السياسة أخلاق قبل كل شيء

عائشة زكري

 

الاتحاد الاشتراكي حزب ناضل ومازال يناضل بشرف، لأن الذين أسسوه شرفاء، شرفاء بمبادئهم، بنضالهم بسلوكهم، بتضحياتهم، بتاريخهم. إن المناضلين والمناضلات الاتحاديين والاتحاديات أناس لا يتصفون بالخداع، ولا يمارسون النفاق أو الخيانة. إنهم إذا عاهدوا وفوا. ووزير العدل السيد محمد بنعبد القادر ابن الدار ، تربى في أحضان الشبيبة الاتحادية وفي أحضان المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، يشهد له بنزاهته واستقامته وحبه للوطن، ولذلك تعامل مع أعضاء الحكومة بكل مسؤولية واحترام. وحينما قام بصياغة مشروع القانون 22-20 سلك الطريق والمنهجية المتبعة عادة في إنجاز مثل هذه المهام، فبعد مصادقة أعضاء الحكومة عليه كون لجنتين: الأولى تقنية، والثانية كلفت بصياغة الملاحظات الممكنة ، على أساس إرجاعها إلى اللجنة للتدارس ، لكن السيد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان قام بتسريبه ،وبطبيعية الحال سيبحث عن مبرر قانوني من داخل قانون “الحق في الحصول على المعلومة” لتغليف سلوكه هذا وإعطائه صفة الشرعية القانونية، ولأنه أحيانا تبيح عمومية أي قانون العثور على التفسير الذي يرغب فيه صاحبه مادام يخدم الأهداف التي يرغب فيها ويسعى إلى تحقيقها .
لكن ما هو واضح ولا يمكن نكرانه، أن مشروع القانون هذا كان غير مكتمل حتى كمشروع، لأنه كان ينتظر ملاحظات اللجنة لكي يصبح مشروعا بالفعل، ولذلك فالتبريرات القانونية المعتمد عليها هنا مرفوضة أصلا.
إذن ما هي أهداف هذا التسريب؟ وما هي المرامي التي سعى أصحابه إلى تحقيقها؟ بطبيعة الحال هي أهداف ومرام واضحة جلية لأبسط متتبع للشأن العام، ألا وهي النيل من حزب الاتحاد الاشتراكي الشريك في الحكومة، ومعنى هذا أن هؤلائك القوم الذين ينتمي إليهم السيد المسرب لا يمارسون السياسة بنفس الرؤية التي يمارسها بها الاتحاديون ، فالاتحادي إذا عاهد وفى، وهو حينما يكون عضوا في الحكومة لا يضع نصب عينيه سوى المصلحة العليا للوطن ، وليس المصلحة الحزبية الضيقة، ويتعامل بنوع من حسن النية،ومن الثقة،والتي من المفروض أن تكون متبادلة ، ومعنى ذلك أنه يمارس السياسة بشرف، وبأخلاق عالية، وبإخلاص للمبادئ التي تربى عليها داخل حزبه، وبدون خداع أو غدر. وبطبيعة الحال ربط السياسة بالفضيلة، ليس ضعفا بل بالعكس إنه قوة لا يدركها إلا العقلاء النزهاء.
والغريب في الأمر، أن هذه الجماعة أصبحت تتشدق بحقوق الإنسان وبحرية التعبير وحرية الرأي وبكرامة الإنسان وما شابه ذلك من الشعارات، التي ليس لهم فيها إلا الاسم فقط . في الحقيقة إنه أمر مضحك جدا. وهنا أقول لاولائك الأذكياء: هل يؤمن فعلا بحقوق الإنسان وبكرامته من يدافع عن عقوبة الإعدام ويسعى إلى حرمان الإنسان من الحق في الحياة؟ هل يؤمن فعلا بحقوق الإنسان وبحرية التعبير والرأي من يرفض إعادة قراءة النصوص الدينية بواسطة العقل وانطلاقا من معطيات العلوم الإنسانية وبشكل يفرضه تطور الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للبلاد؟ هل يؤمن فعلا بحقوق الإنسان من يرفض حقوق النساء في المساواة على جميع المستويات بما فيها المساواة في الإرث؟ هل يؤمن بحقوق الإنسان فعلا من لا يزال يؤمن بتعدد الزوجات ناسيا أو متناسيا صعوبة التعامل بالعدل المصاحب كشرط في النص الوارد في هذا المجال ؟ هل يؤمن بحقوق الإنسان من لم يستطع التغلب على نزعته الحزبية الضيقة داخل الحكومة وتعامل مع رفاقه المخالفين له في الانتماء كأعداء ، باحثا عن أية فجوة أتيحت له كيفما كان حجمها للهجوم وإعلان النار ضدهم ، وتحريض جيوشه الالكترونية لبت سموم السب والشتم بحثا عن مكاسب للربح في الانتخابات.
لا ثم لا .ليس هكذا تمارس السياسية داخل أي ائتلاف حكومي يا سيدي الزعيم ، السياسة كياسة ، السياسة أخلاق، السياسة تعقل، السياسة في إطار الائتلاف الحكومي هي أولا وقبل كل شيء صيانة الأمانة ،إنها الحفاظ على سر المجالس، وأكثر من ذلك هي الحفاظ على المصلحة العليا للوطن.
وأنتم ماذا فعلتم ؟ لقد هيجتم الرأي العام الوطني، وأفسدتم على المواطنين والمواطنات الوحدة والتضامن اللذين تكونا بشكل تلقائي في هذا الظرف العصيب لمواجهة وباء كورونا المشؤوم .
من هنا، ونظرا لكل ذلك، أدعو جميع المناضلين والمناضلات إلى تنظيم محاكمة رمزية ضد من أشعل، هذه النار الهوجاء، محاكمة تتوفر فيها كل شروط المحاكمة العادلة وذلك بطريقة رمزية مادام القانون يعطي الامتياز القضائي للسيد الوزير ورفيقه .
والهدف العام والأساسي من وراء هذه المحاكمة، هو إرجاع الحق إلى نصابه، هو إرجاع الاعتبار إلى السيد محمد بنعبد القادر السياسي الحكيم، المعروف بنزاهته ودماثة أخلاقه وهدوئه واستقامته، هو تبيان صدق وشرف عمله، هو تهدئة الأوضاع الساخنة حاليا، هو صيانة الوحدة الوطنية والإجماع الوطني من الضياع، هو الكشف عن الحقيقة، هو إرجاع الحرمة والقداسة للعمل السياسي، هو إزالة التهمة عن الاتحاد الاشتراكي ليصدق القول حقا: إن السياسة أخلاق قبل كل شيء.
إن هدف الاتحاد الاشتراكي من المشاركة في الحكومة، هو مصلحة الوطن قبل كل شيء، وليس أية مصلحة أخرى غير هذه.

الكاتب : عائشة زكري - بتاريخ : 08/05/2020