بالمباشر: سوق المدربين..!
اتسعت ظاهرة تغيير المدربين في بطولتنا الاحترافية، وأضحت موضة تلجأ إليها كل الأندية التي تسوء نتائجها، أو تعيش تحت ضغط الجمهور وحالات غضبه واحتجاجه.
تغيير المدربين والاستغناء عنهم حتى في عز المنافسة ووسط الموسم الرياضي، ليست ظاهرة مغربية خاصة، إذ نجدها في مختلف البطولات الأجنبية وحتى في أرقاها وأشهرها كالدوريات الأوربية.. لكن يجب أن نعترف أنهم هناك في أوروبا مثلا، يحترمون قواعد اللعبة، وتكون قراراتهم مبنية على أسس منطقية عادلة لا ظلم فيها لهذا الطرف أو للطرف الآخر. بينما يصبح الأمر في بطولتنا، وفي كثير من الأحيان، مرتبطا بمزاجية الرئيس أو المسير، أو برد فعل متسرع أو خاضع لدوافع غير موضوعية، أو من أجل إخفاء أسباب الفشل الحقيقية وتقديم المدرب ككبش فداء.
الانفصال عن المدرب، يبقى واردا في عالم كرة القدم، ويبقى عاديا، في الوقت الذي تتعدد النتائج السلبية، ويصبح الفريق محرجا أمام أنصاره وأمام احتجاجاتهم، فتتم غالبا إقالة المدرب كأضعف حلقة في مكونات الفريق، إذ من غير المنطقي مثلا الاستغناء عن اللاعبين، ولا يمكن تخيل إقالة أو إبعاد المسيرين، لكن ما ليس عاديا، هو تلك الظاهرة التي بدأت تغزو، للأسف، منظومة الكرة الوطنية، وانطلقت تنتشر بقوة حتى أصبح يصدقها المتتبع والمتلقي دون أن تصاحبها أسباب موضوعية أو منطقية.
الملاحظ في الآونة الأخيرة، أن خطابات مسؤولي أندية بدأت تشير إلى أن هناك ظروفا خاصة أرغمت المكاتب المسيرة على اتخاذ قرار الانفصال عن المدرب، وتتجلى تلك الظروف في كون اللاعبين يرفضون أن يقودهم ذلك المدرب، وللدفع بالمكتب المسير إلى إقالته، يتعمدون الانهزام ويبخلون في العطاء وفي المردودية.
هي إذن «النقابة» كما يصفها أصحاب الكرة، وتتمثل في إحجام اللاعبين عن بذل المجهود والاستسلام من أجل أن تتعدد النتائج السلبية فيضطر الرئيس إلى إقالة المدرب. ويستدل بعض المتتبعين حول وجود هذه الظاهرة فعلا بالتغيير الهائل الذي يطرأ على فريق كان الأضعف في الدورات السابقة ليتحول فجأة وبمجرد إقالة مدربه إلى فريق يقهر كل الأندية ويحقق الانتصارات بسهولة.
ويقول متتبعون آخرون إن «النقابة» تحضر في أشهر البطولات الأوروبية، حيث يتذكر البعض حالة المدرب مورينيو مثلا عندما كان يشرف على ريال مدريد، وكيف راح ضحية مؤامرة اللاعبين في ما بينهم.
وبين وجود هذه الظاهرة فعلا أو لا، يبقى أن تغيير المدربين ليس بالأمر الجيد الذي سيفيد كرتنا الوطنية التي تحتاج أصلا لاستقرار تقني داخل أنديتها. والعيب أن يخضع ما هو تقني صرف لمزاجية المسير، في غياب إدارة تقنية في النادي تمتلك كل الصلاحيات في ترتيب البيت الداخلي تقنيا، وتشتغل وفق برامج واضحة وليس وفق تعليمات توجه مسارها. ثم ولنقلها صراحة، هناك مسيرون يبنون اختياراتهم وتعاقداتهم مع المدربين على أمور غير مفهومة ولا تخضع لأية معايير منطقية. وكيف يقبل، في هذا الإطار، أن يقال مدرب مغربي مثلا، ويتم تعويضه بمدرب أجنبي، في الوقت الذي من المفروض أن تمنح الأولوية للكفاءات التي تزخر بها الكرة الوطنية من مدربين يحملون أعلى الشهادات والدبلومات ويعانون العطالة. وما هي الجدوى من كل برامج تكوين المدربين إن كانوا بعد حصولهم على الشهادات من الجامعة، لا يجدون فرقا يترجمون داخلها ما تلقونه من تكوين!
في ظرف أسبوعين، عاد مدربون محترمون لدائرة الظل بعد أن قررت أنديتهم الانفصال عنهم، بادو الزاكي، رشيد الطاوسي، وقبلهما فؤاد الصحابي، وغيرهم كثير دون احتساب «المطرودين» في القسم الثاني أو في أقسام الهواة!
لقد أضحى ملحا ومفروضا إعادة النظر في مسألة «سوق المدربين»، عبر الاهتمام بتشريع قوانين تنظم وضعيتهم، وتساهم في الرقي بكرتنا التي تفتقد هويتها التقنية الخاصة بها بسبب وجود مدارس كروية متعددة الجنسيات تشرف على أنديتها!