بالمباشر: الوظيفة بوليسي… مسكين!
عزيز بلبودالي
«صدرت الأحكام بمعاقبة رجال الشرطة وتوقيفهم لسنتين عقب ما عرفته مباراة الوداد ونهضة بركان من أحداث شغب».
هكذا علق أحد الظرفاء على صفحته الفيسبوكية في استحضاره لمباراة مساء الثلاثاء التي عرفت شغبا خطيرا بمدرجات المركب الرياضي الأمير مولاي عبدالله. والحقيقة أن هذه المزحة الظريفة لا تخلو من إشارات تقترب من الواقع بنسبة كبيرة. صحيح أنه ليست هناك أحكام، والخبر يبقى مجرد مزحة، لكنها مزحة تحمل في طياتها معان قريبة جدا من الحقيقة، لأن الملاحظ ، ومع تعدد حالات العنف والشغب في ملاعبنا، والتي لا تعقبها متابعات تساير ما أنزله المشرع من قوانين، وتترك مرتكبي تلك الأحداث بدون عقاب وبدون أية مساءلة، فمن الممكن جدا أن يتحول الضحية إلى جاني، وهذا بالضبط ما حدث في مباراة يوم الثلاثاء.
رجال البوليس تعرضوا للرشق بالحجارة، وتعرضوا للمضايقات اللفظية والجسدية، وذهب بعضهم إلى المستشفى، فيما عاد بعضهم الآخر إلى بيته حاملا آثار اعتداء يخجل من أن يبوح به أو يكشف عنه أمام الآخرين.
ما حدث يوم الثلاثاء الأخير، يسائلنا جميعا حول مدى احترامنا للقانون ومدى تقيدنا بتطبيقه، وهل نحن نضع النصوص لتفعيلها أم لنبقيها في كتب نزين بها الرفوف والمكتبات؟
ما حدث وللأسف، يشكل وصمة عار جديدة في رياضتنا وكرتنا، عار لأن ما وقع كان في ملعب كبير وسط المدينة العاصمة، وفي مباراة تجمع فريقين من المفروض أنهما يقودان منظومتنا الكروية، نهضة بركان برئيسه «باطرون» الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والوداد برئيسه «باطرون» العصبة الاحترافية لكرة القدم الوطنية.
ما حدث راح ضحيته الملعب الذي تعرض للتخريب ولاقتلاع مقاعده، وراح ضحيته مجموعة من الأشخاص حضروا لمتابعة مباراة كروية تحول محيطها لميدان حرب وقتال، كما راح ضحيتها مجموعة من رجال الأمن حضروا لأداء مهمة وواجب ليتحولوا إلى جرحى بل وإلى متهمين بالتقصير في أداء واجبهم ومعرضين للتحقيق أمام مسؤوليهم.
سمعنا وقرأنا كثيرا عن متابعات ومحاكمات تنتهي في غالب الأحيان بإطلاق سراح المشاغبين، ولم نسمع ولم نقرأ في المقابل عن متابعات أو محاكمات للمسؤولين بسبب تنظيمهم أنشطة رياضية لم يتخذوا فيها التدابير المنصوص عليها في القانون أو في النصوص التنظيمية كما ينص على ذلك الفصل 8-308 من قانون 09-09 المتعلق بتتميم مجموعة القانون الجنائي في العنف المرتكب أثناء المباريات أوالتظاهرات الرياضية.
ينص ذلك القانون، للتذكير فقط، «على أنه يعاقب بغرامة من 5000 درهم إلى 50 ألف درهم المسؤولون عن تنظيم الأنشطة الرياضية الذين لم يتخذوا التدابير المنصوص عليها في القانون أو في النصوص التنظيمية أو في أنظمة الهيئات الرياضية المقررة لمنع أعمال العنف أثناء المباريات والتظاهرات الرياضية، إذا نتج عن ذلك أعمال العنف».
منطقيا إذن، هي الجامعة والعصبة ورئيسا الفريقين من تجب مساءلتهم في صف واحد مع مرتكبي شغب تلك الليلة، هذا ما يقوله المشرع وهذا ما ينص عليه القانون بوضوح.
أكيد، سيتم توقيف مراهقين وقاصرين، وسيتم «جر الوذنين» ثم سيتم إطلاق سراحهم. وأكيد أيضا أنه لن يتابع أحد من منظمي المباراة كما ينص على ذلك القانون، وسترفع أصوات التنديد والشجب تجاه أعمال الشغب تلك، وسيستمر الوضع الكروي كما عهدناه، بمبارياته التي، مرة تنجو ومرة تسقط ضحية للشغب.
وسيتكرر الأمر، وستتعرض ملاعب أخرى للتخريب وسيسقط وسيجرح عدد آخر من رجال الأمن، وعلى ذكر هؤلاء، ألا يجب أن نطرح السؤال حول تنامي ظاهرة الاعتداءات على البوليس في الفترة الأخيرة؟
في الشارع، في الملاعب، في الأماكن العمومية، وأثناء تأديتهم لواجبهم المهني، أصبح رجال الأمن عرضة ليس فقط للاعتداءات اللفظية والشتم والبصق، بل ولاعتداءات جسدية كثير منها خطيرة جدا.
للأسف، البعض يريده أن يكون خصما عدوا كما كنا نراه وكما كانت ترسمه مخيلتنا في زمن فات، وللأسف، تحول البوليسي،اليوم، من مسؤول يوفر لنا الحماية والأمن، إلى « مسكين» تلاحقه التهديدات والاعتداءات.
سألته: ماذا يقع في الشارع؟ لماذا كل هذا الزحام؟
كان رده :
بوليسي مسكين سلخوه ولاد لحرام وهربوا ! ! !
الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 06/10/2017