قراءة في نتائج الانتخابات الكطلانية الأخيرة بإسبانيا

محمد اسريحن

أحد الأسباب الأساسية والرئيسية والحاسمة في فوز الحزب الاشتراكي الكطالاني في انتخابات يوم الأحد 12 ماي، المقاربة التي اشتغل عليها بيدرو سانشيز وخارطة الطريق التي اعتمدها منذ وصوله إلى الحكم وإزاحته لليمين عبر ملتمس رقابة إثر صدور أحكام قضائية تدين الحزب الشعبي وبعض زعمائه في قضايا فساد.
وقد كان أكبر تحد واجه سانشيز هو كيفية الحد من الاحتقان السياسي الكبير الذي عرفه إقليم كطالونيا آنذاك، والمخاطر الكبرى التي تحدق بالوحدة الوطنية لإسبانيا، إذ يعتبر التحدي الكطالاني من أخطر ما واجهته الدولة منذ مرحلة الانتقال الديمقراطي عقب وفاة الديكتاتور فرانكو.
إن مقاربة سانشيز كان أساسها الحوار والمصالحة والتعايش بين جميع الكطالانيين، ولم تكن طريقه مفروشة بالورود مع تصاعد هجمات اليمين واليمين المتطرف واتهامه بالتفريط في وحدة إسبانيا.
لقد اعتمد سانشيز منهج الحوار واستعمال ما تتوفر عليه الدولة من آليات دستورية وقانونية لفض هذا النزاع الخطير، والذي أدى إلى مواجهات شبه يومية وهروب عدد كبير من المقاولات والشركات ورأس المال خارج الإقليم، وذلك لانعدام الاستقرار السياسي.
إن مقاربته اختلفت جذريا عن مقاربة اليمين الذي جعل من القضاء أداة لمواجهة المد الانفصالي ما تسبب في تأزيم الأوضاع على إثر سجن قيادات الأحزاب الانفصالية وهروب عدد كبير منهم إلى الخارج.
لقد أخرج سانشيز مسألة الانفصال من القضاء إلى الوضع الطبيعي، وهو السياسة، جاعلا من قانون العفو وتغيير بعض فصول القانون الجنائي وملاءمته مع القانون الجنائي الأوروبي وسيلة لوضع حد لهذا الاحتقان ما مكن من الخروج من السجن لزعماء الانفصال، الذين نظموا استفتاء غير دستوري وغير قانوني.
إن الهدوء والاستقرار الذي عم هذا الإقليم بسبب هذه الإجراءات السياسية والقانونية لقيا ترحيبا كبيرا من طرف الكطالانيين، وما نتائج الانتخابات الأخيرة والفوز العريض للحزب الاشتراكي الكطالاني سوى تتويج لهذا المسار الذي دبره سانشيز بجدارة وشجاعة ومسؤولية مجنبا الدولة الإسبانية أخطارا حقيقية كانت تهددها.

عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي

الكاتب : محمد اسريحن - بتاريخ : 15/05/2024

التعليقات مغلقة.