أميج في زمن الرفاق

جمال المحافظ

ليس المقصود ب»زمن الرفاق «استعارة لعنوان الفيلم السينمائي لمخرجه أشرف الطريبق الذى يسلط الضوء على جانب من جوانب تاريخ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، أومجرد على إحالة على ألقاب لبعض مناضلي سنوات الرصاص ومرحلة «التقويم الهيكلي» سيئة الذكر، أو اشتقاقا وتماهيا مع تيار سياسي بأحد الهيئات السياسية في بدايات الثمانينات من القرن الماضي، لكن الأمر يرتبط بإحدى التجارب المتميزة للحركة الجمعوية المغربية في ميدان تأطير الشباب، كان أبطالها وشخوصها، ثلة من أطر الجمعية المغربية لتربية الشبيبة AMEJ ( أميج ) إحدى أبرز الجمعيات التطوعية.
«رفاق الجمعية» كانت هي التسمية التي اهتدت ( لاميج )إلى إطلاقها على فئة اليافعين المتراوحة أعمارهم ما بين 15 سنة و17 سنة، كانوا آنذاك محرومين من ارتياد دور الشباب والاستفادة من قضاء العطلة بألمخيمات الصيفية المنظمة من لدن وزارة الشبيبة والرياضة التي كانت قوانينها وأنظمتها المورثة عن المرحلة الاستعمارية، تنص فقط على أنشطة فئتي الأطفال المتراوحة أعمارهم مابين 10 سنوات و14 سنة، والشباب من 18 سنة فما فوق.
هذه التجربة التربوية الفريدة في مجال تأطير فئة اليافعين التي أطلقتها ( لاميج) من فروعها بدور الشباب، وتوجت في صيف 1986، بتنظيم أول ملتقى وطني خاص ب» رفاق الجمعية» بمنطقة الأطلس المتوسط بمخيم عين خروزوة، بعد تنظيم شبه تجربة من هذا القبيل سنة 1965، كما كان يردد على مسامعنا مربي الأجيال السي محمد الحيحي ( 1928 -1998 ).
إذن ما هي «إرهاصات التأسيس، الغايات، الأهداف» و»أي امتداد وإشعاع وطني لمدرسة رفاق الجمعية « و» أي متطلبات لاعادة الامل مع جيل الألفية الثالثة» لهذه المدرسة الجمعوية، هي المحاور التي أطرت «لقاء الذاكرة»في نسخته الثانية الذي نظمه– عن بعد – ليلة أمس الخميس ( 21 ماي 2020 ) فرع الجمعية المغربية لتربية الشبيبة بمدينة سلا «، بمناسبة مرور64 على تأسيس الجمعية المغربية لتربية الشبيبة، في 19 ماي 1956بتوجيه ورعاية المهدي بن بركة الذى كلن قد انتبه مبكرا منذ بداية الاستقلال، إلى أهمية الاستثمار في عنصر الشباب والطفولة.
اختيار المشاركين السبعة في «لقاء الذاكرة»الذي نشطته رحاب الشكراوي ( 17 سنة)، وهي إحدى « رفيقات « فرع الجمعية بسلا، لم يكن اعتباطيا، عبر «عينة عشوائية «، وإنما تحكمت في ذلك، نظرة ثاقبة، تحكمت فيه، فلسفة عميقة، يمكن تسميتها روح الاستمرارية في ظل التغيير، وهذا ما يتضح من الأسئلة، التي أثيرت حول هذه التجربة ارتباطا بسياقاتها، منها كيف جاءت فكرة تأسيس؟وماهي البرنامج المعتمدة في تنشيط هذه الفئة من « الأطفال الكبار» ؟ ولماذا اختيار تسمية الرفاق؟ واستمرارية وراهن هذه التجربة بفروع الجمعية ؟ وإشكالية التأطير والتكوين في ومن الثورة الرقمية؟
فالملتقى الوطني لرفاق الجمعية بعين خروزوة سنة 1986، إشارة انطلاق هذه التجربة، وترسيمها تنظيميا، ليس فقط على مستوى جمعية لاميج، وإنما على مستوى الوزارة الوصية، والمنظمات المماثلة وأصبحت الملتقيات الوطنية لليافعين والأنشطة تقام على مدار السنة، مما جعل هذه الفئة من الشباب، تحظى بالاهتمام والرعاية، قبل أن تبلغ 18 سنة التي تؤهلها لاكتساب عضوية الجمعيات، وفق ما تنص عليه القوانين، وذلك بعد أن يكون « الرفاق» قد تسلحوا بمباديء وأهدف الجمعية وتشربوا قيمها.
