مع إدريس لشكر في حديث عن القاسم الانتخابي
عبد السلام المساوي
1- غامر حزب رئيس الحكومة، في زمن البلوكاج البنكيراني، بمفاهيم «ثقيلة»: هذا تحكم، هذه انتكاسة، هذا إغلاق للقوس، هذا انقلاب على الشرعية، هذا تركيع للبيجيدي، هذا مخطط مخزني، هذه مؤامرة… وغير ذلك مما سار على سبيل هذا النوع من المفاهيم المبنية للمجهول، المحبوكة بأصابع متشابهة …
واليوم يعود حزب العدالة والتنمية إلى استعمال لغة التحكم من جديد؛ وذلك بالتزامن مع المشاورات التي تقودها وزارة الداخلية مع الأحزاب،بتفويض من رئيس الحكومة والتي توافقت فيها حول العديد من النقط باستثناء القاسم الانتخابي والذي تطالب عدد من الأحزاب بالاعتماد على المسجلين في اللوائح عوض عدد الأصوات الصحيحة في احتساب المقاعد البرلمانية.
موقف أمانة المصباح هو ما عبر عنه رئيس فريق البيجيدي في مجلس النواب، مصطفى الابراهيمي، عندما اعتبر أن النقاش الدائر حول تخفيض العتبة وتغيير نمط الاقتراع وطريقة احتساب القاسم الانتخابي يسعى إلى التحكم في العملية الانتخابية، ويعاكس الإرادة الشعبية، منتقدا الأصوات التي تغلف هذا النقاش بادعاء أن الوضع لا يحتمل أن يرأس حزب العدالة والتنمية الحكومة لمرة ثالثة، ومؤكدا أن الديموقراطية لا تتعارض مع تولي حزب ما رئاسة الحكومة لمرات متعددة، مادام ذلك يأتي عن طريق صناديق الاقتراع.
2- هل هو تلبيس على الذات أم تلبيس على المواطنات والمواطنين-الناخبات والناخبين؟! هل هي حملة انتخابية سابقة لأوانها أم ضغط على الفاعلين السياسيين؟! هل هو وهم أم غرور؟!
يعتبر الحزب الحاكم أن استحقاقات 2021 المقبلة محسوم مسبقا في نتائجها! فهو الفائز بها بإطلاق؛ مسلمة لا تقبل الشك والتشكيك، والمطالبة بإصلاح العملية الانتخابية واعتماد القاسم الانتخابي على قاعدة المسجلين تروم، في نظره، تقييد صلاحياته في تشكيل الحكومة ورئاستها!
اعتقاد الإسلاميين أن البيجيدي ينطلق في مواجهة الأحزاب المغربية من «قناعة-معتقد»، تنضاف إلى قناعات ومعتقدات أخرى، أن الجميع، كل الفاعلين السياسيين، وطنيا وكونيا! واثقون من أن الحزب الإسلامي سيتصدر الانتخابات المقبلة وأنه ثابت في ترؤس الحكومة، وكل من يخالف هذه «النبوءة-المعتقد»، فإنه يحاول محاصرة اكتساحه السياسي ومقاومة مده الانتخابي… الانتخابات المقبلة، إذن، حسم أمرها، فوز البيجيدي يقين مطلق يجب أن يسلم به الجميع.
قد نتفهم كل الأوهام ، ونتفهم استنفاره لمقاومة دعوات الإصلاح الانتخابي، فهو يعتقد أن هذه الدعوات تستهدفه، وأنها تهدف إلى نزعه «حقه المقدس» في تشكيل وترؤس الحكومة؛ أو ليس هو الفائز والمنتصر مسبقا، الفائز والمنتصر الآن وقبل إجراء الانتخابات في 2021!! … لكن ما هو عصي على الفهم والتفهم، هو أن البيجيدي ينسى أو يتناسى بأنه في لحظة امتحان،وفي لحظة مساءلة… ،وقد سقط القناع عن الأقنعة…
نتائج انتخابات 2021 تم الإعلان عنها! البيجيدي هو الفائز، وما علينا إلا أن نصفق ونبارك؛ دعوا البيجيدي يشكل الحكومة وكفوا عن دعواتكم إلى أي إصلاح للمنظومة الانتخابية! وما على الأحزاب، كل الأحزاب إلا أن تسلم وتستسلم، الأحسن أن تريح نفسها من هم وعناء الانتخابات، ولم لا، تترك السياسة كلها؛ وكل تعديل وإصلاح غير مفصل على مقاس البيجيدي هو مرفوض!
وفي جوابه عن سؤال حول موقف العدالة والتنمية الرافض للقاسم الانتخابي على قاعدة عدد المسجلين، أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن مقاربة موضوع القاسم الانتخابي خارج دائرة المشاورات الجارية مع الأحزاب السياسية المغربية، هو نهج لا أخلاقي يسعى بشكل استباقي، إلى خلق فزاعة تحاول ضرب اختيارات المغرب للتنوع والتعددية.
وأكد الأستاذ إدريس لشكر أن موقف حزب العدالة والتنمية، يسعى إلى فرض رأي معزول، في تناف تام مع التوجه الديمقراطي الذي يجب أن يشمل هذه العملية، خاصة وأن المشاورات مازالت مستمرة بين مختلف الفرقاء.
ويسجل الأستاذ إدريس لشكر، أن خطاب المظلومية الذي يركبه حزب العدالة والتنمية، لا يستند على أي أساس ديمقراطي، خاصة أن جل الأحزاب المغربية اليوم، تؤيد هذا الإجراء التنظيمي والإصلاحي في العملية الانتخابية.
إن التوجه، يؤكد الأستاذ لشكر، نحو اعتماد القاسم الانتخابي على عدد المسجلين، هو تصحيح وضعية الاختلال التي كرسها النظام السابق، الذي لم يعكس تمثيلية الاختيارات الحقيقية للشعب المغربي.
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 07/10/2020