من العاصمة.. مغرب بتسع جهات فقط
محمد الطالبي
طفت العديد من التسريبات في الحقل العام حول عمل وزارة الداخلية على إعداد مشروع تقسيم جهوي جديد لبلدنا من الماء إلى لكويرة، وفق معايير جديدة قد تؤدي إلى تقليص عدد الجهات إلى تسع أو ما يقترب من ذلك كثيرًا. وأعتقد أن مقترح تقسيم جهات المغرب إلى عدد أقل (مثل تقليصها إلى تسع أو نحو ذلك) قد يكون خطوة هامة في إطار مراجعة النظام الجهوي في البلاد. إذا كان هذا المقترح صحيحًا، فإنه يعكس رغبة في إعادة هيكلة تقسيمات البلاد وفقًا لمعايير جديدة قد تشمل جوانب اقتصادية، اجتماعية، وإدارية.
فقد اعتمد على تقسيم جهوي شمل 12 جهة منذ 2015 بموجب الجهوية المتقدمة، وهي تهدف إلى تعزيز اللامركزية، وتحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف المناطق. ولكن في السنوات الأخيرة، ظهرت بعض الانتقادات لهذا التقسيم، حيث تعتبر بعض المناطق أن تقسيمها الحالي يعوق التنمية الاقتصادية الفعالة، أو يزيد من الفوارق بين الجهات.
تقليص عدد الجهات قد يكون محاولة لتبسيط الإدارة وتوحيد القدرات الإدارية والتنموية في عدد أقل من الوحدات الجغرافية، بحيث يكون بإمكان السلطات المحلية أن تعمل بشكل أكثر تنسيقًا وتعاونًا، وتتكامل الموارد بشكل أكثر فعالية ولعل ما عشناه من كوارث كزلزال الحوز وفيضانات الشرق قد تكون من المحفزات على هذا التفكير في إعادة هيكلة التراب الوطني إداريًا.
ولعل الكتلة السكانية عاملاً حاسمًا في العملية بحيث يتم تجميع السكان بشكل أكثر توازنًا بين الجهات.
كما سيتم اعتماد الدمج بين الجهات التي تتمتع بقطاعات اقتصادية مشابهة (الزراعة، الصناعة، السياحة، إلخ)، والهوية الثقافية والجغرافية، حيث قد يتم مراعاة الخصائص الثقافية والتاريخية لبعض المناطق في تحديد التقسيمات.
كما أن الاعتبارات الجغرافية، كالتكامل بين المناطق الحضرية والريفية، أو الربط بين المناطق المحورية في حركة النقل والبنية التحتية، فالعدالة المجالية تتطلب تحقيق تنمية متوازنة، من خلال التركيز على تحسين التنسيق بين الجهات وتقليل الفوارق التنموية، إذ سيساعد عدد أقل من الجهات على تحسين توزيع الميزانيات والمساعدات الحكومية بشكل أكبر.
قد تكون هذه الخطوة جزءًا من تقييم شامل لمسار الجهوية المتقدمة، وهو مشروع إصلاحي تم إطلاقه منذ سنوات بهدف نقل المزيد من الصلاحيات إلى الجهات لتحفيز النمو المحلي والحد من التفاوتات الاقتصادية. إذا تم تقليص عدد الجهات، يمكن أن يكون الهدف هو تعزيز فعالية هذه الجهوية المتقدمة عبر تحسين التنسيق بين الفاعلين المحليين، وزيادة قدرة الحكومة على توجيه المشاريع المهيكلة.
ربما يحتاج التقييم، الذي خلصت إليه الجهات المختصة، مرة أخرى، لحوار وطني شامل، يأخذ في عين الاعتبار ما حققه بلدنا من اختراقات حسمت، بشكل جذري على المستوى الخارجي، في موضوع وحدتنا الترابية المسبوق والموثوق بإجماع وطني متين حول قدسية القضية الوطنية، والتشبث بالتراب موحدًا وموحدًا لأمة المغرب. وكذلك التراكمات والمشاريع الجديدة المهيكلة في أفق القفزة النوعية اجتماعيًا ثقافيًا واقتصاديًا لسنة 2030، وهي القفزة التي تتزامن والثورة التي يشرف عليها ملك البلاد شخصيًا بمناسبة كأس العالم لكرة القدم.
الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 07/12/2024