توفير الحياة الكريمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان

سري القدوة

في ضوء ما يجري من مواقف متشابكة تتعلق بطيعة الحياة بداخل المخيمات الفلسطينية في لبنان حيث يعاني اللاجئون الفلسطينيون من أزمة بطالة مستشرية بين جميع الفئات العمرية، ووفقا لوكالة الأونروا في تقرير لها لعام 2019، يعاني حوالي 36% من الشباب الفلسطيني من أزمة البطالة، ليرتفع هذا المعدل إلى 57% بين اللاجئين الفلسطينيين، ويعيش 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا، في 12 مخيما و156 تجمعا فلسطينيا بمحافظات لبنان؛ وإنه وفقا للقوانين الدولية التي تؤكد بأن وضع الفلسطينيين في لبنان هم بالأساس يحملون صفة لاجئين وليس مقيمين بشكل طبيعي أو قدموا إلى لبنان بهدف العمل؛ وإنه وفقا للقرارات الدولية، فإن الأمم المتحدة والأونروا مطالبين بالعمل على رعاية حياتهم وظروفهم المعيشية وفقا للقانون الدولي، وبالتالي لا بد من اتخاذ موقف بالضغط على الحكومة اللبنانية للتراجع عن قرار إجازة العمل وتوفير الحياة الكريمة للاجئين في لبنان.
إن معالجة الأزمة يتم عن طريق الحوار، والمطلوب ليس بالصعب، حيث الكل يجمع أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يسعون فقط إلى توفير حياة كريمة إلى حين عودتهم إلى وطنهم، ومن هنا فإن مساندة تحركات اللاجئين بالمخيمات الفلسطينية في لبنان في إطار تحركاتهم الجماهيرية والشعبية السلمية يأتي من أجل حماية حقوقهم بالحياة الكريمة، وبات من المهم العمل من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية إطلاق سلسلة من الفعاليات الشعبية الهادفة، لحشد الرأي العام المحلي والعربي والدولي وخاصة في الساحات الأوروبية، للضغط على الحكومة اللبنانية ومؤسساتها المختلفة للاستجابة للمطالب المشروعة للعمال وأرباب العمل بوقف كل الإجراءات التي تتعارض مع مبدأ الحياة الكريمة، وتتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان والقوانين والمواثيق الدولية بما فيها حق العمل وتوفير متطلبات الحياة الإنسانية الكريمة، ورفضاً لإجراءات وزارة العمل اللبنانية بحق اللاجئين الفلسطينيين.
إن وحدة الموقف والقرار الفلسطيني الموحد ووحدة الحركة الجماهيرية للاجئين والتي أعطت مؤشرات أن الوحدة الوطنية قادرة على انتزاع الحقوق الوطنية ومجابهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، بدءاً من إنهاء الانقسام ومخاطر تصفية الحقوق المشروعة في الدولة والعودة وتقرير المصير.
إن منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل العمل الوطني والفعاليات الشعبية وأبناء الشعب الفلسطيني في لبنان يرفضون وبشكل مطلق جميع الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل اللبنانية بملاحقة أرباب العمل والعمال الفلسطينيين ومنعهم من مزاولة المهن المختلفة باعتبارهم عمالة أجنبية، بما يفتح الباب واسعاً أمام سياسة التجويع والحرمان والقهر وعدم العيش بحياة كريمةز
وتأتي هذه الإجراءات في ظل استمرار تصاعد الضغوطات الأميركية والإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في إطار ما يسمى صفقة القرن الامريكية لتصفية الحقوق الوطنية وفي مقدمتها حق العودة وتمرير مخططات التوطين والتهجير.