ويعتمد في تصريف البرامج والأنشطة الموجهة إلى « رفاق الجمعية «، على قاعد المبادئ المستمدة من التربية الحية، وتنمية الفكر النقدي وروح الإبداع و الاحترام المتبادل، وتكريس التعامل الديمقراطي والمساواة، وذلك من خلال أوراش العمل التي كانت ترتكز على التكوين في مجالات الإعلاميات والصحافة والنشر ( قبل الثورة الرقمية ) وتنمية الطاقات المتجدد من خلال التدريب على استغلال الطاقات المتجددة من الطاقة الشمسية.
وكانت هذه البرامج تولي كذلك، أهمية خاصة للتنشيط الثقافي عبر نوادي الكتاب والمسرح والسينما فضلا عن الأنشطة الرياضة والأوراش، والتمرس على أنظمة تدبير وتسيير الجمعيات وقوانيها، وادارة الحوار، فضلا عن تطورات القضية الفلسطينية، وقضايا التحرر والأغنية الملتزمة، التي كانت تشغل حيزاكبيرا في هذه البرامج الموجهة لليافعين.
ورغم الظروف الصعبة التي كان يجتازها العمل الجمعوي الجاد، حافظت الأجيال المتعاقبة على لاميج ، على هذه التجربة، التي اعتبرها رئيسة فرع الجمعية بسلا رجاء طبط في كلمة ترحيبية بالمناسبة، لبنة أساسية في تطور لاميج واستدامتها فاعلة في الحقل الجمعوي، داعية إلى فتح نقاش وطني حول هذه التجربةبهدف تطويرها، وهو أحد أهداف هذا اللقاء، سارك فيه كلا من رئيس «حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي»الإعلامي جمال المحافظ الملتقى الوطني لرفاق الجمعية سنة 1986، وسبعة من خريجي « مدرسة الرفاق»،أربعة منهم بالمكتب الوطني للجمعية،وهم محمد كلوين والأستاذ الجامعي عبد الرحمان حداد ومحسن بأهدي وسفيان ناصور فضلا عن الاعلامي حسن بنزلا عضو لجنتها المركزية، وفريد حسني الفاعل المدني بفرنسا والمستشار الجماعي بضواحي باريس وعضو المكتب المركزي للجمعية سابقا.
وأوصى المشاركون في هذا اللقاء الذي انعقد تحت شعار» مدرسة رفاق الجمعية بلاميج بين رؤية التأسيس، الامتداد، ورهانات الافق والاستمرارية»، فتح نقاش عميق حول تجربة «رفاق الجمعية»، وإعداد تصورات واضحة حول مع تأصيلها،وتوثيقها، صيانة لذاكرتها والاستفادة من تراكماتها، مع اصدار دليل خاص بمؤطري هذه الفئة العمرية،والانفتاح على شباب الألفية الثالثة، والاستفادة من ايجابيات التكنولوجيا الحديثة.
وإذا كانت الأجيال التي مرت ب»مدرسة لاميج «، متنوعة في تصوراتها وانتماءاتها السياسية والاجتماعية والمجالية، بيد أن كلها تجمع على الاعتراف بالدور الحاسم الذى لعبته هذه الجمعية، في تنشئتها الاجتماعية ومساراتها، وكما يقول –الفاعل الجمعوى عبد الرزاق الحنوشى أحد الأطر السابقة في لاميج – أن هذه الأخيرة علمت أجيالها، كذلك أنه بقدر انتقادنا للظواهر السلبية التي تعوق تطور مجتمعنا، علينا أيضا أن نتحمل نصيبا من المسؤولية في المساهمة في صياغة البدائل والسعي الحثيث إلى إعمالها على أرض الواقع وترجمتها في سلوكياتنا اليومية.
وباعتمادها على العمل التطوعي، شكلت الجمعية مدرسة حقيقية لإعداد الأجيال الصاعدة، ولبث روح التضامن وترسيخ قيم المواطنة ونبذ الأنانية والانتهازية، وهي مبادئ التي راهن عليها أطر الجمعية من نساء ورجال. فجمعية AMEJ ،وهو ما يشكل حافزا لاستمراريتها وإشعاعها.

الكاتب : جمال المحافظ - بتاريخ : 29/05/2020