بالمباشر: مدد يا مرسي يا بو العباس

عزيز بلبودالي

شكرا على الضيافة.. شكرا على الكشري، الملوخيّة بالأرانب والمسقعة أو الكبدة الأسكندراني، الكوارع والممبار أو الحمام المحشي، وشكرا على الفول المدمس والطّعمية، الشركسية، الكشك، الحواوشي و الفطير المشلتت..كلكم ذوق وكلكم أهل كرم ومروءة.
نريد فقط مباراة جميلة تليق بكبيرين من قيمة وحجم الوداد والأهلي. ومن له أصلا «نفس مفتوحة» كما تقولون، للأكل؟ وحتى إن حضرت الشهية، با سعيد الناصيري لم يبخل على أولاده، وحمل معه في الطائرة، حسب أخبار صحفية، طنا من الأكل ومن المواد الغذائية وعددا من الطباخين المهرة الذين يتقنون الطبخ مغربيا.
اليوم، فريق الوداد سيلعب مغربيا، أكيد. مغربيا بطموح وأحلام الكرة المغربية التي نجحت في الفترة الأخيرة في تسلق المراتب والعودة إلى دائرة الأضواء. مغربيا، بعزيمة لاعبيه التي مكنتهم من تجاوز صعوبات المباريات الأولى في المجموعات، ودفعتهم للتغلب على قوة منافسي فريقهم، وتدارك التخلف في الترتيب. مغربيا بوقوف بلد بأكمله خلف الفريق الذي لا يحمل اعتباطيا لقب وداد الأمة. مغربيا، بمدربه المغربي ومساعديه المغاربة، بروحهم الوطنية التي تتعالى على كل الماديات وعلى كل الذاتيات.
اليوم، السبت، يلعب الوداد فوق أرض تحمل عطر الأجداد، الشيخ المغربي مرسي أبو العباس، العالم في الدين والصوفي الشهير، وأحد أبرز رجالات الصوفية في الطريقة الشاذلية، وأحد أبرز الأولياء في مصر وفي مدينة الإسكندرية، وضريحه من الأشهر والأكثر إقبالا على زيارته من بين كل أضرحة الأولياء في مصر، وأبو الحسن الشاذلي الشيخ الصوفي الذي تعلم على يده كبار علماء الدين والصوفية ومنهم مرسي أبو العباس، المغربي الذي اختار العيش هناك في الإسكندرية.
لن يكون الوداد غريبا في ملعب برج العرب، ستكون أنفاس الأجداد حاضرة، فلا تعولون، يا أهلاوية ويا إسكندارية على بركات مرسي أبو العباس ولا ترفعوا دعاءكم، فلن تستجيب لكم كل الأضرحة.
إنها مباراة حاسمة وصعبة على الكبيرين معا، الأهلي والوداد، بألقابهما، ببطولاتهما، بنجومهما التي قدموها للكرة العربية والإفريقية، بتاريخهما وجماهيرهما، وحتما لن تشبه سابقاتها من المباريات حتى القريبة زمنا منها وبالأخص مباريات نصف النهاية. فالرهان ليس نفس الرهان، والحلم أصبح أكبر من القدرة على تضييعه وعدم التمسك به. والوداد يا أهلي ليس هو النجم الساحلي، تنشيطا في الدفاع وفي الهجوم، وفي القدرة على قراءة المنافس والمبادرة والاستباقية. تأكدوا أن الوداد بهمة رجالاتها لن تكون إلا كما عهدناها، وهو الفريق، كما علمنا التاريخ، الذي يتعملق في المناسبات الكبيرة. لقد قالها عموتة: الأهلي أكبر ناد عربي لكن سداسية النجم لن تحدث أمام الوداد.. مقابلة نهائية مهمة بين فريقين يمتلكان نفس الطموح لتحقيق اللقب، والأهلي يعتبر أفضل ناد عربي وعنده تجربة كبيرة إفريقية لكن الوداد حاضر للإسكندرية لتقديم مقابلة في المستوى..المباراة ستكون مختلفة عن مباراة النجم، خاصة في ظل وجود طموح كبير لدى الفريقين للفوز بلقب دوري الأبطال.
أكيد، هو لقاء الكبيرين، لقاء نتمنى أن يعكس قيمتهما معا، وأن يقدم الصورة التي تليق بتاريخهما وبجمهورهما. والأهلي والوداد اعتادا اللعب في أحضان الآلاف والآلاف من الجماهير..
في الإسكندرية، عبق التاريخ، الثقافة، الفن والشعر. وفي الإسكندرية، مر الأبطال، و الشعراء والفنانون والرياضيون العالميون.
في الإسكندرية عاش بطل احترمه العالم ووقف يحييه على نبله .. البطل محمد علي رشوان، الذي أبهر العالم في الألعاب الأولمبية لوس أنجلوس 1984، ليس بما حققه من نتائج في مباريات الجودو، بل بنبل أخلاقه وروحه الرياضية العالية وذلك حين تعمد الخسارة في المباراة النهائية لهذه البطولة أمام منافسة بطل العالم الياباني ياسوهيروياماشيتا بعد أن علم رشوان أنه مصاب بركبته ورفض أن يستغل هذه الإصابة وفضل الخسارة أمامه ليحصل البطل الياباني على الميدالية الذهبية وعلى المركز الأول، ويحصل رشوان على الميدالية الفضية وعلى المركز الثاني في البطولة، ولتخرج بعدها جميع وسائل الإعلام العالمية للإشادة بمحمد علي رشوان وبأخلاقه الرفيعة، حيث توقع كل من شاهد المباراة أن يستغل رشوان إصابة منافسة بضربه في ركبته المصابة إلا أن رشوان لم يفعل ذلك وتعمد الخسارة أمامه.
نتمنى في مباراة يومه السبت، أن تسود تلك القيم النبيلة وتلك الأخلاق الرفيعة، أكيد كل فريق يطمح للفوز، لكن على الجميع أن يعلم أن العلاقات والأخوة وروح وقيم الرياضة هي التي تدوم.
مدد مدد يا مرسي أبو العباس.

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 28/10/2017