رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية

محمد إنفي
تحية واحتراما وبعد، يؤسفني، السيد الرئيس، أنأ المواطن المغربي محمد إنفي (أستاذ التعليم العالي متقاعد؛ عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، أن أحدثكم عن واقعة مؤسفة غطت على الابتهاج الذي عشناه بمناسبة إعطاء جلالة الملك لانطلاقة أشغال الخط السككي فائق السرعة LGV الرابط بين القنيطرة ومراكش؛ وتزامن هذا الحدث السعيد مع الإعلان عن إطلاق برنامج مُهيكِل لتعزيز البنيات التحتية السككية في بلادنا بقيمة 96 مليار درهم.
وهذه الواقعة المؤسفة هي التي دفعتني إلى كتابة هذه الرسالة إلى سيادتكم وبواسطتكم إلى كل السادة مسؤولي المكتب الوطني للسكك الحديدية وإلى السيد وزير النقل.
وتكمن أهمية هذه الواقعة وخطورتها في كون القطار الرابط بين محطة الميناء ومطار محمد الخامس، قد عيَّش مسافري ليلة السبت-الأحد26-27 أبريل 2025 (من مغاربة وأجانب من سياح وغيرهم) على أعصابهم بعد ثمانية وأربعين ساعة فقط من الحدث السعيد الذي عشناه يوم الخميس 24 أبريل 2025. لقد صادف أن كنت من مسافري تلك الليلة رفقة فردين من عائلتي. وكنا قد أخذنا احتياطاتنا لنكون في الموعد حيث أخذنا القطار من مكناس في الساعة الخامسة والربع على أساس أن نأخذ القطار إلى المطار من الدار البيضاء مسافرين (Casa-voyageurs) في الساعة التاسعة ليلا وخمس دقائق. وصلنا إلى الدار البيضاء قبل موعد انطلاق القطار نحو المطار بوقت كاف. انتظرنا الإعلان عن توقيت الرحلة على الشاشات الموجودة في المحطة. بعد لحظات تم الإعلان عن التوقيت. وصل موعد انطلاق القطار ونحن لا زلنا ممنوعين من الدخول إلى حيث سنستقل القطار. بعد أزيد من عشرين دقيقة سمحوا لنا بالنزول إلى السكة المخصصة للمطار. وبعد لحظات، أُعلن عن تأخر القطار بخمسين دقيقة، فبدأ القلق يساور جميع المسافرين من مغاربة وأجانب المتوجهين إلى مطار محمد الخامس؛ بعد ذلك أُعلن عن تأخر آخر؛ ثم تبين، في الأخير، أن ليس هناك قطار، فتم اللجوء إلى سيارات الأجرة. وحتى هذه العملية لا أدري كيف انتهت، حيث كانت بطيئة لعدم توفر سيارات الأجرة التي كانت تصل بالوحدة وبأوقات متقطعة مع العلم أن كل سيارة لا تأخذ سوى أربعة ركاب في حين أن عدد المسافرين لم يكن قليلا، وكان من بينهم سياح لم يستوعبوا ما كان يحدث.
وحسب سائق سيارة الأجرة الذي أوصلنا (نحن الثلاثة وفتاة أخرى) إلى المطار، فإن هذه الواقعة ليست استثنائية أو معزولة. فقد أفادنا بأن هذه الحالة أصبحت شبه معتادة، خصوصا في الفترة المسائية والليلية. ومثل هذه المعضلة تشكل تهديدا مباشرا على نجاح استضافتنا لكاس أمم افريقيا الذي ستحتضنه بلادنا بعد بضعة أشهر من الآن. وإذا ما استمر هذا الإهمال، فسينعكس الأمر سلبا على كأس العالم الذي ستنظمه بلادنا بمشاركة إسبانيا والبرتغال سنة 2030؛ إذ ليس الخط فائق السرعة هو كل شيء رغم أهميته الكبيرة. فكل مشكل سيعرفه النقل، ستكون له انعكاسات سلبية على عدة قطاعات أبرزها القطاع السياحي وقطاع الصناعة التقليدية وغيرهما من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
أتمنى أن يجد هذا التنبيه الذي أملته الغيرة الوطنية قبل أي شيء آخر، آذانا صاغية فيتم تدارك النقائص التي قد تسيئ لصورة بلادنا التي جعلتها الديبلوماسية الملكية تحظى بالاحترام في محيطها الإقليمي والقاري والجهوي والدولي. لذلك، فالمسؤولية الملقاة على عاتقكم ليست بالهينة، ودوركم أن تصونوا هذه المسؤولية حتى تحفظوا للوطن، في مجال النقل السككي، هيبته ووضعه الاعتباري بين الدول والأمم.
وتقبلوا، السيد الرئيس، فائق الاحترام والتقدير.
الكاتب : محمد إنفي - بتاريخ : 01/05/2025