«أورشليم الصغيرة» والملتقى الوطني الأول حول «دور اليهود المغاربة في إغناء الذاكرة الجماعية الوطنية»

بقلم: حنان الخميسي

إن ارتباط اليهود المغاربة بوطنهم المغرب كان ولا يزال قائما،  وهو يجسد مدى التعايش السلمي و الارتباط الوجداني بالهوية المغربية وتاريخها، الشيء الذي أدى مع مرور الوقت إلى إنشاء ثقافة يهودية مغربية تغلغلت، شيئا فشيئا، داخل المجتمع مع توالي السنين، وعلى الرغم من تشبث الطرفين بهويتهما ومعتقداتهما إلا أنهما صنعا، سويا، أوجه تشابه من قلب الاختلاف الذي ميز أحدهما عن الآخر ..
تطوان المدينة المغربية ذات الطابع الأندلسي والتاريخ العريق الممتد لمئات السنين، كانت نموذجا حيا للتعايش بين اليهود والمسلمين أنتج لنا مجتمعا مختلطا، بشكل إيجابي ومتجانس، إذ على الرغم من أقليتهم إلا أنهم اندمجوا داخل المجتمع المغربي، ولعبوا في المرحلة التي سبقت الاستعمار دورا مهما في مجالات عدة من المبادلات المالية والتجارية في الداخل والخارج، الحرف التقليدية بأنواعها، الفلاحة والموسيقى كذلك، حيث أثروا في الثقافة السائدة في المدن والحواضر كما في القرى والبوادي، وتأثروا هم بدورهم بمكونات الثقافة المغربية وعناصرها، وانصهروا في بعضهم البعض بطريقة نبذوا بها الاختلاف ورسخوا قيم التعاون والتعايش في ما بينهم.
ولعل الملتقى الوطني الأول حول «دور اليهود المغاربة في إغناء الذاكرة الجماعية الوطنية»، الذي عقد بتطوان، والذي نظمته جماعة تطوان بشراكة مع جامعة عبد المالك السعدي بدعم من عمالة تطوان، بمناسبة ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال بحضور مستشار جلالة الملك محمد السادس والرئيس المؤسس لجمعية «الصويرة-موكادور» أندري أزولاي، يوم الأربعاء بتطوان، امتداد لهذه القيم، إذ جاء في كلمة أزولاي ما يفيد بأن المغرب وأكثر من أي وقت مضى سيظل مؤتمنا على التعددية، التي تميزت بها بلادنا، والتي تشكل إحدى خصوصياته الرئيسية أمام العالم، ليس هذا فحسب بل أضاف بما معناه أن المجتمع المغربي هو ثمرة تلاقح حضارات عدة لقيت الترحيب وعاشت في بلادنا، والدليل مجتمعنا المتعدد الثقافات من الأمازيغية واليهودية، العربية والإفريقية، الشيء الذي يجعل المغرب مسؤولا عن تراث تاريخي غني وعميق الجذور في تاريخ البشرية ككل. هذه المسؤولية تتقاسمها معه بدورها الجامعات المغربية على اعتبار أنها المنتج والناشر الأول للمعرفة، إذ من خلالها ينقل التراث الاجتماعي والحضاري خصوصياته من جيل لآخر …
تطوان المدينة التي لقبها اليهود ب»أورشليم الصغيرة»، هذا اللقب الذي يحمل بين طياته تاريخا ممتدا لعشرات السنين تظهر لنا بالملموس أهمية التظاهرات المقامة من هذا النوع، والتي تعطينا إشعاعا ثقافيا تستحقه مدينة بحجم تطوان، التي تحمل في جعبتها من الحب، الأمان والسلام الشيء الكثير…

الكاتب : بقلم: حنان الخميسي - بتاريخ : 19/01/2023

التعليقات مغلقة.