في الأرضية التوجيهية للنقاش الاتحادي حول تدبير الوضعية الراهنة :«المرأة عنوان الحداثة »

صابرين المساوي

” ليس من حل إلا أن نعيش زماننا وأن نتوجه نحو المستقبل …”
” إن التصور الذي نقترحه لإرساء نموذج تنموي جديد ، من موقعنا كحزب تقدمي حداثي ينتصر لمبادئ وقيم الحرية والعدالة والمساواة والتضامن “…
1- الفضاء العقلي والإنساني للاشتراكية والحداثة:
يؤمن الاتحاد الاشتراكي بأن الاشتراكية الديموقراطية هي البديل الضروري لمعالجة الاختلالات الاجتماعية، وإحدى مداخل الحداثة واستدراك التأخر التاريخي، فالاشتراكية ترتبط بالفضاء العقلي للحداثة، ومن هنا، آمن الاتحاد الاشتراكي ، بضرورة تحيين الاشتراكية كمثال بفك ارتباطها بنماذج معينة وبالحفاظ على الشحنة الفكرية التي قامت عليها، أي التشبث بالأرضية الحداثية الثقافية للاشتراكية وخلفياتها الفلسفية .
يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ إدريس لشكر :”إذا كنا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد حسمنا منذ عقود خلت في سؤال هويتنا، واعتبرنا أننا حزب يساري وطني، واشتراكي ديموقراطي، يتميز بتنوع روافده التأسيسية، ويجسد استمرارا لحركة التحرير الشعبية، فإننا في نفس الآن، كنا نعود من حين لآخر في بعض محطاتنا التنظيمية وكلما دعت الضرورة إلى ذلك ، من أجل تدقيق بعض الجوانب المتعلقة بهويتنا السياسية، ولتفويت الفرصة أيضا على بعض محاولات التشويش، والتعتيم ، وخلط الأوراق في المشهد الحزبي ببلادنا ” .
الاتحاد الاشتراكي قوة دفع تقدمية، يسارية اجتماعية – ديموقراطية تروم إصلاح وتطوير الأوضاع، والمساهمة في رسم خطوط المستقبل، ومناط تحول في المجالات كافة، السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية…
وإذا كان الاتحاد الاشتراكي أداة إصلاح وتغيير في الحاضر ومناط تطوير وتحديث في المستقبل ، فإن قدراته السياسية والفكرية على التكيف والرؤية البعيدة ، ومؤهلاته النضالية والميدانية ، لتجعل منه قوة فاعلة في حاضر البلاد ومستقبلها ، كما كان وقود نضال وتغيير في الماضي البعيد والقريب .
إن الاتحاد الاشتراكي هو القوة المجتمعية الأكثر انفتاحا وتأهلا للمساهمة بفعالية، في إنجاز الأوراش الإصلاحية ، على قاعدة الجدلية الحية القائمة بين الإصلاح والإستقرار، في إطار مجتمع متماسك، متضامن ومتطور.
وفي هذا السياق الذي تحكمه إرادة المبادرة، لا إنهزامية الانكفاء، تندرج الأرضية التوجيهية للكاتب الأول لحزب للاتحاد الاشتراكي .
ولسنا في حاجة إلى تذكير دعاة التشكيك في القدرة اللامحدودة للاتحاد الاشتراكي على احتواء وتجاوز كل الكبوات النضالية، عبر مساره النضالي الطويل، وعلى كفاءته العالية في التكيف الإيجابي والمنتج، مع حقائق البلاد، ومع مستجدات محيطها القريب والبعيد.
إن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني، المتشبع بهويته التقدمية، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية، حداثية ، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد، عبر مراهنتها المتبصرة ، السياسية والتنظيمية ، على دور الشباب ، ودور المرأة ، ودور الأطر الوطنية ، ودور القوى المنتجة في البلاد في استيعاب التحولات الإنتاجية الجارية، واستدماج الثورات التكنولوجية المتواصلة.
