في الهوة وإمكان ردمها؟ حديث في الاشتراكية العربية؟؟

عبد الله راكز

 

1/ في مسيرة الكفاح العنيد:

في «الثامن عشر من برومير ولويس بونبارت» يشير ماركس إلى التالي:
«إن الناس هم الذين يصنعون تاريخهم بأنفسهم، غير أنهم لا يصنعونه كما يحلو لهم أو كما يشاؤون، فهم لايصنعونه في ظل ظروف اختاروها بأنفسهم، بل في ظروف يواجهونها مباشرة، تكون موجودة وموروثة من الماضي».
كانت(وأصبحت) الهوة الفاصلة بين الأحلام الاشتراكية والوقائع الاشتراكية (وبالعالم العربي بالتخصيص) وما زالت، هوة مؤكدة بما يكفي من الشواهد والوثائق غير القابلة للدحض، فالمسائل الأولية التي تبقى(وهي شديدة الترابط في ما بينها)، تتمركز حول السؤال التالي:
ما الذي أدى إلى خلق الهوة وهل يمكن ردمها؟ وبعبارة أخرى: هل كان الوعد الاشتراكي زائفا منذ البداية(على الأقل بالعالم العربي) أم أنه تعرض ببساطة، لعدم الوفاء والتحقيق؟؟
أعتقد أن الوعد لم يكن زائفا من البداية (وقد كان له زخم بتجربة اليمن، وتجربة الجزائر، وباقي التجارب الأخرى، بما فيها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية: الجبهتان الشعبية والديموقراطية ؟)، وتكمن القضية في عدم الوفاء بهذا الوعد، (لم نذكر تجربة المغرب لأن آفاتها، منزلقاتها، تجعلها خارج السياق المذكور).
ومما ينبغي توكيده أن هناك حتى في ظل المجتمعات الاشتراكية المشوهة جملة من الإنجازات الدالة على الطاقات العظيمة التي تنطوي عليها، فعشرات الملايين من البشر كانوا ملهمين وشديدي الإخلاص في المحاولات التي بذلوها من أجل بناء الاشتراكية على الأرض(=تجربة الحزبين الشيوعيين السوداني والسوري؟)، ثمة لحظات بطولية ومأساوية(ومنها التجربة المغربية البئيسة) في مسيرة الكفاح العنيد الطويلة التي خاضوها دفاعا عما اعتبروه تحقيقا لبعض منجزات الاشتراكية والوعد بها، أو ظلت التجربة الفعلية مقتصرة على الاخفاق الكلي والشامل لما خاض عشرات الملايين من البشر مثل هذا النضال البطولي.
ومع ذلك فإن النتيجة في المحصلة، لم تكن إلا إخفاقا واضحا. ومن الجلي الآن أن الاشتراكية إما أنها انهارت أو أنها تواجه أزمات خطيرة وعميقة.
إن السبب الكامن وراء حدوث ما حدث هو السؤال الذي سنظل بالتأكيد منكبين على مناقشته والجدل بشأنه خلال العقود المقبلة.
2/في أسباب الانهيار:

بناء على ما سبق، علينا(وهذا اعتقادي)، أن نرفض النظرية التي تقول بأن المؤامرات الخارجية هي التّفسير الوحيد لما جرى، لاشك أن التدخل الخارجي ساعد على دفع عملية الانهيار غير أنه لم يكن المذنب الرئيس، وفي المحصلة لا يبقى إلا أحد جوابين اثنين، إذا كان ما حصل قد حصل بسبب خلل يستحيل تداركه في صلب الفكر الماركسي وفي أهدافه الاشتراكية فإن الأمر قد انتهى، ويحق لنا القول: إنها «نهاية التاريخ» حسب ما يبدو في اللحظة الراهنة. أما إذا ظل جوهر الماركسية مع تطلعاتها إلى نظام اشتراكي صالحا (كما يعتقد كل المتفائلين على كثرتهم وقلة فاعليتهم)، وقادرا على عودتنا إلى التاريخ، فإن علينا أن نتجاوز ذلك الذي أدى إلى وقوع الخطأ؟؟؟

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 01/03/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *