القمة العربية: البقرة والسكاكين!

زكية حادوش
انعقد، يوم 29 مارس 2017، على ضفاف البحر الميت بالأردن مؤتمر القمة العربية الثامنة والعشرين. وتضمن جدول الأعمال كالعادة التداول في مستجدات «الوطن العربي»، القضية الفلسطينية والأزمة السورية … وكذا المختلفات من أزمات ونزاعات داخلية، أو بين «الأشقاء» العرب أو بينهم وبين جيرانهم الفرس.
كالعادة حضر أغلبية الأعضاء وغاب من غاب، والغائب الأكبر كانت سوريا التي، ويا للعجب!، جُمدت عضويتها في جامعة الدول العربية منذ 2011. واسمحوا لي أن أخوض فيما لا يعنيني، لكن كيف يعقل أن تدرج «الأزمة السورية» على رأس قائمة جدول الأعمال في غياب المعني المباشر، أي الجمهورية السورية، وفي عقر الدار العربية، في حين تكون حاضرة في المفاوضات الدولية وما يسمى بالوساطات التي تجري في الديار الأجنبية برعاية أممية أو أوروبية؟
كيف يغيب أهل الشأن حين يجتمع غيرهم للحديث عنهم وربما اتخاذ قرارات تهمهم بالدرجة الأولى؟ وكما تعلمون فالغائبون دائما على خطأ كما دأب الفرنسيون وعلى القول.
أكيد أن هذا السؤال البسيط، الغبي نوعا ما، سيؤدي بي إلى سؤال آخر يتعلق بنقطة أخرى في جدول أعمال القمة، ألا وهو القضية الفلسطينية. طبعاً، لا داعي للتذكير بأن هذه النقطة تتربع منذ عقود على رأس جدول أعمال أي قمة عربية وقد أدت في الماضي إلى خلافات كبرى من قبيل تعليق عضوية مصر من جامعة الدول العربية، من 1979 إلى 1989، قبل أن ترجع الجامعة إليها. وهذا ما لخصه أحمد مطر في قصيدته «الثور والحظيرة» قائلاً: لم يرجع الثور لكن سارت وراءه الحظيرة!
كان السبب آنذاك اتفاقية كامب ديفيد، سبب يمس جوهر القضية الفلسطينية، أي العلاقة مع إسرائيل. وها هم العرب يجتمعون بعد ما يناهز أربعة عقود ليناقشوا «المصالحة» مع إسرائيل، كأنهم كانوا متخاصمين معها. لا ينقص إلا هذا، كأنهم متصالحون مع أنفسهم وأشقائهم ولم يبق سوى الصلح مع أبناء العمومة والجيران و»رائحة الشحمة في الشاقور»، أو كما كتبت في نزق الشباب «مصالحة الرقبة مع السكين».
ما عساني أقول؟ لن أكون أكثر بلاغة من سلفي الصالح «ابن خلدون» الذي كتب في الفصل الخامس والعشرين من مقدمته: «هم أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض للغلظة والأنفة وبعد الهمة والمنافسة في الرئاسة فقلما تجتمع أهواؤهم…». وقبل ذلك كتب: «هم أهل انتهاب وعيث وينتهبون ما قدروا عليه من غير مغالبة ولا ركوب خطر… ولا يذهبون إلى المزاحفة والمحاربة إلا إذا دفعوا بذلك عن أنفسهم فكل معقل أو مستصعب عليهم فهم تاركوه إلى ما يسهل عنه ولا يعرضون له.» باختصار وبدارجتنا المغربية: «حكارة»، عندما تسقط البقرة يستلون سكاكينهم!
وحتى لا أتهم بالتحيز وربما بالعنصرية ومعاداة السامية وتلفق لي تهم أخرى مثيرة للسخرية، أورد هنا، بخصوص إسرائيل كذلك، مقولة «بوب آفاكيان» الزعيم اليهودي لحزب لا يعرف الكثيرون بوجوده ولا بما تعرض له من محو، وهو الحزب الشيوعي الثوري بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث صرح: « بعد المحرقة، أسوأ شيء حصل لليهود هو دولة إسرائيل».
تهنئة لا علاقة لها بما سبق: رسميا نصبت يوم الأربعاء الماضي الحكومة «الجديدة» ببلادنا، فهنيئا لمن سيحصل على صفقة لافتات ولوحات التسمية والتشوير التي تعلق على واجهات الوزارات والوزارات المنتدبة وكتابات الدولة وتوضع في الطرق المؤدية إليها.
الكاتب : زكية حادوش - بتاريخ : 11/04/2017