2- المرأة رافعة التنمية:
ومن منظور اشتراكي ديموقراطي، خصت الأرضية التوجيهية للمرأة مكانة محورية ، وسجلت بوعي معاناة المرأة مع العقلية الذكورية ، التي تعرقل أي تقدم في ما يخص حقوقها ومكانتها داخل المجتمع …من هنا تؤكد الوثيقة ؛ أنه لا مجال للحديث عن التنمية والتقدم بدون تمكين المرأة من حقوقها ومكانتها انطلاقا من قيم المساواة الشاملة وتحقيق شروط الدمج الكلي لها في كل مناحي الحياة المجتمعية والاقتصادية والسياسية .
نقرأ في الأرضية التوجيهية: ” إن المجتمعات العقلانية والحداثية والمتضامنة هي التي أبانت عن قدرة كبيرة في التعامل مع هذه الجائحة وتبعاتها . لذلك فإقامة مجتمع حداثي ، عقلاني ومسؤول يتسع لجميع الطاقات أمر حيوي بالنسبة لبلادنا والشيء الذي يقتضي من جملة ما يقتضيه، ترسيخ المناصفة والمساواة والكرامة الإنسانية من أجل محاربة الاقصاء والتهميش وترسيخ الشعور بالانتماء لدى مختلف الفئات الاجتماعية .(….)
بعد الخروج من حالة الحجر الصحي يجب الانكباب بشكل مستعجل على مراجعة المقتضيات والقوانين التي تمس النساء بما يتناغم مع الوثيقة الدستورية خاصة الفصل 19 منها .
فليس من حل إلا أن نعيش زماننا وأن نتوجه نحو المستقبل بمساهمة كاملة من النساء اللواتي يعتبرن – كما أثبتت تجارب الدول الديموقراطية المتقدمة – فاعلا محوريا في البناء الديموقراطي وطرفا أساسيا في معادلات التنمية والرقي المجتمعي ” .
جاء في المذكرة التي قدمها الاتحاد الاشتراكي للجنة النموذج التنموي :
” إن المشروع الذي يطمح إليه المغرب المعاصر ومغرب الغد ، من وجهة نظرنا السياسية، يتمثل في إقامة مجتمع ديموقراطي ومتوازن يتسع لجميع الطاقات للمساهمة في إرساء النموذج التنموي الجديد . وهو ما يقتضي ترسيخ منظومة متماسكة أساسها المناصفة والمساواة والكرامة الإنسانية من أجل محاربة الإقصاء والتهميش وضمان الإشراك الفعلي لمختلف الفئات الاجتماعية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
إن الاتحاد الاشتراكي يؤكد على ضرورة التأويل المنفتح والحداثي للمقتضيات والقوانين المؤطرة لمجتمع المساواة والمناصفة وتكافؤ الفرص بوصفه الإطار المجتمعي المتسع للجميع والضامن لكرامة بناته وأبنائه . وينبغي ، في هذا الصدد ، تعزيز المسار الذي اختاره المغرب حيث استطاع ، خلال العقدين الأخيرين ، أن يجعل من قضايا النهوض بأوضاع النساء جزءا لا يتجزأ من المشروع المجتمعي الشامل المتعلق بالإصلاح والمصالحة حيث تحققت مجموعة من المكتسبات الهامة التي بوأت المرأة مكانة متميزة في الفضاء العمومي . وقد تم تتويج هذا المسار النضالي باعتماد الوثيقة الدستورية ذات المقتضيات الأساسية ، وخاصة الفصل 19 ، إذ تم التنصيص على ضرورة تحقيق المساواة بين الرجال والنساء في جميع المجالات .
وعليه ، ليس من حل إلا أن نعيش زماننا وأن نتوجه نحو المستقبل بمساهمة كاملة من المرأة التي ينبغي أن تتبوأ قائمة الأولويات في النموذج التنموي الجديد …” ف ” التنمية رهينة بتحريك الثلث المعطل : الشباب والمرأة ” .

الكاتب : صابرين المساوي - بتاريخ : 02/08/2022