جلسة مجلس الأمن: إحاطة أممية حول الصحراء
نوفل البعمري
من المنتظر أن تنعقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن، بتاريخ 21 أبريل، يُقدم فيها الأمين العام للأمم المتحدة إحاطته حول التقدم المُحرز في الستة أشهر الأولى من صدور القرار الأممي عدد 2548 في أكتوبر الماضي، الذي مدد مهمة بعثة المينورسو لحفظ السلام لسنة كاملة، مع دعوة الأمين العام لتقديم إحاطته الدورية حول مختلف التطورات المنجزة من هذا التاريخ للآن، والإحاطة الحالية التي سيقدمها الأمين العام للأمم المتحدة هي إحاطة ستعكس الحالة الحالية التي تعرف:
1 – جمودا سياسيا:
هذا الجمود راجع بالأساس إلى المواقف التي أصدرها البوليساريو، إذ وضع نفسه خارج المسلسل السياسي، وفي مواجهة مباشرة مع الأمم المتحدة الذي أبرم معها اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991، وإعلانه خروجه من هذا الاتفاق الأممي، الذي وضع قواعد للسلم في المنطقة، هذه القواعد التي خرقتها جبهة البوليساريو مما جعلها تتصرف بمنطق «قطاع الطرق» وليس التنظيم السياسي الذي يعتبر نفسه طرفا إلى جانب أطراف أخرى في مختلف المباحثات السياسية، التي جرت، خاصة الأخيرة في جنيف 1 وجنيف 2، لذلك فهذا الجمود سيكون حاضرا في إحاطة الأمين العام على اعتبار أن مجلس الأمن كان يراهن على عودة هذا التنظيم لجادة صوابه واحترامه لاتفاق وقف إطلاق النار والاتفاق العسكري رقم 1 الموقع بينه وبين المينورسو في ما بعد، إذ استمرار إعلانه «لحالة حرب» لا توجد إلا في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي إعلام النظام الجزائري، الذي يقدم مسرحيات بئيسة لحرب مفبركة غير موجودة…
ولم تعترف بها لا الأمم المتحدة ولا بعثة المينورسو المتواجدة في المنطقة، وقد حاول تنظيم البوليساريو العودة للمسلسل السياسي في بيانات يريد من خلالها إيهام الرأي العام الدولي والمحلي أنه قد “انتصر” وأنه “مستعد للعودة للمسلسل السياسي” لمحاولة التغطية على عجزه السياسي وعزلته الإقليمية والدولية نتيجة انكشاف زيف مختلف الأطروحات، التي ظل يقدمها منذ العملية الأمنية الكبيرة الناجحة، التي قام بها المغرب في المنطقة العازلة الكركرات، وانهيار البروبغندا الإعلامية الضخمة التي وفرتها له الدعاية الرسمية التي أقامها النظام الجزائري في قنواته الإعلامية التي انكشف زيفها وفبركتها لبعض المشاهد، فهذا الوضع العام المرتبط بهذا السياق وبالموقف المغربي الثابت الذي يؤكد ألا نقاش مع قطاع الطرق، مع تنظيم يتصرف بمنطق العصابات في المنطقة ويريد دفعها للمجهول تلبية لأجندة العسكر الذي أراد أن يرفع ورقة “الحرب” المزيفة للتشويش على الحراك الشعبي الجزائري.
