التعليم بالمغرب: عندما يعكس المسؤولون أزمات قطاعاتهم
بقلم: خديجة مشتري
قديماً قال المغاربة: «الحاجة اللي ما تشبه مولاها حرام»، واليوم نجد أنفسنا نعيش تجسيدًا عمليا لهذا المثل الشعبي مع مسؤول يتولى قطاعا حيويا يعاني من أزمات متجذرة. قطاع لا تزال تقاريره الوطنية والدولية تُظهر واقعا مخيبا، حيث يقبع في ذيل التصنيفات مقارنة ببلدان تفوقنا بكثير في الموارد المحدودة والإمكانات الاقتصادية المتواضعة.
هذا المسؤول، الذي كان ينبغي أن يمثل القدوة الأولى للمعنيين بقطاعه، يشبه تماما حال تلميذ يجد صعوبة في القراءة، يتلعثم في الإجابة، ويحتاج دائما إلى من يلقنه الإجابات أو يحرر له الواجبات المدرسية. الفرق الوحيد أن هذا التلميذ لديه أستاذ خصوصي وأبوان يسهران على دعمه، بينما المسؤول يملك موظفي ديوانه الذين يُعدّون له الردود على أسئلة برلمانيين أو صحافيين، ما يعكس غياب رؤية واضحة وإعدادا مسبقا لمواجهة تحديات الواقع.
هذا الوزير الذي ربما أن فرحته بالمنصب الجديد حجبت عنه ما ينتظره من صعوبات وامتحانات تحتاج استعدادا كاملا وأجوبة كافية وسرعة بديهة تجنبه الوقوع في مطبات السؤال ومحن الجواب وانتظارات المنتظرين المتعطشين لأرقام وأجوبة تشفي الغليل، أصبح، بدلا من ذلك، بطل مسرحية هزلية لم يراجع فيها «دوره» جيدا قبل المثول أمام جمهور يريد أداء متميزا ولم لا يكون مبهرا ولامعا لمعان «السولوفان» الذي يغلف به «حلوياته»، مما جر عليه حنق المغاربة وغضبهم وتساؤلاتهم، إذ كيف يمكن لمثل هذا المسؤول أن يقود قطاعا مهما كقطاع التربية والتعليم، وهو نفسه يتعثر في تقديم أبسط الإجابات؟ كيف نطلب من طفل أن يقرأ نصا بسهولة وهو يرى رأس القطاع يعاني في قراءة جملة، أو يجد صعوبة في التفاعل مع سؤال طفلة تتابع دراستها داخل مدرسة من مدارس وزارته، ويطلب منها أن تنتظر الإجابة كتابيا ونفس الأمر يكرره مع برلمانيي الأمة ؟
إن هذا القطاع، الذي يُعنى بصناعة مستقبل الأجيال وتكوين كفاءات الوطن، يحتاج إلى مسؤول يُدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه. مسؤول يتحلى بالوضوح والشجاعة، قادر على مواجهة المشكلات المزمنة بعقلية جديدة تعتمد على الكفاءة والتخطيط الواقعي. قطاع كهذا لا يحتمل المزيد من «العقليات القديمة» أو التهرب من المسؤولية، بل يتطلب عقلية إصلاحية جادة قادرة على التعامل مع تعقيدات الواقع بعزم وحزم.
على المسؤول الأول عن هذا القطاع أن يكون قدوة في مواجهة الصعوبات، يملك رؤية متماسكة، ويعمل بإخلاص لفهم المشكلات العميقة والعمل على حلها. ليس المطلوب أداء مسرحيا متكررا، بل التزاما حقيقيا بمستقبل التعليم، حيث يكون الحديث عن الإصلاح أكثر من مجرد شعارات براقة تُطلق في المناسبات.
لقد آن الأوان أن تتوقف «مسرحية التعثر والتلعثم»، وأن يحل محلها أداء وطني صادق يقوده مسؤولون يمتلكون رؤية واضحة ويضعون مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. المغاربة يستحقون تعليما أفضل ومسؤولين أكفاء قادرين على الارتقاء بهذا القطاع الحيوي إلى المكانة التي يستحقها. فهل نجد في المستقبل من يملك الجرأة لمواجهة هذا التحدي؟ أم سنظل ندور في دوامة الوعود الزائفة وعقلية «سير حتى تجي»؟
الكاتب : بقلم: خديجة مشتري - بتاريخ : 29/11/2024