الأغلبية الحكومية بين فشل الأداء ومأزق الاستحقاقات المقبلة

محمد السوعلي (*)
مقدمة
تعددت في الأشهر الأخيرة الانتقادات الموجهة إلى الحكومة الحالية، وبموازاتها، بدأت تظهر للعلن بعض أوجه التفكك في صفوفها، كما أن حرصها على إعطاء الانطباع بأنها حكومة كفاءات، لم يعد يخفي فشلها في تدبير عدد من القطاعات. مما جعل التساؤلات تتناسل في ما يتعلق بانعكاسات إخفاقات الحكومة في تدبير الوضع الاقتصادي والاجتماعي على المعيش اليومي للمواطنين، وكيف أثّرت الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار على القدرة الشرائية للمواطنين؟ وما مدى تفاقم الأزمة الاجتماعية في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية؟ وهل حقًا تتوفر الحكومة على رؤية واضحة للإصلاح، وما العوامل الرئيسة التي أدّت إلى هذا الإخفاق؟ ثمّ كيف تبدو الاستحقاقات الانتخابية المقبلة لعامي 2026 و2027 في ظل أداء حكومي هزيل وانتظارات شعبية متصاعدة؟ وهل ستتمكن الأغلبية الحاكمة من الصمود وسط تفاقم الأزمات، أم أنّ فشلها سيفسح المجال لقوى سياسية أخرى؟ وأخيرًا، هل يبقى الأمل قائمًا على حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لتقديم بديل سياسي وتنموي حقيقي يجيب عن تطلعات المغاربة؟
إخفاقات الحكومة المغربية في تدبير الوضع الاقتصادي والاجتماعي
منذ توليها السلطة، وجدت الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش نفسها أمام تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة تفاقمت بفعل ظروف داخلية وخارجية. ورغم الوعود المتكررة بالإصلاح وتحقيق التنمية، لم يلمس المواطنون أي تحسن ملموس في حياتهم اليومية. ويظهر هذا الإخفاق في عدد من القطاعات الحيوية المرتبطة مباشرة بمستوى عيش المغاربة، وهذا ليس مجرد انطباع، بل واقع تم رصده وتوثيقه في تقارير رسمية وقراءات لخبراء محليين ودوليين، بينهم باحثون في مراكز الدراسات الاقتصادية الوطنية.
في الواقع، إذا كانت حكومة التناوب التوافقي بقيادة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي نهاية التسعينيات، ساهمت في إعادة الاعتبار للفعل السياسي، وفي أهمية المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، وفي تقوية الآمال في تعزيز المسار الديمقراطي والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. فإن هذه الدينامية عرفت تعثرًا تدريجيًا خلال العقدين الأخيرين، وسط تحديات بنيوية كالبطالة والفوارق المجالية والفساد الإداري، لتتفاقم اليوم مع غياب خطط استراتيجية واضحة.
الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار والبطالة
شهد المغرب في الفترة الأخيرة موجة غلاء متسارعة شملت المواد الأساسية كالخبز والزيوت واللحوم والوقود، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للأسر بنسبة تتجاوز 30%، بحسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط. وقد تضافرت عوامل متعددة في هذه الأزمة، أبرزها الاضطرابات التي مست سلاسل التوريد العالمية وارتفاع تكاليف الاستيراد. ووفق تقرير بنك المغرب لسنة 2023، بلغ معدل التضخم السنوي حوالي 5.8% في منتصف العام، وهو ما زاد من الضغوط على الأسر ذات الدخل المحدود. ورغم تطمينات الحكومة، لم تُفضِ تدخلاتها المحدودة إلى حلول جذرية، تاركةً الفئات الهشة في مواجهة مباشرة مع تبعات الغلاء والاحتقان الاجتماعي.
