مضاجعة ملثم فوق رمال تيندوف

بديعة الراضي

لا أخفيكم سرا قرائي الأعزاء أن هذا الأبريل الذي سنستقبل أيامه في غضون الأسبوع المقبل يسكنني، ويسائلني كيف أتعامل مع جبال من خيال الظل التي تجرب في ركحه، ومع الزمن الذي اعتاد الشهر المسكين في أيامه المحدودة، تحمل المساحات الجغرافية عبر العالم التي يريد هواة القفز في الهواء خوض جولاتها الهيتشكوكية.
كما لا أخفيكم أنني تركت التفكير في عيد ميلادي الذي يصادف الأسبوع الأول من أبريل، وبدأت أحصي كل تلك التقارير التي اعتاد الأمين العام للأمم المتحدة منذ مصادقة مجلس الأمن على اطلاع المجلس بانتظام على الحالة في الصحراء المغربية، وما يتبع ذلك من تهديدات وتعهدات وتخوين لدول عظمى عندما يتم الاحتكام إلى لغة العقل والمنطق التاريخي، في أفق تدبير سالم لملف مفتعل النزاع فيه، بأياد نحن نعرف أهدافها، كما ما يتبع ذلك من لغة التصفيق والتطبيل لبرلمان في جزيرة محاصرة بأفكار الحرب الباردة، أومهووسة بالبحث عن تشابه قضايا، ضمن قناعات دول الجوار في «منظمات تقرير المصير» تلك التي اعتادت «تفريق اللغا» في ممرات المنتديات الدولية التي يقتات بعض صناع المجتمع المدني فيها، من تلويكها، في شكل شعارات، تنتهي بكأس معتق في السفارات الحاضنة، كما تنتهي بين ذراع امرأة، حولها عشق مضاجعة ملثم فوق رمال تيندوف إلى بوق لقضية خاسرة، اضطرت المسكينة فيه، أن تعتصم في مطارات دولية، دفاعا عن الوهم، قبل أن تصبح مستعملة في ممرات أقاليمنا الجنوبية، لجمع الأصوات النشاز على قلتهم، مكلفة بمهمة تصويرهم ومضاعفة حجم عددهم، وجلب الهائمين والهائمات من الضفة الأخرى والباحثين والباحثات عن لفحات الشمس من أجل اسمرار وجوههم على حساب «الباجدية» من موظفي ثقافة البتر ودولار، ضد شعوبهم المستضعفة، المغلوبة على أمرها في أكواخ زبالة «فم الواد «التي لا تغري ضحية ملثم رمال تيندوف.
وهم الهائمون والهائمات الذين واللواتي، عندما استعصى عليهم استكمال المشهد، اضطروا إلى جلب صور من العراق وفلسطين وسوريا، إشباعا لرغبة، في مشاهدة الثوار وهم ينادون بتقرير المصير، والأمن المغربي يستعمل الدبابات لتفريق الجماهير الغفيرة التي غابت في الواقع، ليجلبها الخيال الدونكيشوتي للاستعمال، كون حقوق الشعب الصحراوي المزعوم تنتهك، وأن الملثم فوق أرض الجزائر بتيندوف، عليه أن يركب حصانه ليدوس فوق كافة رؤوس القوات المسلحة الملكية، ليقطع رؤوس ساكنة محتلة أتت من «الموزنبيق».
مشهد بالفعل يحضرني وأنا أتصفح كل ذلك الجهد الدولي الذي ينخرط فيه المغرب، بقناعة منتصرة للسلام، ومؤمنة بقوة التاريخ وبحقيقة الافتعال، لكن وأنا أتصفح مواقع الخصم، بدا لي أبريل مضيعة للوقت، خصوصا وأن المتحايلين على خلق شرخ كبير في مسار هذا الجهد على ضوء تحولات المسار ورهاناته وإكراهاته، وتناوب نخبه الدولية التي يشكل حتى الذهاب والإياب من الذات إلى الموضوع قضية معقدة، يسعون إلى تضييق الخناق على المغرب بالترويج لتطبيع عدم شرعية سيادة المغرب على أراضيه، بزرع لغة الخصم كي تصبح حقيقة، موظفين المثل الذي يقول إنه»كلما رددت جملة باستمرار وشمت حروفها في ذاكرة المستمع».
وهي الجمل التي يختار الخصم واجهاتها في نقل الزيف الذي امتهن فيه المكلفون لغة الكذب الأبريلي، ذلك الذي اشتد حتى تم تزييف صور لظواهر اجتماعية، لنا في المغرب مسالك معالجتها ضمن القوانين التي تنظمنا جميعا في شمال المغرب كما في جنوبه، كمجتمع حي يبني ديمقراطيته بواقعية وحكمة.
صور قالت عنها الصحافة الضائعة فوق تراب الجوار، إن جماهير غفيرة خرجت عن بكرة أبيها ضد الوحدة ومع الانفصال، والحال أن خيال المدون في مواقع» الكولاج»، كان يتمنى ذلك حتى مطط حد الفضح، صور 50 شخصا منهم ثلاث نساء رددوا شعار الاستقلال، وبدا من خلال الترديد، أن المسكينات يبحثن عن مقابل، على ما أدوه من حناجرهم في ليلة باردة في حي من أحياء مدينة الداخلة، التي عرفت قبل أسبوع زيارة أبرز قادة العالم، هؤلاء الذين عبروا لوسائل إعلام وطنية وأجنبية عن تفاؤلهم بمستقبل الداخلة في ظل التصورات التنموية الكفيلة بجعل عروس الساقية الحمراء ووادي الذهب المغربية بوابة تربط المغرب بالساحل الإفريقي نحو ضفاف أخرى عالمية.
ولهذا لا أخفيكم سرا قرائي الأعزاء أن هذا الأبريل كذبة، وكافة تقاريره لم توصلنا إلى حل، نريده حلا متوافق عليه، في إطار لغة السلم التي تسكننا، لكن حان الوقت لنغير من لغتنا، من خرائطنا، لنذهب إلى خصمنا الحقيقي مباشرة لنسأله ماذا يريد، من موقع دولة في مواجهة دولة لا مكان لنزاع مفتعل بينهما، بلغة المصالح والاتحادات والتحديات المشتركة في الإقليم بصفة عامة، وأقصد به الخصم الجزائري تحديدا. غير ذلك لنكن مستعدين لكافة الاحتمالات.

الكاتب : بديعة الراضي - بتاريخ : 29/03/2018