هل تنقذ المساعدات الدولية لبنان من أزمة إنسانية، سياسية واقتصادية خانقة؟

باريس- يوسف لهلالي

أدى الانفجار الهائل الذي وقع الثلاثاء الأخير في مستودع في مرفأ العاصمة اللبنانية إلى سقوط 160 قتيلا على الأقل وستة آلاف جريح وعشرات المفقودين، إلى جانب تشريد مئات الآلاف من الأشخاص. وهي حصيلة مؤقتة في انتظار إنهاء عملية البحث عن المفقودين في مكان الانفجار.
هذه البلاد ذات الإمكانيات الاقتصادية المحدودة لم تكن في حاجة إلى هذه الكارثة في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها مند مدة تحت وقع تظاهرات احتجاجية للبنانيين.
تحركت فرنسا من أجل حشد الدعم لإنقاذ هذا البلد من الكارثة، وكان الرئيس إيمانويل ماكرون، أول رئيس دولة أجنبية يزور لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، ووعد في العاصمة اللبنانية الخميس بتقديم مساعدة سريعة وكبيرة من الأسرة الدولية.
المغرب كان من بين البلدان الأوائل التي قدمت مساعدات إنسانية إلى هذا البلد العربي، وأرسل مستشفى ميدانيا عسكريا لتقديم المساعدات الطبية حيث تضرر قطاع الصحة بشكل كبير جراء العدد الهائل للضحايا.
وعقد المانحون الدوليون ندوة عبر الفيديو الأحد لدعم لبنان الذي هزه انفجار هائل ويعاني من أزمة اقتصادية خطيرة، وحضرت هذا الاجتماع بلدان متعددة منها الولايات المتحدة، فرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى الصين وروسيا ومصر، والاتحاد الأوروبي.
وعقد المؤتمر الذي ينظم بمبادرة من فرنسا والأمم المتحدة، في منتصف النهار، وقالت الرئاسة الفرنسية إنه سيشكل «خطوة للضرورة والأمل لمستقبل» البلاد.
من جهته، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل المؤتمر بعد اتصال مع الرئيس الفرنسي أن «الجميع يريدون تقديم المساعدة للبنان».
إسرائيل «لم تحضر» المناقشات في هذا المؤتمر، لكن «الأمم المتحدة أجرت معها اتصالات في هذا الشأن».
كما وجهت الدعوة إلى دول الخليج – الكويت وقطر والإمارات العربية والسعودية -»، موضحا أنه «لا يشك في أنها ستُمثل» في الاجتماع. كما شاركت المؤسسات الأوروبية في المؤتمر لحشد مساعدة إنسانية عاجلة.
وقدرت الأمم المتحدة قيمة احتياجات القطاع الصحي وحده في لبنان ب85 مليون دولار، لكن الجميع ينتظر ما ستسفر عنه نتائج الاجتماع.
وقال مصدر في الاليزيه إن «الهدف الفوري هو التمكن من تأمين الاحتياجات العاجلة للبنان، بشروط تسمح بأن تذهب المساعدة إلى السكان مباشرة»، موضحا أن الأولويات هي «تدعيم المباني المتضررة والمساعدة الطبية العاجلة والمساعدة الغذائية وترميم مستشفيات ومدارس».
وتابع أن «النهج هو ذلك الذي تستخدمه المنظمات الدولية، من الضروري عدم منح الحكومة اللبنانية شيكا على بياض».
ويشهد لبنان منذ أشهر أزمة اقتصادية خطيرة تمثلت بتراجع غير مسبوق في سعر عملته وتضخم هائل وعمليات تسريح واسعة وقيود مصرفية صارمة.
وتظاهر آلاف المحتجين السبت في وسط العاصمة تحت شعار «يوم الحساب»، وقد اقتحموا مرافق عدة أبرزها وزارة الخارجية، مطالبين بمعاقبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت الذي أدى إلى تراجع شعبية السلطات، وخلفت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، قتيلا من الأمن وعشرات الجرحى بين المتظاهرين، وعلى إثر ذلك، اقترح رئيس الحكومة اجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن التظاهرات «تدل على سخط وقلق السكان وضرورة تغيير الأمور». ورأى مصدر الاليزيه أن «لبنان يغرق ونعتقد أنه وصل إلى القاع، لذلك حان الوقت لإعادته إلى السطح»، مشيرا إلى أن الرئيس الفرنسي وعد خلال زيارته بألا تذهب المساعدات إلى «الفساد».
الاتحاد الاوربي قال هو الآخر إن «لبنان يمكن أن يعتمد علينا»، وطالب رئيس المجلس الأوربي شارل ميشيل خلال زيارته لبيروت بتحقيق مستقل، للكشف عن ملابسات انفجار مرفأ بيروت. وشدد على ضرورة الإصلاح المالي ومحاربة الفساد تلبية لتطلعات اللبنانيين.
وفي نفس الاتجاه قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إنه سوف يسعى إلى حشد الدعم العربي من أجل مساعدة لبنان في هذه المرحلة الصعبة.

الكاتب : باريس- يوسف لهلالي - بتاريخ : 10/08/2020