وعلى صعيد آخر، ورغم التصريحات الحكومية بشأن خلق فرص عمل وتعزيز الاستثمار، كشفت تقارير رسمية عن انخفاض في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 10% خلال النصف الأول من عام 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وتشير تقديرات بعض الخبراء إلى أن ارتفاع كلفة الإنتاج وضعف الحوافز الضريبية ومناخ الأعمال غير المشجّع عوامل تعرقل مسار الاستثمار. كما ظلت نسبة البطالة مرتفعة عند 21% على المستوى الوطني، وبلغت 28% في صفوف الشباب، وفق آخر إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط. ولم تنجح البرامج الحكومية مثل “أوراش” و”فرصة” و»انطلاقة» في الحد من هذه المعدلات، نظرًا لمحدودية تأثيرها واستمرار العوائق المرتبطة بالبيروقراطية وضعف التدبير والتسيير.
وتشير تجارب مقارنة في دول عربية، كالأردن وتونس، إلى سياسات ناجحة نسبيًا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية بقطاعات التكنولوجيا والصناعات التحويلية عبر حوافز ضريبية وإدارية، مما ساهم في تقليص نسب البطالة في صفوف حاملي الشهادات. وتُظهر هذه النماذج الإقليمية إمكانية استفادة المغرب من تجارب مقاربة لوضعه العام، شريطة اعتماد رؤية إصلاحية واضحة.
تفاقم الأزمة الاجتماعية
رغم الوعود بإصلاح القطاع الصحي، لا يزال هذا الأخير يعاني نقصًا يقدَّر بنحو 7000 طبيب و12 ألف ممرض، وفق بيانات وزارة الصحة لسنة 2023، فضلاً عن افتقار المستشفيات العمومية إلى التجهيزات والمعدات الأساسية. ويؤدي هذا الوضع إلى تدهور الخدمات الصحية، مما يدفع المواطنين إلى اللجوء للقطاع الخاص ويرفع من تكاليف الرعاية، خاصة على الأسر محدودة الدخل. أمّا على صعيد التعليم، فتشير بيانات الوزارة الوصية إلى أن نسبة الهدر المدرسي في المرحلة الإعدادية تتجاوز 9%، مع تسجيل نقص حاد في التجهيزات الدراسية، خصوصًا بالمناطق القروية، ما يعمّق الفوارق الاجتماعية بين من يتمكنون من الالتحاق بالتعليم الخاص ومن لا تتوفر أمامهم سوى مدارس عمومية متدهورة.
ويرى مختصون تربويون أن اكتظاظ الفصول الدراسية وضعف برامج التكوين المستمر للمدرسين، فضلًا عن محدودية الميزانية المخصصة للتعليم، تشكّل عوامل رئيسة تعرقل تطوير المنظومة التعليمية. ووفق تقارير منظمات دولية، مثل اليونسكو، يتطلب تحسين جودة التعليم في الدول النامية استثمارًا أكبر في البنية التحتية والتكنولوجيا، إضافة إلى تكوين الأطر التربوية على مناهج حديثة ودامجة.
من جهة أخرى، لم تفِ البرامج الحكومية في مجال الحماية الاجتماعية بالغرض المنشود، إذ يزداد مؤشر الفوارق الاجتماعية اتساعًا، فيما تشهد الطبقة الوسطى تراجعًا واضحًا نتيجة الغلاء وضعف الأجور وتردي الخدمات الأساسية. وتعكس الإضرابات والاحتجاجات التي شهدتها قطاعات كالتعليم والصحة والعدل تفاقم حالة الاحتقان الاجتماعي وغياب حلول عملية لمعالجة مطالب هذه الفئات.
غياب رؤية واضحة للإصلاح
تفتقر السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى، فتبدو التدخلات الحكومية ترميمية وغير قادرة على استئصال جذور الأزمات. كما يُلاحظ بطء في تنفيذ المشاريع التنموية، فضلًا عن غياب خطط واضحة لمواكبة التحولات الاقتصادية العالمية. وقدّرت تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن نسبة إنجاز بعض المشاريع الكبرى لم تتجاوز 35% مع نهاية عام 2023، ما يدلّ على ضعف آليات التنسيق والإدارة. وفي ظل تسارع وتيرة الغلاء والبطالة واتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية، تتعمّق أزمة الثقة بين الحكومة والمواطنين، ولا يمكن تجاوزها إلا بإصلاحات جذرية وناجعة.
عوامل الإخفاق الرئيسة
للفعل الحكومي
يعاني تدبير الشأن العام من غياب التخطيط الاستراتيجي، إذ غالبًا ما تُتخذ القرارات في سياق محدود الأفق، دون دراسة معمّقة لآثارها بعيدة المدى، مما ينعكس سلبًا على فعالية المشاريع التنموية وقدرتها على التكيف مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية. وإلى جانب ذلك، يبرز ضعف التنسيق الحكومي كمعضلة أساسية، حيث يؤدي تداخل الاختصاصات وانعدام الانسجام بين الوزارات والقطاعات المختلفة إلى تعطيل تنفيذ الإصلاحات وتفاقم الارتباك في السياسات العمومية، فينعكس ذلك على سرعة التجاوب مع مشكلات المواطنين المتصاعدة. وفي خضمّ هذه الأجواء، تبقى البيروقراطية المعقدة وغياب آليات رقابة فعالة من بين العوامل الرئيسة في تفشّي الفساد والريع والمحسوبية، ما يجعل أي إصلاح جذري أمرًا عسيرًا في غياب إرادة سياسية حقيقية وإجراءات حازمة لمكافحة هذه الظواهر.
انتخابات 2026: بين أداء حكومي هزيل وانتظارات شعبية متجددة
تأتي انتخابات 2026 في سياق سياسي مطبوع بإخفاقات حكومية متوالية وأزمات تزداد حدّة. ومع أنّ الحكومة الحالية تمتلك أغلبية مريحة داخل البرلمان، فإنها تبدو عاجزة عن بلورة برامج إصلاحية واسعة النطاق تُلبي الحد الأدنى من تطلعات المواطنين، خاصة في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية. وفي خضم الحديث عن استضافة المغرب لكأس العالم 2030، يُطرح تساؤل حول مدى قدرة الحكومة الراهنة أو المقبلة على استثمار هذا الحدث لدعم الاقتصاد وتقديم صورة تنموية واقعية، بعيدًا عن الاكتفاء بسرد إنجازات محدودة أو الركون إلى المبادرات الملكية دون وجود خطط تنفيذية حقيقية.
الأغلبية الحكومية بين فشل الأداء ومأزق الاستحقاقات المقبلة
مع اقتراب الانتخابات التشريعية لعام 2026 والانتخابات الجماعية والجهوية لعام 2027، تواجه الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية مأزقًا حقيقيًا في إقناع الناخبين مجددًا، خصوصًا بعد سنوات من الأداء المتواضع الذي أسفر عن تراجع قطاعات حيوية كالتعليم والصحة وتشغيل الشباب، إلى جانب ارتفاع تكاليف المعيشة. وقد تعمد بعض الأحزاب إلى التملّص من المسؤولية عبر تحميل حزب رئيس الحكومة الجزء الأكبر من الفشل، في محاولة للظهور بمظهر “المعارضة الداخلية”، غير أنّ الوعي الشعبي بالمشهد السياسي والمعاناة المعيشية يصعّب قبول أي خطاب يتنصّل من المحاسبة أو يبرّر الإخفاق بالظروف الخارجية.
من المحتمل أن تعتمد الأغلبية الخطاب التقليدي القائم على وعود فضفاضة دون خطة تنفيذية واضحة، أو الترويج لإنجازات محدودة مثل تعبيد الطرق ومدّ الإنارة العمومية، وهي خطوات لا ترقى إلى مستوى المشكلات البنيوية التي تعصف بالمواطنين يوميًا. غير أنّ هذا النهج يفتقد للمصداقية أمام واقع معيشي يزداد تأزّمًا مع ارتفاع البطالة والغلاء.
