التعيين الجديد «لوزير خارجية» الجبهة الانفصالية: تكريس للتفرد بالقرار وفضح للتخبط الداخلي

مشيج القرقري
أصدر إبراهيم غالي مرسوما يقضي بتعيين محمد يسلم بيسط «وزيرًا لخارجية» الجبهة الانفصالية، خلفًا لمحمد سيداتي، المسؤول السابق وأحد أبرز الوجوه داخل التنظيم، والذي تم نقله إلى منصب «سفير» بدون سفارة، ممثلا للجبهة في المملكة المتحدة.
ويُنظر إلى هذا التعيين من قبل المتابعين باعتباره إبعادًا سياسيًا مقنعًا لسيداتي، في وقت لم تعد فيه بريطانيا تقدم تقييما جديدا لمقاربتها لملف النزاع المفتعل، خاصة مع اقترابها من إعلان موقفها المؤيد للمقترح المغربي للحكم الذاتي.
محمد يسلم بيسط، الذي شغل سابقًا منصب «سفير» الجبهة في جنوب إفريقيا، وهي إحدى آخر الحاضنات التقليدية لأطروحة الانفصال، كان قد أضيف إلى مهامه مؤخرًا تمثيل الجبهة لدى مملكة ليسوتو، ما يعكس محاولة غالي ترسيخ وجوه من الصقور الموالين له في مواقع القرار الخارجي، وسط حالة من التذمر والصراع الصامت داخل الجهاز «الدبلوماسي» للجبهة، علما أن مسار الجبهة الانفصالية حافل بالتوترات والانقسامات، إذ سبق لموقع «الجزائر تايمز» أن كشف سنة 2009 عن فرض الإقامة الجبرية على خمسة من كبار قادة البوليساريو في ثكنات تابعة للجيش الجزائري بتندوف، بعد التحاق أحمد ولد سويلم، أحد المؤسسين للجبهة ومستشار الرئاسة حينها، بالمغرب.
ووفقًا لمصادر الموقع آنذاك، فإن من بين القادة الذين شملتهم تلك الإجراءات محمد يسلم بيسط نفسه، إلى جانب البشير مصطفى السيد وآخرين، ممن اشتُبه في نيتهم مغادرة المخيمات نحو المغرب عبر موريتانيا، ما أثار موجة استنفار داخل القيادة العسكرية الجزائرية.
وقد قوبل التعيين الجديد بفتور شديد، ومواقف تعكس بوضوح حالة الانقسام والتجاذب داخل صفوف ما يسمى «الخارجية الصحراوية».
ففي حين فضل أبي بشرايا البشير، الذي لم يعد يعتبر نفسه ممثلا للجبهة الانفصالية لدى الاتحاد الأوروبي، نشر تدوينة على منصة «إكس» تشيد بمسؤول سابق هو أحمد البخاري والذي وصفه «بفارس الديبلوماسية الصحراوية»، في تبخيس واضح للتعيين الجديد ودون أي إشارة له، لزم محمد عبد الله العربي، «ممثل» الجبهة في إسبانيا، الصمت بدوره، أما بقية «ممثلي» الجبهة في الخارج، فقد آثروا تجاهل القرار بالكامل، ما يكشف عن عزلة متنامية لغالي داخل أجهزته الخارجية.
والحقيقة أن هذا التعيين يعكس استفراد غالي ومحيطه الضيق بالقرار السياسي والدبلوماسي داخل الجبهة الانفصالية وبدعم من الجيش الجزائري، ومحاولة السيطرة على الأصوات المخالفة (خصوصًا بعد الانتكاسات الكبرى والاختراقات المغربية الرسمية، البرلمانية والحزبية لعدد من المحاور)، عبر توزيع المناصب وفق مبدأ الزبونية والمحاباة وضمان الولاءات.
ويأتي هذا في سياق أزمة هيكلية عميقة تعصف بالجبهة، وسط تصاعد الأصوات الرافضة لاستمرار منطق الريع والتهميش داخل المخيمات، وانغلاق أفق التسوية السياسية وتقلص عدد الصحراويين داخل المخيمات لفائدة اللاجئين من الصحراء الكبرى.
الكاتب : مشيج القرقري - بتاريخ : 09/04/2025