المجلس الوطني – القطبية المصطنعة
عبد السلام المساوي
إن التقاطب الديمقراطي بات يتشكل اليوم من كل القوى النابعة من المجتمع، والتي تحمل مشروعا ديمقراطيا، وتناضل بالوسائل الديمقراطية لبلوغه. ولأن الأشياء تعرف بضدها، فإن التقاطب المعاكس يتشكل من القوى التي تقاوم إقامة النظام الديمقراطي، أو أنها تستعمل لتحقيق أهدافها وسائل غير ديمقراطية .
إننا نضع هذا التصنيف، ونحن نفكر في طبيعة المرحلة الانتقالية ، باعتبار أن الأهداف الممكنة في مرحلة تاريخية معينة، هي البوصلة التي نحدد بها مواقع اصطفاف كل القوى السياسية والمجتمعية. والغاية المحددة لطبيعة المرحلة الانتقالية، هي في رأينا، التمكن من تثبيت نظام مؤسساتي ديمقراطي، بكل الخصائص المتعارف عليها دوليا.
إن هذه الغاية التي يتوقف عليها تقدمنا التاريخي في مجموعه، تتقاسمها مجموعة من القوى السياسية ، تتفاوت وتختلف في منشئها، ومصالحها، وثقافتها ومواقعها الاجتماعية
وإذا كان التقاطب الديمقراطي ضرورة منطق الممارسة السياسية وتفرضها أسئلة المرحلة، فإننا نحذر من المخاطر التي تتهدد الديمقراطية ببلادنا.
من هذه المخاطر، «القطبية المصطنعة» التي تسيء إلى الممارسة الحزبية وتسيء إلى التنافس الديمقراطي.
نعم للقطبية، القطبية الحقيقية التي تنبثق موضوعيا من المجتمع وتكون استجابة لإشكالات سياسية، اقتصادية، اجتماعية وثقافية ….قطبية حزبية مؤسسة على قطبية فكرية وايديولوجية، قطبية مؤسسة على مشروعين مجتمعيين مختلفين ومتناقضين.
وما عشناه، وما لاحظناه في انتخابات 2015 و 2016، هو قطبية مصطنعة، قطبية تم خلقها والنفخ فيها في الكواليس بخلفيات ملغومة وأهداف مشبوهة ، قطبية تم تسويقها من طرف وسائل الإعلام بشكل فظيع، قطبية مصطنعة مشكلة من حزبين، صراع استعمال الدين واستعمال المال في العملية الانتخابية … تم التركيز على هذين الحزبين وتقزيم الأحزاب الوطنية الديمقراطية.
وكانت النتائج، التي نعرفها جميعا، نتائج غير معبرة وغير دالة، نتائج مصطنعة.
وكان المستفيد الأكبر من هذه القطبية المصطنعة هو حزب العدالة والتنمية، إذ وظفها في الحملة الانتخابية بعنوان المظلومية. وكان الخاسر الأكبر هو من بذل جهودا كبرى ونفخ في «الوافد الجديد»، وراهن عليه ليحتل الصدارة … وكان الخاسر الكبير هو الدولة، وكان الخاسر الأكبر هو الديمقراطية.
من هنا ونحن في افق انتخابات 2021، نحذر من تكرار السيناريو، فالقطبية المصطنعة أبانت عن فشلها، وعلينا، وعلى كل من يهمه شأن الديمقراطية ببلادنا، تفادي إعادة إنتاج الفشل وتعطيل الديمقراطية بقطبية مصطنعة بلاعبين قدامى أو جدد.
ما نطمح إليه هو قطبية حقيقية، قطبية طرفاها الأساسيان: قوى المحافظة والنكوص وقوى التغيير والحداثة،
قطبية طبيعية يفرضها منطق التاريخ والسياسة، منطق التاريخ الذي لا تحركه النيات والرغبات.
في اللقاء التواصلي للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي بمدينة الفقيه بنصالح، أشاد الأستاذ ادريس لشكر بدور جلالة الملك في إطار السياسات العامة وخاصة التوجيهية منها كعنصر أساسي في التوازن السياسي بالبلاد وضامنا لاستقراره، مذكرا بما جاء في خطاب جلالة الملك في افتتاحه للبرلمان، عندما حذرنا من مغبة المزايدات والترويج للقطبية المصطنعة، حينها يضيف الكاتب الأول، قال جلالته «أنا الضامن للتعددية السياسية بالبلد»، وهي إشارات قوية لتطوير العمل السياسي ….
وجاء في التقرير السياسي للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أمام المجلس الوطني – 29 يونيو 2019 – … في نفس السياق، فإن الطريقة المعتمدة لتقديم الدعم العمومي المالي للأحزاب السياسية، أصبحت تشكل عائقا أمام تطور وسائل عملها، وهو ما يدعو إلى التعجيل بتفعيل التوجيهات الملكية بخصوص رفع الدعم العمومي للأحزاب وتخصيص جزء منه للكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار.
إن الاتحاد الاشتراكي، سيدافع عن ضرورة إعادة النظر في آليات تمويل الأحزاب السياسية، بما يضمن استمرار التعددية الحزبية التي أصبحت واقعا لا يستقيم معه التوجه نحو أي قطبية مصطنعة قائمة إما على استغلال الخطاب الديني أو على استغلال المال، وهما الظاهرتان اللتان ينبغي تقنينهما بشكل جيد حتى يتحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين الهيئات المتنافسة التي ينبغي أن تدافع عن برامجها بمنطق مدني وليس بخطاب ديني».
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 10/07/2019