عدالة القانون وتحييد المال والسلطة وعدم تسييس «الدين»..

بقلم : مصطفى المتوكل الساحلي

 

يطرح في اللقاءات الرسمية وبعض الأوساط الحزبية والسياسية والحقوقية موضوع حياد السلطة الذي كان مثار احتجاجات منذ أول انتخابات عرفها المغرب في أوائل الستينيات، وما زال يطرح إما بتسجيل الناس وبعض الأحزاب لتحركات وسلوكات وعلاقات قد تفيد ويستنتج منها احتمال وجود عدم الحياد…
ولتجنب الوقوع في المحظور أو الشك  يفرض على كل رجال السلطة اتباع وتنفيذ ما يطلق عليه واجب التحفظ ، وهذا يهم العلاقات والخدمات العامة حتى لا يتحول بعضها إلى الخاصة بناء على الحظوة والتفضيل الذي لايخفى على المتتبع العادي والمواطن والمواطنة..
فالقول والتنصيص على أن السلطات ليست «سياسية»  المقصود منه أن تكون غير منتمية ولا منحازة  لأية  منظمة أو هيئة حزبية أو نقابية أو جمعوية، ليكون ممثلا للقانون ومؤسسات الدولة ولاينجر أو يصنف بسبب علاقات وصداقات أو مصالح ومنافع، أو التعبيرعن آراء وقناعات شخصية لفائدة زيد أو عمر من الذين يسمون «مستقلين»  أو « حزبويين».

إن الحياد المطلوب لايعني الانكماش والمواقف السلبية  ، إنه بالانحياز للمنطق وللقانون والعدالة في الكلام والأفعال والممارسات والفصل والبت في كل الأمور، ولإقرارالحق والصدق وإزهاق الباطل والظلم، وباعتماد روح المنهجية الدستورية والحقوقية التي يجب أن ينضبط لها الجميع .
إن أزمنة سنوات الجمر والرصاص بمدها وتوقفها وجزرها تميزت ” بفن ” الكيد السياسوي حيث كان البعض من المسؤولين يعتمدون فيها لكبح أي رأي مخالف / منتقد/ معارض، ولإقبار الوعي على   التشكيك في السياسة والسياسيين وتحذير الناس منهم، ونعتهم بتوصيفات الغاية منها ترهيب العامة ك:  اللاوطنية، و”سخونية وقسوحية الرأس” والفوضويين و.. ؟! ..
لهذا فاستمرار العزوف السياسي مرده، في جزء أساسي منه، للآثار الخطيرة لانزلاقات بعض السياسات  الحكومية على مستويات العيش الشعبية وعلى ضعف إدماج الشباب واليد العاملة والمثقفة  في العمل والتنمية، وما يتعرض له العديد من الناس من مضايقات وأزمات وانكسارات نفسية ومعنوية وأخلاقية، ومازالت  العامة ترى أن السلطة تتحكم في  كل الأمور وأن  الحلول بيدها أقرب وأنجع من المؤسسات المنتخبة ومن قطاعات حكومية بالاقاليم ..؟؟
إن السياسة والديموقراطية أصبحتا حقلا للتجارب وطريقا لتمرير وبسط إرادات البعض من الذين يبحثون عن مواقع لتنمية أوضاعهم وأحوالهم المالية، ولتشكيل لوبيات تدافع عن مصالحها بالاختباء خلف الديموقراطية، وهذا من  تجليات عنف السياسات الهجينة والديموقراطيات المزورة جينيا التي تستغل الدين ومنابر النور والمعرفة لتتحكم في عقول الناس وتسوقهم زورا باسم الرب إلى الفقر والهشاشة وتقنعهم أن كل ذلك ابتلاء من الله لاختبار إيمانهم ليس به بل بسياساتهم، إنهم دخلوا في مرحلة مظلمة بنفاق الشعب وتضليله فأساؤوا للوطن كله …
كما أن تمظهرات الانحراف السياسي تداخل علاقات الإدارة مع الأحزاب – لحد التماهي أحيانا – باعتبارهم منتخبين بالجماعات الترابية أو المؤسسات التشريعية والتنفيذية والسياسيين الذين تسند إليهم مسؤوليات لها علاقة بالشؤون العامة من الجامعات إلى مؤسسات تنموية …إلخ .. ، لهذا يمكن القول إن الحياد والتحفظ الواجبين للسلطة يسري على كل هؤلاء، فالمنتخب يمثل الناخبين وليس حزبه ونقابته .. ،  والمسؤول السياسي المعين في المسؤوليات العامة أصبح في خدمة الشعب وليس للهيئة التي ينتمي إليها، كما أن مديري كل المصالح العمومية وشبه العمومية هم رهن إشارة المرتفقين والشعب وليس في خدمة الحزب، الذي ينتمي اليه أو يتعاطف معه المسؤول المركزي .
فاتقوا الله في الوطن والشعب والدولة، ولم يعد مقبولا عقلا وشرعا ووطنية القبول بمقولة إن لم تستح فاصنع ما شئت. عن أبي هريرة قال : بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث إذ جاء أعرابي فقال : متى الساعة ؟ قال : ” إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ” . قال : كيف إضاعتها؟ قال: ” إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة “. رواه البخاري

الكاتب : بقلم : مصطفى المتوكل الساحلي - بتاريخ : 12/03/2021