كلمة ..  «فراقشية الصيف» والحكومة ! 

محمد الطالبي

في ظل تغول وجهة نظر تدبيرية من طرف حكومة لا تستمع إلا لمنطق الربح واستعمال الريع تحت مسمى «الدعم»، تبقى السعادة وجودة الحياة من الاحلام الممنوعة مغربيا ، لأن حتى البحر لم يسلم، في هذا البلد، من منطق السوق.
في هذا الوطن، بات أخذ فسط من الشمس على رمال الشاطئ رفاهية لا تُتاح إلا لمن يملك أموالا وفيرة .
من طنجة إلى الكويرة، من السعيدية إلى آسفي، شريط ساحلي يفوق آلاف الكيلومترات، لكن الفقراء لا يجدون موطء قدم على شاطئ واحد. لا لأنهم لا يحبون البحر، بل لأنهم لا يستطيعون دفع «الجزية».
فشقة متواضعة، في حي شعبي على بعد كيلومترين من الشاطئ، قد تصل إلى ألف درهم في الليلة. مظلة شمسية ومقعد بلاستيكي يساوي وجبة أسرة بكاملها. علبة سردين تُباع بأضعاف ثمنها، ومياه الشرب نفسها لا تصل إلا عبر وسطاء «فراقشية الصيف «.
وهنا لا نتحدث عن استغلال، ولا نتحدث عن سياحة وطنية، بل عن مقاولة موسمية لابتزاز المواطن.
هنا لا يُستثنى أحد: من كراء الشقق، إلى أصحاب المظلات، إلى باعة «الفتات الغذائي»، إلى أصحاب المأذونيات الذين يحتكرون وسائل النقل ويتفننون في رفع التسعيرة، دون رقيب ولا حسيب. الكل ينهش… والمواطن البسيط هو الضحية الدائمة.
ثم يخرج علينا من يتبجح بدعم الأسر بـ500 درهم شهرياً! هل يُعقل أن يتحدث أحدهم عن الكرامة بهذا الرقم الهزيل، في بلد لا تكفي فيه هذه «الإعانة» حتى لليلة واحدة في إقامة متواضعة؟ أليس في ذلك سخرية من عقولنا، وإهانة لملايين المغاربة الذين يُقهرون في صمت؟
ووسط هذا العبث، ننسى الفئة الأضعف: الطفولة.
ملايين الأطفال المغاربة يقضون صيفهم في الأزقة، أو في ما تبقى منها، بين جدران الإسمنت والقهر. لا فضاءات آمنة، لا مخيمات شعبية كافية تسع هذه الملايين، لا أنشطة مجانية كافية حتى نعترف بالموجود غير الكافي،.
الطفل المغربي لا يرى البحر إلا في التلفاز، ولا يعرف من العطلة سوى حر الشمس، وصخب الحي، وقائمة طويلة من الممنوعات.
فأين الحكومة  من حق الطفل في اللعب والترفيه والاصطياف؟
أين الحكومة من واجبها في توفير بيئة تُنمي الخيال والبهجة؟
أين هي «جودة الحياة» التي يتشدق بها البعض، ونحن نغرق في مستنقع الإهمال والإقصاء؟
المشكلة ليست في الأسعار فقط، بل في غياب أي منتوج وطني حقيقي، موجه إلى الفقراء أو الطبقة الوسطى التي تكاد تنقرض. لا بنية تحتية، لا فضاءات مجانية، لا أسواق مُنظمة، لا رقابة على الجودة، لا…
يُطلب من المواطن  أن «يصيف» محلياً، أن ينعش الاقتصاد الوطني… لكنه لا يجد حتى مرحاضاً عاماً نظيفاً، أو شاطئاً بلا حواجز.
من الواضح اليوم ان ، البحر ليس للجميع، بل لمن يملك المال. الرمل ليس فضاء عمومياً، بل مِلك مستأجر بمزاد .
أليس من حق الفقراء أن يحلموا بشاطئ نظيف ومجاني؟
أليس من حق أطفالهم أن يلعبوا دون خوف، ويركضوا على رمال بلدهم دون إذن؟
أليس من حقهم أن يستمتعوا ببلادهم سواسية بعيدا عن لسعات الفراقشية

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 26/06/2025