في ما بين « تطبيق الشريعة «و» الحاكمية « من ترابط مدهش؟؟

عبد الله راكز

« يثرب الجديدة»
عند جمال باروت

 

1/ في عنفوان نص» يثرب الجديدة :
يأتي نص محمد جمال باروت، وهو أحد المفكرين الماركسيين التنويريين بسوريا(= « يثرب الجديدة « – منشورات رياض الريس. يونيو 1994) كبحث خلاق في الحركات الإسلاموية المعاصرة، بوصفه(وهذا إضافي) مشاركة خلاقة في الحوار الدائر اليوم، فهو يعكس لامحالة هموم مثقف عضوي لايركن إلى الإجابات الجاهزة والأحكام المسبقة، بل يمضي بأسئلته محللا، مفككا، محاورا وإن كان سينتهي إلى نوع من الإجابات التي تقترب، غير أن عذره في ذلك إرادة صادقة في الوصول إلى صيغة وطنية ديموقراطية تساهم في تجنب مستقبل الكارثة.

2/في عمق النص:
يتأسس نص « يثرب الجديدة « على مقولة التمييز بين خطابين يحكمان الإسلام السياسي، خطاب إخواني « معتدل» وخطاب جهادي(متطرف).وهو بذلك(=جمال باروت) يرد على العديد من دارسي الحركات الإسلاموية المعاصرة في الوطن العربي، الذين ينكرون أي فارق بينهما، ويقدم نموذجا للقائلين بعدم التمييز متمثلا بالدراسة القيمة لنصر حامد أبو زيد(=الخطاب الديني المعاصر، آلياته ومنطلقاته النظرية ).حيث في ذات السياق ، يرى أبو زيد أن « الفارق بين هذين النمطين من الخطاب فارق في الدرجة لا في النوع «، إذ لايجد « تغايرا من حيث المنطلقات الفكرية أو الآليات بينهما «.ومن هنا يؤكد «إن الخلاف هامشي وليس خلافا أساسيا، إنه خلاف حول مجال تطبيق المبدأ لا حول المبدأ ذاته «.وبذلك فإن الإختلاف ما بين الخطابين حول مسائل « التكفير» و « الحاكمية و»النص « هو اختلاف هامشي سطحي، وغاية الأمر أنه واضح معلن في خطاب المتطرفين ، كامن خفي في خطاب المعتدلين.

3/ في الأطروحة والأطروحة المضادة عند محمد جمال باروت:
شكلت أطروحة أبو زيد الإطار العام الذي يجعل من نص» يثرب الجديدة « أطروحة مضادة، تارة بشكل معلن، حيث ستكون المدخل للفصل الأول(= الخطاب الإسلاموي بين تطبيق « الشريعة» و « الحاكمية «)، أو بشكل مضمر في باقي الفصول، عندما ستتحول إلى إشكالية مركزية مفتوحة كسؤال توجه إجابات النص في صياغة أطروحاته عبر مجموع الكتاب.
الأهم هو التالي في اعتقادي:
تبدأ هذه الأطروحات بالاعتراف أن الخطاب « الجهادي « قد تكون أساسا في إطار جماعة الإخوان المسلمين، وميدانها النظري/ الحركي، غير أنه يفارقها ويغايرها في:
أنه شكل بنية نظرية/حركية مستقلة عن البنية النظرية لحركية الخطاب الإخواني، والعلاقة بين الخطابين لا تقوم على آلية « التداخل النصي « بقدر ما تقوم على « آلية القطيعة «. ومادام الخطاب الإيديولوجي الجهادي قد غدا بنية نظرية، فإن الباحث يجد نفسه مضطرا لاعتبار « القطيعة « تقترب من معناها « الابستمولوجي « (هنا تبرز أهمية الأطروحة المضادة عند محمد جمال باروت)، رغم احتياط الباحث(جمال باروت) في استخدام صيغة « الاقتراب «، لكن الأطروحة سرعان ماتحتكم إلى منطوق نظامها حتى النهاية، لتخلص إلى أن الخطاب « الجهادي» لا يتأسس مرجعيا على الخطاب الإخواني بل على مرجعية جديدة مختلفة.
4/ في القطيعة الابستمولوجية:
يفسر القطيعة المذكورة سلفا، التناقض بين الخطاب(الإخواني) بوصفه خطابا شعبويا « اشتراكيا إسلاميا « يقوم على نظرية تطبيق الشريعة، في حين أن الخطاب الجهادي خطاب «انقلابي» « ثيوقراطي».
وعليه، فإن جمال باروت يتساءل بصيغة استنكارية عن إمكانية العلاقة بين خطاب مصطفى السباعي(الإخواني) وخطاب سعيد حوى الجهادي؟ وعن أية استمرارية بين خطاب حسن الهضيبي(=دعاة لا قضاة) وخطاب شكري مصطفى أمير جماعة (التكفير والهجرة)، ومن تم رفض الهضيبي للتفكير الجهادي للسيد قطب وكتابته ضده.
سنستخلص مباشرة الآتي(في انتظار فرصة أخرى) :
شكل الخطاب الإخواني ممثلا بصوت البنا وعودة والسباعي والهضيبي، نظرية « شعبوية إسلامية» للدولة لا» تكفر» المجتمع المدني ولاترى فيه مجتمعا «جاهليا»، بينما في الخطاب» الجهادي» كما صاغه أبو الأعلى المودودي وسيد قطب ومحمد عبد السلام، فرج يكن وسعيد حوى وفتحي يكن..إلخ، فهو ينكشف في إطار النظرية « الثيوقراطية « للدولة.لاغير.

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 23/02/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *