المخيم ليس ترفا تربويا

محمد قمار

هل المخيم ترف أو مجرد لحظة عابرة في حياة الطفل؟ ومن ما انفكوا يصنفون المخيمات ضمن خانة الترف التربوي، الذي لا يشكل فضاء للترفيه، أظن أن عليهم أن يغادروا القطاع غير مأسوف عليهم.
للأسف مازلنا نؤسس لرؤية بائدة متجاوزة حول المخيمات، مازلنا عالقين في ثقافة البدايات، ولم ننخرط بعد تربويا وبيداغوجيا وإنسانيا بل وثقافيا في الزمن الكوني زمن العقلانية والقيم والتربية على تكوين الإنسان المنتج المبدع لا المستهلك.
لا نقزم دور الوزارة و الجامعة الوطنية للتخييم وطموحهما في خلق نقلة نوعية وكمية في قطاع التخييم، والقطع مع مخيمات التهريج والتطبيل، ولا نبخس مجهودات عدد من الجمعيات التي استوعبت الرهان وآمنت بضرورة التحول والتغيير من منطلق أن المخيم، ليس فضاء للتدريس والتعليم، لكنه فضاء لبناء الطفل وتشبعه بقيم الحرية المسؤولة وغرس بذرة الإبداع عبر المناشط المتعددة، واستثمار كل الوضعيات الطارئة لتمرير القيم وخلق جو الثقة والأمان لصناعة جيل شجاع قادر على المبادرة والتحقق والمساهمة كفرد ضمن مجموعة داخل مشروعين: مشروع الفرقة…. ومشروع المخيم.
لم تعد المهمة سهلة…بل غدت مركبة وصعبة، وأول رهاناتها الوعي بما نريد تحقيقه في مخيم ما وتحويله إلى مشروع قابل للتنفيذ عقلاني يكون فيه الطفولة مركز التخطيط والتنفيذ والتعديل.
طبعا المخيم ليس دوره بناء المهارات الفنية والمسرحية والرياضية، بل دوره أن يحول كل نشاط فني ورياضي وثقافي واجتماعي إلى وضعية لترسيخ المبادرة والحرية والحوار والتواصل وإصلاح النفسية من خجل وعزلة وخوف… دور المخيم هو تنقية الوجدان من التردد والتوجس والعقل من الجمود.
كيف يتحقق ذلك…؟
من الصعب جدا الحديث عن الدمج- ومن الخطأ القول الإدماج- لأن الدمج يعني أن تتكيف المخيمات مع الهمم وخصوصياتهم نفسيا وعقليا وحسيا وحركيا ليكونوا مع الأطفال الآخرين… لا أن يكونوا في مخيمات خاصة بهم… هذا هو الدمج… كمصطلح أممي وتربوي…
الرهان… هو فتح النقاش حول أي مخيم نريد…؟
وحين نحدد مواصفاته… سنكون قادرين على بناء منظومة للتكوين الأساسي والمستمر واضحة المدخلات والمخرجات، وفي السياق ذاته… علينا أن نعترف أن الدمج يحتاج مجتمعا متنوعا تحت رعاية أطر مؤهلة… فهل نرفع التحدي….؟

الكاتب : محمد قمار - بتاريخ : 09/09/2023

التعليقات مغلقة.