إننا نحيي ونثمن مواقف أبناء الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان، والتي تحركت بمسؤولية عالية، لضمان الحفاظ علي حقوقهم ومن أجل توفير حياة كريمة لهم، والتأكيد على التمسك بالحقوق الفلسطينية والإيمان المطلق بعدالة النضال الوطني المشروع، ومستعدا للتضحية والالتفاف حول القيادة الفلسطينية والتصدي لكل مؤامرات ومحاولات الشطب والاحتواء وطمس الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، وان ابناء الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان يمتلكون من الخيارات الكثير من أجل إسقاط كافة المؤامرات والمشاريع التصفوية، ومن أجل استرجاع الحقوق الفلسطينية وحمايتها، والتصدي للمؤامرة الأمريكية الكبرى وما بات يعرف بصفقة القرن الامريكية التي بدأت عمليا بالتنفيذ بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة إليها، وما تلاه من استهداف الأونروا ووقف التمويل ومحاصرة السلطة الوطنية الفلسطينية ماليا، ولاحقها مؤخرا تلك القوانين الغير مفهومة بحق ابناء الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان، وان تلك المؤامرات ستنتهي بالفشل ولا يمكن ان تنال من ارادة الشعب الفلسطيني وإصراره على نيل حقوقه الوطنية المشروعة.
إن الفلسطيني، وعلى مدار أكثر من سبعين عاما وسنوات التشرد، كان يحترم القوانين في لبنان ويلتزم بما تتخذه الحكومة اللبنانية من إجراءات ويلتزم بالقانون وبالتشريعات الحكومة اللبنانية، وهنا لا بد من مراعاة تطبيق القانون بشكل شمولي بما يضمن وقف كل أشكال التمييز والقهر والتعامل غير الإنساني، فاللاجئ الفلسطيني في لبنان يخضع للقوانين الدولية خلال تواجده في لبنان قصرا والذي عمل دوما علي أن يكون أكثر إنتاجا وفعالية وتطوير للاقتصاد اللبناني، من خلال قوة التداول وحجم الاستثمارات والمصالح الاقتصادية والمساهمات الكبيرة والملموسة للشعب الفلسطيني في كافة الميادين.
كان اللاجئ الفلسطيني دوما هو عامل استقرار، ليس فقط للاقتصاد اللبناني، وانما في كل الميادين المجتمعية والأمنية، علما أن الوجود الفلسطيني في مخيمات لبنان هو وجود مؤقت، ذلك أنه لا يوجد فلسطيني واحد علي وجه الارض يقبل التوطين مقابل حق العودة المقدس، ولا يمكن لمن كان ان يتنازل عن هذا الحق، وإنما يسعى الجميع للعيش بحياة كريمة في ظل البعد القسري عن الوطن واستمرار ظروف الحياة الصعبة بداخل المخيمات الفلسطينية، وضرورة وضع حد لإنهاء معاناة شعبنا المستمرة لأكثر من سبعين عاماً من التشريد والتهجير.
ان العمال الفلسطينيين الموجودين في لبنان منذ النكبة، هم لاجئون يجب أن يتمتعوا حسب القوانين الدولية بنفس حقوق العمل المتبعة بالنسبة للعمالة اللبنانية، كما أن تحديد وحصر المهن التي يمكن أن يعمل فيها اللاجئون الفلسطنيون ما هو ليس الا تمييز عنصري بات يستدعي العمل على الغاء مثل هذه القرارات، وبات المطلوب تطبيق قانون العمل اللبناني على جميع العمال من اللاجئين الفلسطينيين والمساواة في الحقوق الاجتماعية والعدالة الانسانية.
إننا نقدر عاليا ونثمن مواقف الحكومة اللبنانية الرسمية والشخصيات والفعاليات اللبنانية ووسائل الاعلام المتضامنة مع حقوق الشعب الفلسطيني والداعية لوقف السياسة التدميرية والتمييزية بحق اللاجئين، والتي تؤكد التماسك والدفاع عن حق الفلسطينيين في ممارسة حياتهم الطبيعية في لبنان، بما فيها الحق في العمل وإقرار حقوقهم الاجتماعية والإنسانية ورفض الممارسات العنصرية، ومراعاة الظروف الخاصة للاجئين الفلسطينيين باعتبارهم مقيمون فوق الأراضي اللبنانية بشكل قسري وهم جزء من شعب شقيق له قضية وعنوان، وليسوا أجانب.

رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب : سري القدوة - بتاريخ : 27/07/2019