بالمباشر : تعظيم سلام!
عزيز بلبودالي
تعظيم السلام.. هو تعبير عن الاحترام، هو تفخيم شخص وتبجيله وتقديره.
وتعظيم السلام، حركة أو تحية يقوم بها الجندي أمام قائده برفع يده اليمنى لتلامس جبينه في تعبير عن التقدير والاحترام.
عند أشقائنا المصريين، يراد من عبارة تعظيم سلام إظهار الوقار والتقدير، وتأكيد الرضى والامتنان والترحيب وقبول موقف أو سلوك.
تعظيم سلام، نقولها اليوم لمن استحقها في مباراة مساء يوم السبت التي دارت أطوارها في ملعب برج العرب بالإسكندرية وجمعت بين الأهلي والوداد.
طبعا نقول تعظيم سلام لوداد الأمة، الفريق الذي وقف وقفة رجل واحد بصمود، وقاوم بروح المقاومين الذين أسسوه ذات يوم من أيام الاحتلال كأداة وسلاح لمكافحة ومحاربة وجود المستعمر.
نقول تعظيم سلام للمدرب الحسين عموتة القائد الذي نجح في وضع « ماكيت» متكاملة الأطراف واضحة الأهداف ومنح لاعبيه الثقة في اعتماد أسلوب لعب متوازن، متوسط أو متردد في التنشيط الهجومي ولكن قوي في التنشيط الدفاعي. مدرب كان واضحا أنه أحسن قراءة الأهلي واكتشف بتفوق كل نقطه وكل آليات اشتغال خطوطه.
نقول تعظيم سلام للاعبي الوداد من الحارس ولكل زملائه على مختلف الخطوط من الدفاع، مرورا بالوسط للهجوم. كل لاعب أدى دوره بإتقان، وبروح عالية وذهنية متحمسة وبقلب المحاربين الشجعان. تعظيم سلام للاعبين الذين تعملقوا أمام عملاق الكرة الإفريقية ولم يستسلموا ولم يتهاونوا أويرهبوا أو يتزعزعوا أمام تلك الأمواج البشرية الحمراء التي غطت المدرجات.
نقول تعظيم سلام لممثلي إعلامنا الرياضي الذين رافقوا الوداد في رحلته ولم يتكاسلوا في مدِّنا بكل الأخبار كتابة أو صوتا وحتى صورة. اجتهدوا وتحملوا كل المتاعب بما فيها صعوبات ولوج الملعب والتي لم يراع بشأنها للأسف من أنيطت بهم مهمة التواصل والإعلام في نادي القرن ثقافة استقبال الضيوف وتسهيل مأموريتهم، وتركوهم يواجهون مصيرهم في بوابات كانت تعج بالراغبين من الجماهير في الدخول، بل امتد الأمر إلى فتح منصة الصحافة للمقربين حتى لم يعد عدد الكراسي قادرا على استيعاب الصحفيين.
نقول تعظيم سلام، وبالبند العريض، لأنصار الوداد الذين انتقلوا من المغرب ومن مختلف دول أوربا لمنح ممثل الكرة المغربية في مباراة برج العرب الدفء الذي سرى في عروق لاعبينا وكان لهم خير تحفيز.
نقول تعظيم سلام للجمهور المصري الذي حضر بأعداد كبيرة وبسلوك رفيع وروح رياضية يستحق عليها منا أن نرفع له قبعة التقدير والإعجاب. جمهور شجع فريقه بسلوك أنيق وحضاري لا مكان فيه لعبارات الشتم والسب التي اعتادتها، للأسف، بعض ملاعبنا الإفريقية، بل وحتى عندما فشل فريقه الأهلي في فرض قوته وتسجيل الفوز، لوحظ أن الجمهور ظل كما بدأ المباراة مشجعا مدعما للاعبيه حتى أعلن الحكم عن نهاية اللقاء.
نقول تعظيم سلام للمدرب المصري حسام البدري الذي أصر على قيادة فريقه وعلى الالتزام بواجبه المهني وابنته بين الحياة والموت بأحد المستشفيات في المهجر وتحديدا في كندا ولم يطمئن على حالتها إلا بعد انتهاء المباراة حيث بشر بتجاوزها لمرحلة الخطورة.
ثم تعظيم سلام للروح الرياضية العالية التي أبان عليها لاعبو الأهلي والوداد معا، وسلوكهما المثالي في رقعة الملعب أثناء المباراة وبعد نهايتها. وعاينا كيف تصافح اللاعبون وتعانقوا وتبادلوا الأقمصة في رسالة واضحة تؤكد سمو أخلاقهم ورفعة قيم الرياضة لديهم ونضجهم في صورة نتمناها في مباراة الإياب هنا في الدارالبيضاء وفي كل ملاعبنا العربية والإفريقية.
تعظيم سلام لكل مكونات الفريقين الأهلي والوداد الذين قدموا لنا فريقين في مستوى عال شرف الكرة العربية ورفع أسهمها عاليا. ويكفينا فخرا أن فريقين عربيين يلعبان نهاية أقوى وأهم مسابقة في كرة القدم الإفريقية.
أسبوع واحد يفصلنا عن الشوط الثاني من نهاية كأس عصبة الأبطال الإفريقية، حدث ليس عاديا، ولا يتكرر كل سنة، حدث نتمنى أن يرفع الوداد للعالمية لأنه بكل موضوعية يستحقها، ونتمنى أن نقول تعظيم سلام هذه المرة، ومن جديد، لعموتة وللاعبيه، وقبلهم لمنظمي مباراة الإياب هنا بالمركب الرياضي محمد الخامس لو نجحوا في تجاوز الأخطاء التنظيمية التي رافقت نصف النهاية أمام اتحاد العاصمة الجزائري، خاصة في ما عرف بمشكلة التذاكر.
نونبر.. شهر المسيرة الخضراء، شهر الاستقلال ونتمنى أن يكون شهر الوداد وشهر المنتخب الوطني.
لنقول للكرة المغربية.. تعظيم سلام!
الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 30/10/2017