إشكالية الشأن الديني بين التقصي والتمحيص

مسعادي عبداللطيف
إن إعادة طرح إشكالية الشأن الديني من قبل الاتحاد العالمي لمغاربة المهجر على المباشر لمرات عديدة، لا تعني كما يراه البعض كل ما يملك الاتحاد في جعبته للخوض خلال هذه الحوارات، أو كما ذهب آخرون إلى أن الموضوع لا يراد منه سوى الشهرة والبروز على الساحة، وأن مواضيع النقاش عديدة ومتعددة حول قضايا الجالية كتزايد نسبة الطلاق، تمزق الأسر، ضياع الأبناء، التعاطي والمتاجرة في المخدرات، فقدان الهوية، الانحلال الخلقي، والتشتت الفكري، وهي حسب زعم هؤلاء، مواضيع أكثر أهمية من الشأن الديني، وكأن هذا الأخير لا يعد سوى مسألة عقائدية لا تمت بصلة للمشاكل المذكورة، وهذا التوجه أضحى يخيم على المناخ الفكري والإيماني لمعظم شباب المهجر، وهي مسألة بالغة الخطورة من حيث البعد المستقبلي، إذ تلوح إلى بوادر الفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي، وذلك لغياب الجانب التشريعي المنظم للعلاقات الاجتماعية والعملية والاقتصادية للجالية، ما يعبر حقيقة عن وجود أزمة دينية مهجرية، إذ التقصير وغياب الدور المحوري التحسيسي للمؤسسات في التوجيه والتحذير والتربية والتنوير أدى إلى فراغ روحي وخواء باطني عند العديد من الشباب وكان سببا في انزلاق هؤلاء نحو ما تعرفه المجتمعات الغربية من ميوعة أخلاقية وحداثة سلبية وتقهقر قيمي من جهة، وإلى التطرف والتشيع والإلحاد من جهة أخرى، وعليه فإن إشكالية الشأن الديني في العمق تبقى قضية متشعبة تطال كل المجالات، علمية كانت أم ثقافية وفكرية وفنية، والمرافق الحيوية من عمل وإدارة ومؤسسة فضلا عن الأطراف، من جمعيات ومديريات وأجهزة، وكذا الجهات من ولايات و فدراليات ووزارات، لذا فدراسة الإشكالية والإحاطة بها إحاطة علمية تتطلب العديد من اللقاءات والحوارات وتدخلا من الأشخاص والأطراف لفك خيوط القضية والوصول إلى مواطن الخلل لإيجاد حلول معقولة ومنطقية من أجل إعادة تفعيل هذه المؤسسات الدينية وتحسين سيرها وتدبير الدعم والتمويل المخصص لمواجهة القضايا المستجدة في الساحة الدينية، خاصة وأننا نقف اليوم على كارثة عظمى تتمثل في تبني وتكفل الأسر والمؤسسات المسيحية بأبناء الجالية المتخلى عنهم والمتنازع حولهم من طرف الآباء أو المتوفى ذووهم، مما سيولد لنا شريحة مسيحية جديدة من أصول مغربية مسلمة، بتوجهات جديدة ومعطيات معرفية مغايرة وغير مسبوقة ولا محسوبة وهو ما لم تقم له قائمة من قبل مع المؤسسات الدينية العتيقة والمحدودة الإمكانيات، وكأن هذه الأموال كانت سببا في إفساد هذه المؤسسات وضياع دورها وإتلاف نشاطها، فهل يا ترى سنستطيع أن نتدارك كل الهفوات والأخطاء لإعادة هيكلة هذه المؤسسات وتأطيرها وبرمجتها، إحياء للدور الذي كان منوطا بها وتقويما وإصلاحا لما هو كائن؟
ولتحقيق هذه الإمكانية ندعو للمزيد من الحوار والمشاركة من طرف كل الأشخاص والجمعيات والجهات المعنية، أملا في إيجاد الحلول الناجعة لهذه المعادلة التي هي أشبه ما تكون بالدائرة المربعة.
الكاتب : مسعادي عبداللطيف - بتاريخ : 30/08/2019