ومع استمرار هذه الإخفاقات، يتعاظم إحباط الناخبين الذين يعانون تدهورًا ملموسًا في الخدمات العامة، فيتعمّق بذلك مأزق الثقة ويكشف محدودية الخطاب السياسي لدى هذه الأحزاب. وقد يلجأ بعض شركاء التحالف الحاكم إلى الانسحاب أو توجيه انتقادات علنية لسياسات الحكومة، متذرعين بعدم حيازتهم سلطة القرار الفعلي، إلّا أنّ هذا الأسلوب يظل مكشوفًا أمام الرأي العام الذي يعي دور تلك الأحزاب في صنع القرار منذ البداية.
وفي خضمّ هذا المشهد، يترقّب الجميع كيفية مواجهة الأحزاب الحاكمة للاستحقاقات المقبلة، التي تمثل اختبارًا حاسمًا لمدى قدرتها على الاستمرار في السلطة. فإذا واصلت التعلّل بالعوامل الخارجية لتبرير فشلها، مع عدم طرح أي خطط إصلاحية جريئة ترتكز على الكفاءات الوطنية، فقد تواجه انتقادات أقوى، في وقت يترقّب فيه المواطنون حلولًا عمليّة لما تراكم من أزمات على مدى السنوات الماضية.
يبقى الأمل معقودًا على حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
في خضم هذه الأجواء، يبرز حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بوصفه إحدى القوى السياسية القادرة على طرح بديل متجدد يعيد ثقة الشارع بالمؤسسات، مستفيدًا من تاريخه في التناوب التوافقي بقيادة الراحل عبد الرحمان اليوسفي. ولتحقيق هذا الطموح، يحتاج الحزب، ومعه بقية أحزاب اليسار، إلى تبنّي مشروع انتخابي وتنموي شامل يعالج القضايا الملحّة في التعليم والصحة والتشغيل والعدالة الاجتماعية، مع التركيز على إعادة الهيكلة التنظيمية عبر دعم الفروع الموازية كالشبيبة الاتحادية والقطاع النسائي، واستقطاب الكفاءات الشابة القادرة على ضخّ دماء جديدة في العمل الحزبي والوطني. ومن جهة أخرى، لا بد من ترسيخ الحكامة الجيدة باعتماد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد والريع من خلال أجهزة رقابية قوية ومحصّنة. وفي السياق نفسه، تبرز أهمية التركيز على الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من خلال تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتحفيز ريادة الأعمال لدى الشباب، مع توفير حوافز ضريبية وتشريعية تُشجّع الابتكار والاستثمار في القطاعات الواعدة. ويُضاف إلى ذلك ضرورة استثمار حدث كأس العالم 2030 على نحوٍ يستهدف توجيه الاستثمارات نحو مشاريع البنية التحتية وتنمية العنصر البشري، بما يكفل ديمومة هذه المكاسب بعد إسدال الستار على الحدث الرياضي، ويحقق توزيعًا عادلًا لثمار التنمية، فضلًا عن توفير فرص شغل حقيقية ومستدامة للمغاربة.
الحلول والتوصيات المستقبلية لتجاوز الإخفاقات
ولكي يكون الاتحاد الاشتراكي الحزب القادر على تقديم بدائل تعيد الثقة في الفعل والمشاركة السياسيين، وتقطع مع مرحلة تكرير نفس السردية التي أدمنت عليها الحكومة والتي تحاول أن تخفي إخفاقاتها وراء تقديم أرقام يراد منها إعطاء الانطباع بأن كل شيء على ما يرام، عليه أن ينكب من الآن في إعداد تصوره للإصلاحات الهيكلية الواقعية والقابلة للتنفيذ التي من شأنها أن تُفعِّل قطار التنمية. وأن تفسح المجال لإصلاح المنظومة الضريبية بشكل عادل لتشكل إحدى الركائز الرئيسة لتحقيق تنمية مستدامة، ولتضمن توزيعًا منصفا للأعباء الضريبية ولمكافحة التهرّب الذي يستنزف موارد الدولة، مما سيتيح توجيه المداخيل نحو مشاريع تنموية في القطاعات الإنتاجية.
