النقابة الوطنية للتعليم fdt وضوح وشجاعة لاستشراف المستقبل

نورالدين بن داود

لقد اختارت النقابة الوطنية للتعليم الخروج من دائرة التمويه والغموض، في تحديد علاقتها النقابية بالسياسي، هذا الأمر الذي تطلب شجاعة كبيرة غير موجودة لدى باقي النقابات التي تنكر وليّها الداعم من وراء الستار، في مشهد أقرب لذلك الرجل الذي يتنكر لأمه أمام الناس نهارا، وبينما يعود لحضنها حين يسود الليل وتصبح معه رؤية الابن يتسلل لبيت أمه غير ممكنة، إنه مشهد يختزل كل درجات النفاق والانفصام والاحتقار لمنخرطي هذه النقابات والتذاكي عليهم بل واستغبائهم.
إن الاختيار الذي أقدمت عليه قيادة النقابة الوطنية للتعليم بدعم من قواعدها، من خلال المساهمة في عقد المؤتمر الوطني للقطاع الاتحادي هو انتصار للوضوح ضد الغموض، وللحقيقة ضد الافتراءات والمغالطات، من منطلق أن النضال من أجل المدرسة العمومية وصون كرامة نساء ورجال التعليم ومكتسباتهم التاريخية يمر بالضرورة عبر تأطيرهم وتأطير قياداتهم بفكر تقدمي حداثي وديمقراطي، إيمانا أن لا فعل نضالي دون محرك فكري ونظري منتج للأفكار والحلول والمقترحات وفق الآليات القانونية والدستورية، إن التعليقات التي أطلقها بعض الإخوة يمكن تأطيرها في إطار الحرب القذرة التي تعتمد على التضليل والسفسطة، وتسويق أفكار مغلوطة لا تنطلق من الواقع، لأنهم ينسون أنهم ينطلقون من واقعهم التنظيمي لا شعوريا، هذا الواقع يغيب عنه النقاش الداخلي، لأن العقيدة التنظيمية التي تسود عندهم لا تعتمد على التبعية للسياسي فحسب بل تتجاوزه لسيادة منطق الزاوية حيث لا سيادة إلا للشيخ مهما بلغ سنه وعمره.
إن هذا الخيار المطروح منذ التأسيس لدى النقابة الوطنية للتعليم أصبحت الحاجة إليه اليوم ضرورة لاعتبارات عدة، أهمها ظهور خصاص كبير لدى الشغيلة التعليمية في التأطير النقابي والسياسي، ومدى حاجتها إلى فكر سياسي وتأطير تنظيمي لتجويد ممارساتها النقابية، والتي أصبحت عبارة عن ردات فعل غير محسوبة مما يجعلها أقرب للانتفاضات عوض أن تكون فعلا احتجاجيا مؤطرا متحكما في نتائجه ومخرجاته بما يعود على الشغيلة التعليمية بالمكاسب وصون الحقوق، ولعل سيرورة معركة النظام الأساسي أظهرت الحاجة للوعي السياسي، والحاجة كذلك لتحالفات طبيعية معلنة بين النقابات والأحزاب السياسية بمنطق ما يسمى تحالفات هيئات الضغط.
على الإخوة في باقي التنظيمات الذين ينشرون الباطل ويرمون الحجارة، ألا ينسوا أن بيتهم من زجاج قبل استهداف بيوت الناس، وأن يعلموا كذلك أن الممارسة النقابية ما هي إلا مقدمة للعمل الحزبي المستمر، حسب ما ذكره لينين، وأختم ملاحظتي بتوجيه رسالة إلى أصحاب النفوس الحاسدة:
“نعيب الناس والعيب فينا وما للناس عيب سوانا.”

الكاتب : نورالدين بن داود - بتاريخ : 16/05/2024

التعليقات مغلقة.