالنسبة لاستعمال اللقاح الأول أو الثاني، لنصل إلى وزير الصحة الذي يظل يتحدث عن تخفيض أسعار الأدوية، في وقت لم يتحرك بشأن اللقاحين، وكذا بخصوص كل اللقاحات التي تثقل كاهل المواطنين، خاصة تلك التي توجد خارج البرنامج الوطني للتمنيع، والتي لايتم تعويضها بالنسبة لعدد من المؤمنين، كما هو الحال بالنسبة لـ «الكنوبس»؟
لم يعد اليوم مقبولا أن تظل الفوضى متحكمة في تدبير عمرة المواطنين، وأن يظلوا سجناء أهواء خاصة، وأن تكون المشقة عنوانا لخطواتهم نحو تحقيق رغبتهم في التوجه للديار المقدسة من أجل قضاء عمرة، يستنزفهم التحضير لها ماديا ومعنويا!

الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 05/06/2017