على الحزب أيضا أن ينكب على إعداد تصوره من أجل تبسيط الإجراءات الإدارية والحد من البيروقراطية والفساد، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وهي للإشارة خطوات ضرورية لتطوير البنية التحتية وخلق فرص شغل لمختلف فئات المجتمع.
وعلى صعيد آخر، على القوى السياسية التي يمكن أن يؤول إليها تدبير الحكومة في المرحلة المقبلة أن تعي بأن تطوير منظومة التربية والتكوين يتطلب زيادة الميزانية المخصصة للتعليم والتكوين المهني، وتحسين أوضاع الأساتذة، إلى جانب اعتماد برامج مبتكرة تضمن انسجامًا بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق الشغل المتجدّدة.
وبالتوازي، يجب اعتبار أن تعزيز القطاع الصحي أمر لا مفر منه، عبر توسيع التغطية الصحية وتوفير التجهيزات والمرافق الضرورية للمستشفيات العمومية، مع تحسين أوضاع الأطر الطبية والتمريضية، ولا سيما في المناطق النائية التي تعاني خصاصًا كبيرًا.
أخيرًا، يظل تفعيل الجهوية المتقدمة حجر الأساس لتحقيق تنمية شاملة؛ إذ يتيح توزيع المشاريع التنموية بشكل متوازن على مختلف الجهات، ويعزز العدالة الاجتماعية، ما يُسهم في تقليص الفوارق المجالية والارتقاء بمستوى الاندماج الاقتصادي والاجتماعي على الصعيد الوطني.
بين تقييم الحصيلة وانتظار استحقاقات جديدة
تُظهر القراءة الموضوعية للحصيلة الحكومية وجود فجوة عميقة بين وعود السلطة التنفيذية وواقع الأداء، حيث تتوالى الإخفاقات أمام تحديات اقتصادية واجتماعية تمسّ المواطن في معيشه اليومي. ومع اقتراب انتخابات 2026، تجد الأغلبية الحكومية نفسها في مواجهة مأزق حقيقي يتمثل في إقناع الجماهير ببرامجها، فيما ترتفع الأصوات المنادية بالتغيير. وإذا لم تُجرِ هذه الأغلبية إصلاحات بنيوية عاجلة تراعي خصوصيات المجتمع المغربي، فقد تفقد مصداقيتها أمام شارعٍ يطالب بعدالة اجتماعية وتنمية حقيقية، ما قد يفسح المجال لبروز بدائل سياسية أكثر جرأة.
وبالنسبة لاستضافة كأس العالم 2030، فإن نجاح التنظيم وحده لن يشكّل مكسبًا تنمويًا حقيقيًا ما لم يكن مقترنًا باستراتيجية وطنية واضحة، تحول الحدث إلى رافعة اقتصادية واجتماعية مستدامة. وفي نهاية المطاف، يتوقف المستقبل على قدرة القوى السياسية، وعلى رأسها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على بلورة رؤية إصلاحية شاملة، تستعيد ثقة المواطنين وتضع مصلحتهم في قلب أولوياتها. فالرّهان الأكبر يظلّ متمحورًا حول بناء دولة عادلة وقوية تصون كرامة العيش لجميع المغاربة وتأخذ بهم نحو آفاق تنموية أرحب.
(*)عضو اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات للحزب
الكاتب : محمد السوعلي (*) - بتاريخ : 03/02/2025