السؤال عن البعد المعرفي وليس عن الوثنية السياسية؟؟؟

عبد الله راكز

1/ في الوضع العربي/الإسلامي راهنيا:
لايجب ولاينبغي التمييز، إلى حد ما، بين تحليل سياسي وآخر فلسفي للوضع العربي الإسلامي، يعني في هذا الكل نوع من التمايز…نقصد بالتحليل السياسي، الذي يكتفي بالرجوع إلى أربعين سنة مثلا في تحليل الظاهرة. في علم التاريخ مثلا، فإن برودل لديه مصطلحه المعروف للمدة الطويلة للتاريخ .هناك – من دون شك- مشاكل في المجتمع الراهن(قابلة لمنطق الاصطراع؟) ..وعليه، لايمكن بالتالي أن نفهم إذا رجعنا ثلاثين أو أربعين أو حتى مائة سنة، لأنه يتحتم علينا الرجوع، كما يرى برودل، إلى المدة الطويلة للتاريخ أي 800 سنة.
الأهم في اعتقادي هو التالي:
حاول حسن حنفي(وهو منظر إسلامي وعضو في معهد اللغة العربية) أن يرجع في محاولته للتشخيص، إلى مرحلة السلجوقيين، وقال بهذا الصدد: إن مشكلتنا ومصيبتنا بدأت منذ حديث الفرقة الناجية. كل واحد يعتبر نفسه يمثل الفرقة الناجية والباقون في الضلال…ثم يتساءل ضمن(منطقه) عن سبب رفضنا المعاصر للديموقراطية ولحق الاختلاف وللتعددية السياسية، فيما يجزم بأنه لن يعود في جذوره إلى الماضي. والحق، فإن حسن حنفي قد عاد، دون أن يدري، ثلاثمائة سنة إلى الوراء وإلى جذوره العامّة!!
ونحن من جهتنا نتساءل: أفكلما تعاقبت الحكومات تكررت آلية القمع نفسها؟
وتوافق السلطات بشكل مطلق وعملها من خارج المجتمع……ترى هل يمكن أن تكون آلية القمع أو جذوره قديمة في التاريخ(ما يقع الآن بالمغرب مثل مصغر؟) يمكن أن نضطر إلى أن نتعمق في التاريخ، فإذا ما قارنا بيننا وبين الأوروبيين، فإن المفكرين الأوروبيين أيضا عندما شكلوا ما يسمى بالدولة الحديثة والديموقراطية والحرية، كان أول مافعلوه أنهم دخلوا في صراع مرير مع تراثهم. واجهوه…ديدرو من عائلة مسيحية وكان أخوه كاهنا، أما فولتير فقد كان من عائلة كاثوليكية ومونتيسكيو أيضا.
2/ في المشروعية الحديثة ومقتضياتها:
كان الفرنسيون في فرنسا الملكية القديمة قبل الثورة موافقين على المشروعية الكاثوليكية على الملك.وعندما حدث التنوير وحدثت الثورة الفرنسية وتأسس النظام الديموقراطي وأعلنت مبادئ حقوق الإنسان، حصلت قطيعة وصارت هناك مشروعية جديدة، مشروعية تشمل كل المواطنين…يعني أصبحت المواطنة بهذا المعنى ليست حكرا على الفرنسيين الكاثوليك رغم أنهم يشكلون 95/% من سكان فرنسا، وانما للبروتستانس أيضا، بل حتى اليهود أصبحوا مواطنين فرنسيين بالدرجة نفسها مع إخوانهم الكاثوليك…
وإذن، فلقد توسع مفهوم المواطنة من المشروعية التقليدية إلى المشروعية الحديثة، وهو ما أتاح ترسيخ مفهوم المواطنة هذا بالمعنى الحديث للكلمة. ترى هل تستطيع مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لا نقول فورا، لأن هذه النقلة كما نعلم استغرقت قرنا ونصفا، الانتقال من مشروعية قديمة إلى مشروعية جديدة؟؟ ترى هل تستطيع مجتمعاتنا العربية والإسلامية أن تتحاشى هذه المشكليات إذا ما أرادت ذلك فعلا؟؟
إن التركيز على مفهوم المواطنة والتساوي لجميع المواطنين أمام القانون وأمام مؤسسات الدولة الحديثة..، وعندما يتشكل، لا يخشى وبداهة، على المجتمع أو الدولة من أي هبة ريح أو أية محاولة لتفتيت المجتمع، على كل يقتضي الأمر صيرورة طويلة جدا، لابأس.

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 30/03/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *