كلمة:  دمقراطية ربع ساعة  

محمد الطالبي

 

 

المتتبع لأشغال جلسات مجلس النواب وبدراسة بسيطة للتوزيع الزمني لابد أن يخرج بخلاصات سريعة مفادها أن الأغلبية والحكومة تخاطبان نفسيهما ولاشي آخر، والقرارات تكون بزر التصويت حيث تنمحي هوية ممثل الأمة ليتحول رقما لا غير .
التوزيع الزمني لا يسمح حتى لبعض الوزراء بإتمام إجاباتهم حيث لا صوت يعلو على «انتهى الوقت»، ويليه منع الصوت عن النواب والوزراء، دون الوصول إلى نتيجة، وجعل المغاربة يغادرون الشاشة بأسف بسبب الإخراج السيئ المتضمن في النظام الداخلي .
هي إشكالية عميقة تسند للنسبية العددية، وفي تعد على إنشتاين صاحب النظرية، ليس هذا هو العيب الوحيد،  فضعف حضور عزيز أخنوش للبرلمان ضدا حتى على الدستور  في جلسة المساءلة الشهرية، وأيضا الجلسات الأسبوعية لمساءلة الوزراء، يعتمد تأويلا غير  ديمقراطي اعتمادا على قاعدة التمثيل النسبي ما جعل كل المعارضة لا تتكلم إلا في حدود ربع ساعة في حين تستفرد الحكومة وأغلبيتها بساعتين و45 دقيقة. رغم إشارة القضاء الدستوري حين عدل عن القاعدة المذكورة ومنح المعارضة نفس الحصة الزمنية الممنوحة للأغلبية تكريسا للمكانة التي حرص الدستور على تخويلها للمعارضة.
إن الأمر تبخيس لممثلي الأمة وللانتخابات وللأحزاب وللقانون والدستور بل تكريس للانفراد بالقرار الحكومي، وهو منطق لا يستقيم وحكومة بلا سند شعبي ولا مشروعية في الشارع، حيث احتجت ضدها كل الفئات ومازالت قراراتها تدفع للاحتقان المجتمعي، وحينها لن ينفعها لا تكميم الإعلام العمومي ولا الخاص ولا صناعة ما يسمى بالمؤثرين، وسنكتشف متأخرين أن الأحزاب الحقيقية والنقابات الحقيقية إما أن تكون حقيقية أو لا تكون، وهنا في السياسة والوطنية إما أن تكون أصيلة أو لا تكون، الوطنية ليست تقليدا، ها نحن ما زلنا مشدوهين ونزداد استغرابا من حجم اختراق الفعل السياسي النبيل من متشبهين ومدعين ومن لا ضمير لهم، ومن الباحثين عن تبييض مساراتهم الخاصة، مستغلين البناء المؤسساتي الوطني، وكل الرصيد الذي شيد من زخم المعاناة، وحتى من رحم السجون والجنون .
نعم مازالت معركة أقوياء النفوس لبناء الوطن ممكنة وممكنة لأن الفساد لا وطن له، ووطننا يترسخ في كل محطة وكل يوم !

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 08/02/2024