أفق انتظار القمتين رفيعتي المستوى بين المملكتين المغربية والإسبانية

محمد العربي هروشي

كما هو معلوم يومي 1و2 فبراير 2023 إن انعقاد القمتين بقيادة رئيسي الحكومتين المغربية والإسبانية سيكون بمثابة محطة مفصلية للحسم في طبيعة العلاقة التي باتت تحكم البلدين الجارين بعد فترة التوتر والجمود التي عرفتها العلاقات على كافة الأصعدة.
وبعد أن جرت مياه تحت جسر العلاقة البينية التي تربط المملكتين بعد استقبال العاهل المغربي لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشز والوفد المرافق له وطرح كثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك على بساط النقاش، لاحت في الأفق بوادر الانفراج توجت بالاعتراف الصريح والواضح للجار الإسباني بالحل المغربي للقضية الوطنية المرتبطة بالحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية.
وحسب مصادر إعلامية إسبانية OK DIARIO فإن الوفد المرافق لرئيس الحكومة الإسبانية سيتألف من عشرة وزراء على قدر كبير بمعرفة المغرب، وعلى رأسهم Teresa Ribera والتي لها صلة بموضوع الطاقة المتجددة والتغيرات المناخية، وكذلك وزير الفلاحة والصيد البحري Luis Planas والذي سبق له أن شغل منصب سفير لبلده بالرباط.
ومن القضايا ذات الملحاحية التي ستطرح على جدول اللقاء الهجرة غير الشرعية ومكافحة التهريب بكل أشكاله، ومكافحة الإرهاب والتطرف، ونرجو ألا يؤثر الحدث الأخير للشاب الذي طعن مواطنا إسبانيا بالجزيرة الخضراء مؤخرا حيث التحقيق مازال جاريا لمعرفة الدوافع والأسباب خاصة وأن الجزيرة الخضراء تحتضن أكثر من 120 جنسية.
يضاف إلى ذلك ملف الصيد البحري والفلاحة، وهو ملف حيوي نظرا لاعتماد الجارة الإسبانية على صادرات المغرب في إنعاش سوقها الداخلي لسد خصاصها .
ملف التعاون العسكري والاستفادة من سوق التسلح الإسباني خاصة والأمر يرتبط بالتعاون الأمني وهو ملف استراتيجي للبلدين .
كذلك، لا يقل التعاون الثقافي والتربوي والبحث العلمي الجامعي أهمية، وعلى الطرف الإسباني تعزيز تعليم الإسبانية بعد أن لوحظ تراجع على هذا المستوى، خاصة في البعثات الإسبانية واعتماد وزارة التربية الوطنية المغربية تدريس اللغة الإسبانية على نطاق أوسع بالإعداديات والثانويات المغربية التي تقلص حضورها في الآونة الأخيرة.
إن كثيرا من الآمال معلقة على هذه القمة لفتح آفاق جديدة،على أسس متينة ملؤها الندية وشعار رابح رابح.
وكان مرتقبا أن تفتح المنطقتان الحدوديتان بالسليبتين سبتة ومليلية أبوابهما في وجه المرتفقين في الاتجاهين قبل انعقاد القمة ،غير أن الطرف المغربي اقترح تأجيل الأمر بعد انعقادها حسب ماورد في صحيفةEl pais عدد الأحد 29 يناير 2023 .
والجدير بالذكر أنه رغم تدهور العلاقة بين البلدين إثر استقبال زعيم الانفصاليين بإسبانيا وما رافق ذلك من أحداث مؤسفة توجت باستقالة وزيرة الخارجية التي تسببت في اقتراف هذا الخطأ الدبلوماسي الجسيم،فإن المبادلات التجارية بين البلدين عرفت استقرارا : ففي 2019 عرف رقم المعاملات التجارية الإسبانية 15 مليار دولار متجاوزة بذلك فرنسا التي انحصر رقم معاملاتها في 13مليار دولار ، وقد تصدرت إسبانيا دول الاتحاد الأوروبي والعالم بوصفها الشريك لأول للمغرب، بل إنه في 2022 بلغت المبادلات التجارية بين المغرب وإسبانيا16, 8 مليار أورو= 180 ملياردرهم.
إن طبيعة العلاقة المغربية الإسبانية ليست من تلك التي تربط مجمل دول العالم، ذلك لأن التاريخ والجغرافية والمشترك الثقافي بالمعنى المركب يجعل من الصعب فك الارتباط لمجرد توتر أو سوء فهم ،لأن وحدة المصير باتت فارضة نفسها في عالم يعرف المزيد من التكتلات في إطار قطبية متعددة .
ولذلك تقتضي الحكمة ألا تخضع المدينتان السليبتان لنظام التأشيرة حتى لا تدخلا تحت طائلة مسطرة شينغن وبالتالي أن يستثنى سكان الأقاليم المتاخمة تطوان والناظور من هذا الإجراء لاعتبارات تاريخية وإنسانية .

الكاتب : محمد العربي هروشي - بتاريخ : 03/02/2023

التعليقات مغلقة.