2 – تأجيل تعيين مبعوث
أممي في المنطقة:
منذ استقالة المبعوث الأممي السابق نتيجة “وضعه الصحي”، كما عبر عن ذلك، وأعلنت عنه كذلك الأمم المتحدة، وهذه الأخيرة تبحث عن تعيين مبعوث أممي جديد يقوم بمهمة الوساطة بين مختلف الأطراف المشكلة لضلع النزاع، وعلى رأسها الطرف الأساسي ألا وهو النظام الجزائري، الذي بات يعرقل تعيين أي مبعوث جديد ويدفع البوليساريو لرفض جل الأسماء التي تم التداول فيها لعلمهما أن أي مبعوث سيتم تعيينه سيكون مُطالبا باستكمال المسلسل من حيث انتهى، وهو انتهى في جنيف1وجنيف2 حيث أقرت الأمم المتحدة بإقليمية النزاع، وباعتبار الدولة الجزائرية طرفا أساسيا في المباحثات، وبالطاولة الرباعية، وبضرورة الانتقال لمستوى آخر من المباحثات حيث يجب مناقشة الحل السياسي وفقا للمعايير التي وضعتها الأمم المتحدة، وهي معايير سياسية تقدم العناصر الكبرى لمبادرة الحكم الذاتي، وهو ما يخيف الأطراف الأخرى، ويجعلها تحاول إفراغ المباحثات الأممية التي جرت من محتواها السياسي، وتدفع المنطقة نحو الفوضى، لذلك فتسمية مبعوث جديد سيكون حاضرا ضمن هذه الإحاطة لكن لا يُنتظر أن يتم التوافق في الظرف الراهن على تسمية شخصية جديدة لاستمرار الطرف الرئيسي في النزاع رفض أي اسم وعرقلة تعيين أية شخصية تكون بالمواصفات الأممية التي تتماشى مع قرارات مجلس الأمن حول الصحراء ومع المعايير التي وضعتها الأمم المتحدة.
3 – الإحاطة وافتتاح القنصليات
الأجنبية بالصحراء:
الإحاطة ما يميزها هو تزامنها مع افتتاح القنصليات الأجنبية بمدينتي الداخلة والعيون، هذه القنصليات التي جاءت في إطار ديناميات دبلوماسية خلقها المغرب في المنطقة، وقد ظل النظام الجزائري الذي يدبج، مع كل افتتاح لقنصلية في الصحراء، بيانات مشجبة ومنددة لم يتعد صداها وتأثيرها حدود قصر المرادية، يراهن من خلال بياناته الميتة على ممارسة ضغط سياسي من أجل أن تعمد الأمم المتحدة إلى إدانة فتح هذه القنصليات، وهو ما ظلت تتجاهله في مختلف تقاريرها وقراراتها منذ انطلاق مسلسل فتح القنصليات، بالتالي فرهان مختلف الأطراف على أن تكون هناك إشارة سلبية لفتح القنصليات بالصحراء في إحاطة الأمين العام هو رهان خاسر، لأن الأمم المتحدة تتعامل مع الأمر بنظرة سياسية متوازنة اعتبارا لكون القانون الدولي إذا كان يجيز تدبير المنطقة اقتصاديا نتيجة إدارة المغرب السياسية للإقليم، فهذا الأمر ينسحب على كل الأنشطة التي قد يقوم بها ،المغرب في المنطقة ليس اقتصاديا بل أيضا دبلوماسيا مما يجعل من فتح القنصليات يتماشى والقانون الدولي، ولا يتعارض مع القانون المنظم لفتح القنصليات مادام أن الأمم المتحدة تعترف بالسيادة السياسية والإدارية للمغرب على إقليم الصحراء الغربية-المغربي.
إحاطة هذه الجلسة ستكون متأثرة بكل السياق الحالي الذي تنعقد فيه، وهو سياق فيه ازدواجية أمميا، جمود سياسي بسبب عدم وجود طرف مُحاور جدي ومسؤول يحترم تعهداته أمميا وإقليميا، بالمقابل ديناميكية سياسية ودبلوماسية واقتصادية قوية تعيشها المنطقة بفعل التحركات الكبيرة التي تتم في الأقاليم الصحراوية الجنوبية بدأت بافتتاح القنصليات، مرورا بالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وصولا لقرار الحزب الحاكم بفرنسا “الجمهورية إلى الأمام” فتح مقر له بالداخلة بدلالاته السياسية الكبيرة، وسيكون هذا الحدث الحزبي/السياسي موضوع مقالة مقبلة.
الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 21/04/2021