التهجير القسري وسياسة الاستيطان الإسرائيلية

سري القدوة

 

إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلية على تنفيذ عملية التهجير القسري لإحدى عشرة أسرة من عائلتي العواودة، وأبو الكباش في قرية حمصة الفوقا البقيعة في الأغوار الشمالية في الضفة الغربية، وذلك عبر القيام بهدم مساكنهم ومنشآتهم ومصادرة خيمهم وممتلكاتهم وبركساتهم وحظائر الأغنام التي تعود للعائلتين وتتكون من 85 فردا، تعد سياسة تهجير قسري ممتدة لسلسلة أعمال القمع التي تمارسها حكومة الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني وحرمانهم من حقوقهم والتدخل في شؤونهم ومنعهم من ممارسة أبسط أشكال الحياة .
وتنطوي هذه الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال العسكري الاسرائيلي ضمن الجرائم الدولية الكبرى وعمليات الارهاب المنظم من قبل جيش الاحتلال الذي مازال يمارس مخططات التطهير العرقي لأصحاب الأرض الأصليين والعمل على مصادرة أراضيهم وتقديمها مجانا لصالح قيام المستوطنات الاسرائيلية وتمددها بداخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يسعى إلى سرقة المزيد من الاراضي لصالح مشاريع الاستيطان التي تصادر الحقوق وتنهب الارض الفلسطينية .
الانتهاكات الاسرائيلية المتصاعدة في الأرض الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية المحتلة تتواصل بشكل مكثف حيث تصعد سلطات الاحتلال من عدوانها الشامل على الشعب الفلسطيني وتواصل حكومة الاحتلال بناء المستعمرات وترتكب جرائمها واعتداءاتها المتواصلة على الشعب الفلسطيني وحقوقه، والتي تهدف جميعها إلى ضم أكبر جزء من أرض دولة فلسطين، وأعمال الهدم والتدمير والتهجير القسري والتي كان آخرها، إقدام قوات الاحتلال على هدم خربة حمصة الفوقا في الاغوار الشمالية للمرة الثانية، واقتلاع آلاف الأشجار الحرجية وأشجار الزيتون في منطقة عينون في محافظ طوباس بالضفة الغربية .
استمرار سياسة بناء المستوطنات في الضفة الغربية يعد خرقا للقانون الدولي الانساني الذي ينص على القوانين والنظم المتبعة في أوقات الحرب والاحتلال، بل ويعد هذا ايضا خرقا لحقوق الانسان المتعارف عليها ويمس بحقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في القانون الدولي فيما يخص حقوق الانسان من بين الحقوق المنتهكة، الحق بتقرير المصير، حق المساواة، حق الملكية، الحق لمستوى لائق للحياة وحق حرية التنقل .
وفي ظل ذلك، لا بد من مواصلة العمل المشترك لإطلاق العملية السياسية ذات المصداقية وفق المرجعيات الدولية وأهمية أن تلتئم اللجنة الرباعية الدولية مجددا وتأخذ دورها في التأكيد على ضرورة حل القضية الفلسطينية استنادا لقرارات الشرعية الدولية والعودة للمفاوضات، وأهمية الجهود الدولية بما فيها المجموعة الرباعية الأوروبية العربية لدفع جهود استئناف مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية وضرورة وقف هذه الجرائم، وعدم استمرار المجتمع الدولي باستخدام سياسته المألوفة الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بحياة المواطنين الفلسطينيين وحقوقهم ومصادرة أراضيهم، وضرورة العمل على توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة وتفعيل مسار المساءلة والمحاسبة للاحتلال على انتهاكاته الجسيمة للقانون والشرعية الدولية .
المجتمع الدولي مطالب بالتدخل وتوفير الحماية للمواطنين في القرى والبلدات والمدن التي تتعرض لأوسع عملية هدم لمساكنهم ومصادرة لأراضيهم، وفي ظل ما يجري من ممارسات أصبحت الإدارة الأمريكية الجديدة مطالبة بالعمل الفوري لترجمة أقوالها إلى أفعال والتدخل لوقف هذه المخططات والعمل على حماية حل الدولتين من خطر الاستيطان، وتنفيذ القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2334 الذي يدين الاستيطان ويدعو إلى وقفه وأهمية العمل مع المجتمع الدولي من اجل إحياء عملية السلام ضمن مسار سياسي جدي يستند إلى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومرجعيات عملية السلام بما فيها مبادرة السلام العربية.

*رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب : سري القدوة - بتاريخ : 09/02/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *