سياسة الصمت الحكومي في مواجهة أزمات الشباب المغربي
سماح غزوني
أحداث الهجرة الجماعية في الفنيدق نموذجا
في تطور مثير للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المغرب، شهدت مدينة الفنيدق يوم 15 شتنبر 2024 موجة هجرة جماعية جديدة للشباب المغربي نحو أوروبا. هذا الحدث الذي هز الرأي العام يكشف عن واقع مأساوي تعيشه المدينة وسكانها، في ظل صمت غير مبرر من الحكومة المغربية، التي تلتزم الصمت أمام تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع شبابها نحو الهجرة غير الشرعية.
غياب الحلول والفراغ الحكومي
ليس هروب هؤلاء الشباب إلا تعبيرًا صارخًا عن حالة اليأس التي يعيشونها نتيجة غياب فرص العمل وتدهور الظروف المعيشية، وهو ما تعكسه مؤشرات الفقر والبطالة في كل مرة. فمدينة الفنيدق، التي كانت تعيش في السابق على التهريب المعيشي بفضل قربها من سبتة، وجدت نفسها في حالة اختناق اقتصادي بعد إغلاق الحدود بشكل شبه دائم بين المدينتين.
ومع هذا الإغلاق، تفاقمت البطالة وازدادت معدلات الفقر، ما جعل الشباب المغربي يبحث عن مخرج يائس عبر الهجرة غير الشرعية بمختلف طرقها وأنواعها.
لكن اللافت في هذه المعضلة هو أن الحكومة المغربية لم تتخذ أي خطوات ملموسة أو واضحة لحل هذه الأزمات المتفاقمة.
بل، على العكس، استمرت الحكومة في تجاهل الدعوات المتكررة من المجتمع المدني، والناشطين لتحمل مسؤولياتها وتقديم حلول تنموية تنقذ هؤلاء الشباب من المصير المجهول الذي ينتظرهم في عرض البحر.
الهجرة كخيار أخير
وبالرجوع للواقع الذي تعيشه مدن الشمال المغربي، يتضح أن الهجرة أصبحت الخيار الأخير بالنسبة لشباب الفنيدق كعينة من شباب المجتمع المغربي برمته، رغم المخاطر الجسيمة التي ترافق هذه الرحلات. فقد شهدت المدينة في الأشهر الماضية تكرارًا لعمليات الهجرة الجماعية، حيث يغامر مئات الشباب بحياتهم، على متن قوارب متهالكة، في محاولة للوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط، بل الأكثر من ذلك منهم من يحاول عبور الحدود سباحة على أمل تحقيق حياة أفضل.
ورغم التدخلات الأمنية المتكررة لمحاولة الحد من هذه الظاهرة، إلا أن استمرارها يعكس فشل السياسات الحكومية في معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع هؤلاء الشباب للهروب.
سياسات صامتة أمام مطالب الشباب
إن صمت الحكومة المغربية تجاه هذه الأزمات أصبح مصدر قلق واستياء واسع في أوساط المجتمع المغربي. فبدلاً من مواجهة التحديات بتقديم برامج تنموية شاملة وإيجاد حلول ملموسة للشباب، تختار الحكومة التزام الصمت والتعامل مع الأزمة وكأنها قضية هامشية، بل ويرقص أعضاؤها على أهات و آلام عائلات هؤلاء المهاجرين.
هذا الصمت الحكومي يفسره البعض كجزء من استراتيجية هدر الزمن دون اتخاذ إجراءات فعلية، في حين يعتبره آخرون دليلاً على غياب رؤية واضحة للتنمية والتشغيل في البلاد.
وختاما نحدد التأكيد على أن أحداث الهجرة الجماعية من الفنيدق في 15 شتنبر 2024 شكلت مؤشرًا قويا وواضحا على أزمة أعمق يعيشها المغرب، أزمة تتطلب استجابة عاجلة وفعالة من الحكومة. فالصمت لم يعد حلاً، والشباب المغربي بحاجة إلى برامج حقيقية تمنحه الأمل في مستقبل أفضل داخل وطنه، ولم يعد بحاجة لشعارات واهية لا تؤمن له حتى متطلبات العيش الكريم.
الكاتب : سماح غزوني - بتاريخ : 28/09/2024