بلدنا يواصل مواجهة كل أشكال التدخل في قرارنا السيادي

عبد السلام المساوي 

 

لقد قدمت دولتنا، عبر مؤسساتها السيادية منذ سنوات، نموذجا لسياسة خارجية مستقلة تستند إلى مبادئ وأسس واضحة تهدف من خلالها إلى الدفاع عن المصالح العليا للوطن بكل حزم ووضوح، لكن دون المس بحقوق ومصالح الشعوب الأخرى، وظهر أن ملك المغرب بعزمه الصادق، الذي لا يلين، نجح في صنع رصيد ضخم من المصداقية الدولية ، حتم عليه مواصلة الاضطلاع بدور قدر للملكيات المغربية أن تضطلع به منذ عقود بل منذ قرون.
«والذي لا يعرف معنى السيادة واستقلالية القرار الوطني، وسط عالم متقلب ومتوتر ومليء بالمخاطر والاصطفافات الحادة، لا يمكنه أن يستوعب حجم القرارات والمواقف الشجاعة التي تتخذها المؤسسات السيادية، بمبادرة أو بتوجيهات من الملك محمد السادس، وطبعا لكل موقف يتخذه المغرب في قضايا ذات طابع استراتيجي كلفته الديبلوماسية وضريبته الاستراتيجية.
وواهم من يعتقد أن ما يرد في الرسائل الملكية وبيانات الخارجية المغربية من مواقف مبدئية وواقعية، يمر دون محاولات للابتزاز والضغط الدوليين، بل وفي بعض الأحيان الترهيب من أطراف لا تخدم مواقفنا مصالحهم، لكن بلدنا يواصل مواجهة كل أشكال التدخل في قرارنا السيادي ، لأن السيادة هي سبب وجود الدولة، وحينما تتنازل الدول عن سيادتها، فإنها تصبح ملحقة لسيادات أخرى.
لقد أظهر المغرب، بقيادة ملكه في مناسبات متعددة، أن الدفاع عن القرار السيادي المغربي، هو قبل كل شيء وبعد كل شيء وفوق كل شيء، وأنه لن يتسامح مع أي كان يحاول أن يفرض علينا أجندته المكشوفة والخفية.
والجميع يتذكر كيف أن المغرب قاوم إخراج الإسلاميين من السلطة خارج القواعد الانتخابية، وكيف أخذ موقف الحياد من الحرب الأوكرانية الروسية، وكيف منع الاتجار الأجنبي بالمساعدات الخارجية المخصصة للزلزال، وكيف وقف ندا في وجه مواقف الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا واسبانيا، عندما تعلق الأمر بالمس بقضيتنا الوطنية ورموز سيادتنا.
ولعل من أبلغ ما قيل في الدفاع عن قرارنا السيادي هو ما أعلنه الملك محمد السادس، حينما قال في الخطاب الذي ألقاه بالرياض في القمة المغربية الخليجية: «نحن لسنا محمية تابعة لأي بلد»، لأن ملك المغرب يدرك جيدا أن ثمن فقدان استقلالية القرار السيادي سيكون هو الارتهان لإرادة الآخرين، كما فعلت بعض الدول والجماعات بخوضها المغامرات والمتاجرة بأرواح الأبرياء وممتلكاتهم، واعتبارهم مجرد أرقام ومشاريع ضحايا.
انتصارات المغرب اليوم لا يمكن فصلها عن صيرورة مستدامة من الانتصارات التي حققتها المملكة المغربية الشريفة طوال تاريخها المجيد منذ آلاف السنين.
في العقود الأخيرة كانت الدولة المغربية ولاتزال تخوض معارك حقيقية في كل المجالات والميادين، ملاحم كبرى سطرتها العبقرية المغربية انطلاقا من الاستثناء المغربي حيث استطاع المغرب مواجهة الرياح العاصفة للخريف العربي وأدواته وتداعياته المدمرة إلى ملحمة إنجاح الحجر الصحي والانتصار على الوباء، وتكريس السيادة الترابية في ملحمة الكركرات، ثم العمل على ابتداع وتنزيل نموذج تنموي مغربي يقدم حلولا مغربية لإشكالات مغربية بأياد وعقول وكفاءات مغربية .
بطبيعة الحال لا شيء مستحيل عن هاته الدولة بقيادة ملكها ومؤسساتها السيادية.

الكاتب : عبد السلام المساوي  - بتاريخ : 28/11/2023